زرت محافظة المنيا خلال الأيام الماضية مرتين سنحت خلالهما فرصة لقاء عددا من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، ومن بينهم محامي بعض المتهمين في القضية المعروفة اعلاميا باعتداءات مطاي التي اصدرت محكمة جنايات شمال المنيا حكمها فيها اليوم الاثنين بإعدام ٣٧ من المتهمين بعدما كانت قد أحالت أوراق 528 منهم لفضيلة مفتي الجمهورية. كذلك قابلت شقيقة أحد المتهمين المحبوسين والذي تضمنه قرار الإحالة إلى المفتي. ومن حسن الحظ قابلت أيضا بعض ضحايا الأقباط الذين تعرضوا للخطف والإجبار على دفع الإتاوات.
لم يَسْلم الفريق الطبي المصري التابع للقوات المسلحة من موجات عارمة من النقد الموجه من العلماء والباحثين عندما أعلن عن اختراعه جهازين لاكتشاف وعلاج العدوى بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي وفيروس نقص المناعة البشرية. وواجه هذا الإعلان الرسمي والبيانات التي تلته على لسان المتحدثين الرسميين وابلا من النقد اللاذع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في حين رحبت بشدة مجموعات أخرى بهذا الاختراع. ومن الغريب أننا نجد الكثيرون ممن كانوا بالأمس ينكرون وجود مرض الإيدز من الأساس في مصر، يمجدون الآن القوات المسلحة على جهاز الغرض منه شفاء مرض من المفترض أن البلاد ليس فيها من يعاني منه!
بالرغم من تصريحات النفي المتكررة من وزارة الداخلية عن وقوع أي تعذيب في السجون وأماكن الاحتجاز الأخرى أو قصر ما يحدث على أنه ممارسات فردية لبعض أفراد وضباط الشرطة، إلا أن هناك الكثير من التقارير الحقوقية والشهادات التي تؤكد استمرار التعذيب بالسجون وأماكن الاحتجاز بمصر بصورة منهجية في مناخ يساعد على الإفلات من العقاب، وهذا يرجع إلى عدم وجود إرادة سياسية لنظام الحكم في مصر لمنع جريمة التعذيب ووجود فجوات تشريعية وقانونية وممارسات عملية تؤدي إلى تفشي التعذيب وإفلات مرتكبيه من رجال السلطة العامة، من العقاب.
وسط الصراع الذي يجري الآن في مصر بين أجهزة الدولة بقيادة الحكومة المدعومة من الجيش، وبين الإخوان والتيارات الإسلامية المناصرة لهم، هناك صراع محوري جداً على المساجد ومنابرها.
* نظم "منتدى الدين والحريات" هذه الندوة في الأول من أبريل 2014 في مقر "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"
يمكنكم مشاهدة الندوة هنا
عمرو عزت ـ الباحث في "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" ـ :
مثَّلت واقعة احتجاز 31 عاملًا من عمال شركة "سيراميكا كليوباترا بـ "العين السخنة"، في أحد المواقع التابعة للجيش بالسويس يوم الأحد الموافق 3 من مارس 2014 ـ لإجبارهم على التوقيع على استقالات مقابل تعويض الفصل- فاجعةً بالنسبة إلى الكثيرين.
هذه فاجعة تُنبئ بشكل واضح عن انحيازٍ أجهزة الدولة، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية لأصحاب الأعمال، ووقوفها في مواجهة العمال بدلا من حماية حقوقهم الدستورية. يأتي هذا ونذر تشكل حكومة جديدة تضم رموزًا ارتبطت بنظام "مبارك"، وتسليم بعض أصحاب الأعمال حقائب وزارية بها، تعود بنا لفترة سوداء من تاريخ مصر جرى فيها التزاوج بين السلطة ورأس المال.
كم يبلغ عدد السجون في مصر؟ سؤال بسيط كما يبدو للوهلة الأولى، وكل ما عليك لمعرفة الإجابة هو أن تجري بحثا بسيطا علي شبكة الإنترنت، ليرد عليك الموقع الإليكتروني لقطاع مصلحة السجون، بعرض مواقع مناطق السجون التي يحددها بخمسة وعشرين منطقة للسجون بها اثنين وأربعين سجنا، والمعلومة ذاتها سيؤكدها للإعلام مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون اللواء محمد راتب، بقوله: “عدد السجون الموجودة بجميع محافظات جمهورية مصر العربية اثنان وأربعون سجنا .
دائماً ما نشهد صورة نمطية عن الباعة الجائلين تصورهم فقط كخارجين على القانون، وأن حل المشكلة يكمن في عودة الدولة القوية لبسط الأمن وإنفاذ القانون على هؤلاء البشر الذين يظنون أن الشارع هو مساحة عامة، يمكنهم النفاذ إليه دون ضابط أو رابط. يخفي هذا التصور جذور الأزمة ويعبر عن غياب حقيقي لمحاولة فهم طبيعة المشكلة في إطار رؤية اقتصادية واجتماعية أو صراع جدي وجديد على الساحة العامة أو "الفراغ العام" منذ ثورة ٢٥ يناير.
تستدعى الاستغاثات اليومية القادمة من أعداد متزايدة من المواطنين الأقباط في الصعيد بخصوص عمليات الخطف والاعتداء البدني، الذى يفضى للقتل في الكثير من الأحيان، والاستيلاء على الممتلكات والإجبار على دفع إتاوات إلى الذاكرة مشاهد مؤلمة من ذاكرة مصر الحديثة، عندما لجأ قسم من الجماعات الإسلامية المسلحة لاستهداف ممتلكات الأقباط في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي لشراء السلاح ثم استخدامه فيما بعد في استهداف حياة الأقباط أنفسهم. وهي ممارسات قد اعتقدنا أنها انتهت بلا رجعة، وأصبحت جزءاً من فصول التاريخ.
بقراءة شهادات المُودَعين بالسجون وأماكنَ الاحتجاز بمصر عن تعرضهم للتعذيب، وبمتابعة تصريحات النفي المتواصل من قيادات وزارة الداخلية، ومسئولي مصلحة السجون، لفت انتباهي ما تضمنته تلك الشهادات من حديثٍ عن أوضاع السجون وأماكن الاحتجاز، وبإلقاء نظرة على قانون السجون ولائحته التنفيذية وعلى القرارات الوزارية الصادرة، بشأن كيفية معاملة المسجونين ومعيشتهم، اتضح لي أن مجرد إيداع شخص في مثل هذه الأماكن هو تعذيب في حد ذاته، حتي ولو لم يعتدي عليه أحد وحتى وإن لم يتم كهربته ولا جلده ولا تعليقه كما يحدث.