131 مواطناً لا زالوا قيد الاحتجاز.. أفرجوا عن معتقلي التضامن مع فلسطين
بيان صحفي
على مدار عامين كاملين من العدوان الإسرائيلي والإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين بقطاع غزة، وحتى انعقاد "قمة شرم الشيخ للسلام" للاتفاق على إنهاء الحرب؛ وثقت المبادرة المصرية توقيف 200 شخصًا على الأقل والتحقيق معهم في 20 قضية أمام نيابة أمن الدولة العليا، بعدما عبروا بأشكال سلمية مختلفة عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ورفضهم الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي والتي راح ضحيتها أكثر من 68 ألفاً حسب أدنى التقديرات، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقودًا.
خلال شهر أكتوبر الجاري، أخلت النيابة سبيل 29 شخصًا موزعين على ثلاث قضايا من داعمي فلسطين، بينما لا يزال 131 رهن الحبس الاحتياطي المفتوح على ذمة 14 قضية، منهم أربعة على الأقل ألقي القبض عليهم وهم في سن الطفولة (أدنى من 18 سنة)، وشاب من ذوي الإعاقة في نهايات العقد الثاني من العمر، وسيدة مسنة تخطت الـ 67 من عمرها. ويواجه المتضامنون جميعهم اتهامات بموجب قانون مكافحة الإرهاب، بينما يواجه عدد منهم اتهامات يقرها قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 وهو القانون الذي صدر خلال فترة الاحتلال البريطاني لمصر، وما زال معمولًا به إلى الآن بالرغم من إصدار قانون التظاهر الجديد سنة 2013.
عقب اندلاع الحرب مباشرة، وتحديدًا في 18 أكتوبر 2023، صرح الرئيس السيسي في مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني بأن ملايين المصريين على استعداد للتظاهر تعبيًرًا عن رفض تهجير الفلسطينيين من غزة، وهو التصريح الذي شجع الكثيرين على التظاهر خلال الفترة ما بين 20 و 27 أكتوبر لإبداء دعمهم للقضية الفلسطينية. إلا أن قوات الأمن تجاهلت فيما يبدو تصريح رئيس الجمهورية والذي كان من الطبيعي أن يلقى تفاعلًا شعبيًا، وألقت القبض على العشرات من محافظات متفرقة، وقدمتهم متهمين لنيابة أمن الدولة لتبدأ بذلك التحقيقات في القضايا 2468 لسنة 2023، و2469 لسنة 2023، والقضية 2635 لسنة 2023. ورغم إخلاء سبيل عدد من المتهمين على ذمة القضايا المذكورة إلا أنه مازال هناك 38 شخصًا محبوسين على ذمتها منذ أكتوبر 2023، مما يعني أنهم قضوا الحد الأقصى القانوني للحبس الاحتياطي الذي حددته المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية بعامين، وبالتالي فإن الإفراج عنهم أصبح وجوبيًا.
المثير للدهشة، كان إدراج اسم السياسي المعارض، وطالب الترشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي في أبريل 2025 على ذمة القضيتين المفتوحتين منذ 2023، إذ استدعته نيابة أمن الدولة العليا من محبسه آنذاك، وقتما كان على وشك إنهاء قضاء العقوبة الصادرة بحبسه لمدة عام على ذمة القضية 2094 لسنة 2024 جنح مستأنف المطرية، المقيدة برقم 2255 لسنة 2023 حصر أمن الدولة العليا، والمعروفة إعلاميًا باسم "قضية التوكيلات الشعبية" وحققت معه قبل إخلاء سبيله على ذمة قضيتين من قضايا التضامن مع فلسطين، أولاهما القضية 2468 لسنة 2023، والقضية 2635 لسنة 2023 حصر أمن الدولة العليا، استنادًا إلى محضر تحريات صادر عن قطاع الأمن الوطني. وواجهت النيابة طنطاوي بمنشور له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بتاريخ 17 أكتوبر 2023، عبر من خلاله عن رفضه التام لتهجير الفلسطينيين في غزة، وطالب بالسماح للشعب المصري "بالتعبير عن كل صور التضامن والدعم الواجب للشعب الفلسطيني" وهو ما أكد طنطاوي أنه جاء متماشيًا مع تصريحات الرئيس السيسي.
لم يسلم المتضامنون الذين تجنبوا التظاهر، وحاولوا فقط تعليق أو رفع لافتات للتعبير عن التضامن الرمزي. شهد العام الأول من الحرب، وتحديدًا أبريل 2024، القبض على ستة أشخاص بينهم طفلين لا يزالا محبوسين في ظروف احتجاز متردية على ذمة القضية 952 لسنة 2024 حصر أمن الدولة العليا، على خلفية كتابة عبارات داعمة لفلسطين أعلى كوبري دار السلام بالقاهرة. وفي الإسكندرية ألقي القبض على شادي محمد، النقابي العمالي والعضو المؤسس في المؤتمر الدائم لعمال الإسكندرية، وخمسة شباب آخرين منخرطين في نشاط اللجنة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وذلك على خلفية رفع لافتة مكتوب عليها "فكوا حصار فلسطين وأفرجوا عن المعتقلين وافتحوا معبر رفح". مازال الستة محبوسين منذ أكثر من عام ونصف على ذمة القضية 1644 لسنة 2024 حصر أمن الدولة العليا، دون وجود مبررات قانونية حقيقية لاحتجازهم.
