
حملة الملاحقات الأمنية تمتد للادينيين والملحدين وأصحاب الآراء الدينية المخالفة للسائد
بيان صحفي
تدين المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حملة القبض التي تشنها الأجهزة الأمنية ضد اللادينيين والملحدين وغيرهم من أصحاب الآراء الدينية المختلفة، والتي بدأت منتصف سبتمبر الماضي ولا تزال مستمرة حتى الآن، بالمخالفة للالتزامات الدستورية بضمان وحماية حريات الدين والمعتقد والرأي والتعبير، والتي وعدت الحكومة باحترامها في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وأكدت مرارًا على كفالتها في تقاريرها المقدمة إلى الأمم المتحدة وشركائها من المانحين والمقرضين.
وثقت المبادرة المصرية خلال الأسابيع القليلة الماضية القبض على ما لا يقل عن 14 شخصًا ممن يُعتَقَد أنهم يتبنون فكرًا مغايرًا للمعتقدات الدينية السائدة، وذلك لممارستهم حقهم الدستوري في التعبير عن أفكارهم وتساؤلاتهم الفكرية عبر النشر على منصات التواصل الاجتماعي. وتعرض عدد من المقبوض عليهم للإخفاء عدة أيام قبل ظهورهم بنيابة أمن الدولة العليا التي تولت التحقيق معهم، ووجهت إليهم تهمتي الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام الدستور والقانون، والتعدي بإحدى الطرق العلنية على أحد الأديان التي تؤدى شعائرها علنًا، ثم أمرت بحبس المتهمين في القضية التي قيدت برقم 6954 لسنة 2025 حصر أمن دولة العليا. ويمثل محامو المبادرة المصرية عددًا من المحتجزين على ذمة هذه القضية.
بدأت حملة الملاحقات الأمنية يوم 13 سبتمبر 2025، بالقبض على ماجد زكريا عبد الرحمن، المعروف بـ"مفتي الإنسانية"، ولم يُمكّن من التواصل مع أسرته أو محاميه حتى ظهر في نيابة أمن الدولة بعد عشرة أيام من القبض عليه، ثم توالت عمليات القبض على أشخاص ظهروا معه في برنامجه على موقع يوتيوب أو نشروا مقاطع فيديو لهم عبر المجموعات المفتوحة أو المغلقة على فيس بوك، ومنها مجموعة " شبكة ومنتدى الملحدين العرب".
تأتي حملة الملاحقات الحالية في ضوء تزايد وتيرة الملاحقات الأمنية لمعتنقي ديانات وعقائد غير معترف بها في القانون المصري، أو أصحاب آراء مخالفة لما تتبناه المؤسسات الدينية الرسمية. ففي عام 2025 وثقت المبادرة القبض على 39 شخصًا وجهت إليهم اتهامات على ذمة ست قضايا مختلفة، من بينهم سبعة عشر من أتباع "الدين الأحمدي للسلام والنور". ورحلت السلطات المصرية لاجئًا سوريًا من المتهمين في تلك القضية ولا يزال الباقون محبوسين على ذمة التحقيقات. وجرت العادة أن تصدر قرارات الحبس بحق المتهمين بغض النظر عن طبيعة الوقائع التي بسببها ألقى القبض عليهم، ومدى انطباقها على النماذج الإجرامية الواردة في قانون العقوبات.
ووجهت الجهات الأمنية والنيابة العامة أسئلة إلى المتهمين عن طبيعة معتقداتهم الدينية ودور العبادة التي يترددون عليها ، فيما يشبه المحاكمة الدينية. كما حصلت المبادرة المصرية على إفادات عن تنظيم القائمين على أماكن الاحتجاز ندوات دينية للمقبوض عليهم. ورغم أن الوعظ الديني منصوص عليه في لائحة تنظيم السجون كإحدى طُرُق تثقيف المسجونين، تؤكد المبادرة المصرية على ضرورة عدم إجبار المسجونين بأي شكل من الأشكال على حضور هذا النوع من الأنشطة بغير إرادتهم بوصفه أحد أشكال الإكراه الديني المحظور بموجب الدستور المصري والقانون الدولي.
وتحذر المبادرة المصرية من ازدياد حالة التربص بحرية الرأي والتعبير وثيقة الصلة بممارسة الحق في حرية الاعتقاد، وهو حق مكفول لكافة المواطنين بموجب المادة 64 من الدستور التي أكدت أن "حرية الاعتقاد مُطلقة". وتشدد على ضرورة الالتزام بتعريف واسع لحرية الدين والمعتقد وفقا للمادة 18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والذي يعد جزءًا من التشريع المصري بموجب المادة 93 من الدستور، والتي تحمي الديانات التوحيدية وغير التوحيدية بل والأفكار الإلحادية، فلا يقتصر نطاق تفسيرها على الأديان السائدة فقط. كما تحظر الفقرة الثانية من المادة الإكراه الذي من شأنه أن يضر بالحق في اعتناق دين أو معتقد، بما في ذلك استخدام التهديد باستخدام القوة الجسدية أو عقوبات جزائية، لإكراه المؤمنين أو غير المؤمنين على التمسك بمعتقداتهم الدينية أو التخلي عنها.
وتطالب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالوقف الفوري لحملة الاعتقالات والملاحقة للمواطنين بسبب معتقداتهم الدينية والتعبير عنها، كما تطالب بإخلاء سبيل المقبوض عليهم مع إسقاط التهم عنهم.