وشهد العام الثاني من الحرب، القبض على 20 شخصًا على الأقل في مايو 2025، وحبسهم على ذمة القضية القضية 3562 لسنة 2025، وذلك عقب تعليق بعضهم لافتات داعمة لفلسطين. وألقي القبض عليهم تباعًا، ومن بينهم سيف الدين عادل (بكالوريوس هندسة، 24 عامًا)، والمحامي سيف ممدوح والذي ألقي القبض عليه من مكتبه الواقع بالشارع نفسه الذي يقطن به سيف الدين عادل. وتجدر الإشارة إلى أن القضية تضم آخرين من أصدقاء المتهمين المشاركين في تعليق اللافتات الداعمة لفلسطين، كانوا ضمن مجموعة محادثات مغلقة (جروب) على تطبيق التواصل الاجتماعي "واتساب" دون أن يشاركوا في أي شيء أو ينخرطوا في أي فعل تضامني من الأساس.
في يونيو 2025، ألقي القبض تباعًا على 6 أشخاص من بينهم طبيبة تبلغ من العمر 67 عامًاوتعاني من قائمة من الأمراض من بينها الضغط والسكر، وأمرت نيابة أمن الدولة العليا بحبسهم جميعًا على ذمة القضية 4880 لسنة 2025، لاتهامهم بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، ودارت التحقيقات آنذاك مع المتهمين حول سبب وجودهم في مجموعة مغلقة (جروب) على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، ناقشت احتمالية انضمامهم لدعمهم "المسيرة العالمية إلى غزة" التي شكلها نشطاء وعاملون بالخدمة الصحية من دول مختلفة لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة. استجوبت النيابة بعض المتهمين بشأن القافلة وأهدافها والداعي لها، فيما أكد المتهمون أنهم التزموا بالقانون المصري ولم يقوموا بأي جريمة، فضلًا عن أنهم لم ينضموا للقافلة فعلاً، خاصة بعد عدم صدور الموافقات الأمنية بشأنها من السلطات المصرية.
الجدير بالذكر أن جميع المحبوسين على ذمة القضايا سالفة الذكر، يستمر تجديد حبسهم عبر خاصية الفيديو كونفرنس خلال جلسات روتينية أمام نيابة أمن الدولة العليا أو غرفة المشورة المنعقدة بمحكمة الجنايات بمجمع بدر الأمني، إذ لم يصدر في أى من هذه الجلسات قرار واحد بإخلاء السبيل. وأصبح حبس المتهمين يتجدد من تلقائيًا في بعض الأحيان دون النظر بشكل جاد وحقيقي في أمر المتهمين، وذلك سواء تم الاتصال بالسجن أو تعذر الاتصال، في جميع الأحوال يصدر الأمر بتجديد الحبس حتى عند غياب المتهمين عن الجلسة، دون اتصال حقيقي بين القاضي والمتهم أو المتهم ودفاعه الذي لا يتمكن من إثبات دفوعه أو التواصل مع المتهم بشكل لائق. وتؤكد المبادرة المصرية على أن أعداد المحبوسين المذكورة هي أعداد تقريبية في ظل إصدار نيابة أمن الدولة العليا قرارات إخلاء سبيل بعض المتهمين دون أن تمكن دفاعهم من معرفة القرار أو تاريخه.
تطالب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية النائب العام المستشار محمد شوقي بالإفراج الفوري عن الـ 131 محبوسًا على ذمة 14 قضية حصر أمن دولة، والذين يستمر حبسهم رغم عدم وجود ما يثبت ارتكابهم لأي جريمة ينص عليها القانون، ورغم انتفاء مبررات الحبس الاحتياطي التي تنص عليها المادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية. وتطالب المبادرة المصرية بإسقاط كافة الاتهامات التي يواجهها المتضامنون مع القضية الفلسطينية والذين وصل عددهم إلى 197 على الأقل ما بين محبوس ومُخلى سبيله على ذمة 19 قضية حصر أمن دولة. وتشدد المبادرة المصرية على أنه ليس من المنطقي توجيه اتهامات بالإرهاب لهذا العدد من المواطنين الذين لم يرتكبوا أي جريمة تمت للإرهاب بصلة، بل إن كل ما قاموا به كان استخدام حقهم الدستوري في التعبير السلمي عن رأيهم، في محاولة رمزية لدعم القضية الفلسطينية ورفض إبادة فلسطيني غزة، وهو الأمر الذي يأتي متماشيًا مع تصريحات رئيس الجمهورية الذي أكد في أكثر من مناسبة على أن مصر "مدافعة عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".



