
إبراهيم متولي: وقائع ظلم استثنائي لمحامٍ حقوقي بحث عن ولده
بيان صحفي
إبراهيم متولي (61 عامًا) المحامٍ ومنسق رابطة أسر المختفين قسريًا، محبوس احتياطيًا منذ ثماني سنوات دون إدانة. حُقق معه خلال هذه الفترة على ذمة ثلاث قضايا باتهامات متشابهة. في يونيو 2025 بدأت محاكمة متولي على ذمة قضيتين منهم، بينما لم تُحدد جلسة بدء محاكمته على ذمة القضية الثالثة بعد.
ألقي القبض على متولي في 10 سبتمبر 2017 من مطار القاهرة الدولي أثناء إنهائه إجراءات الخروج من المطار للسفر إلى جنيف، لحضور الدورة الـ 113 لفريق الأمم المتحدة المعني بالإخفاء القسري، والتي كان من المفترض أن تنعقد خلال الفترة من 11 إلى 15 سبتمبر، بعدما تلقى دعوة رسمية من المفوضية السامية لحقوق الإنسان عبر البريد الإلكتروني لعرض شكواه بخصوص اختفاء ابنه، وهو ما وجده فرصة للتواصل مع الحكومة المصرية لاستجلاء مصير الابن.
أوضح متولي خلال جلسات التحقيق معه في قضايا مختلفة أنه محام وأب، سعى بكل الطرق المشروعة لاستجلاء مصير نجله عمرو إبراهيم متولي، المُخفَى قسريًا منذ 8 يوليو 2013. وقال متولي للنيابة إنه لجأ إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان، والذي حثه القائمون عليه على التواصل مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة وفريقها المعني بالاختفاء القسري، وهو ما قام به بالفعل مثل آخرين.
القبض
يوم 12 أكتوبر 2019، وبعد أكثر من عامين من القبض عليه، خاطب المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون لتنفيذ قرار النيابة بإخلاء سبيل خمسة متهمين، من بينهم المحامي إبراهيم متولي، دون ضمان على ذمة القضية 900 لسنة 2017. لكن وزارة الداخلية لم تنفذ القرار، وظل متولي رهن الإخفاء القسري لمدة 20 يومًا، قدمت أسرته خلالها عدة بلاغات بشأن عدم تنفيذ قرار إخلاء السبيل، وانقطاع التواصل معه وإخفائه قسريًا (ملحق 1). وفي 5 نوفمبر 2019 ظهر متولي أمام نيابة أمن الدولة العليا بالقاهرة الجديدة التي حققت معه في القضية 1470 لسنة 2019 للمرة الأولى والأخيرة.
تدعي الأوراق الرسمية أن متولي ألقي القبض عليه على ذمة هذه القضية الجديدة من منزله بمحافظة كفر الشيخ يوم 5 نوفمبر 2019، بمعرفة قوة أمنية بقيادة ضابط بالأمن الوطني (النقيب أحمد محمد) دون العثور على أية مضبوطات تدينه في القضية. ورغم ذلك لم يتم التحقيق مع الضابط القائم الضبط بوصفه شاهد إثبات في القضية. وعليه، لا تضم أوراق القضية 1470 لسنة 2019 أي دليل مادي أو حرز مضبوط مرتبط أو منسوب لمتولي، كما لا تتضمن أوراق القضية شهادة أي شهود لإثبات الجرائم الموجهة إليه. علاوة على ذلك، لم يرد اسم متولي في اعترافات أي من المتهمين الآخرين. وعليه، فإن متولي يُحاكم حاليًا على ذمة القضية 1470 لسنة 2019 استنادًا على محضر تحريات وحيد صادر عن قطاع الأمن الوطني (ملحق 2).
التحقيق
أحالت نيابة أمن الدولة العليا متولي إلى جانب 17 متهمًا آخرين للمحاكمة على ذمة القضية 1470 لسنة 2019، وذلك على خلفية اتهامهم بارتكاب جرائم متعلقة بالإرهاب خلال الفترة منذ عام 1992 وحتى مايو 2020. ووفقًا لتحريات قطاع الأمن الوطني التي تم فتح القضية استنادًا إليها، فإن متولي متهم بالانضمام لجماعة إرهابية وتمويلها والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه التحريض على ارتكاب جريمة إرهابية.
ورد اسم إبراهيم متولي مرة واحدة فقط في محضر التحريات الصادر يوم 30 أكتوبر 2019 (خلال فترة إخفائه قسريًا)، وأشارت التحريات إلى أن متولي "تلقى تكليفات وعقد اجتماعات مع متهمين آخرين" أثناء فترة حبسه على ذمة القضية 900 لسنة 2017 بشأن تنفيذ الجرائم المذكورة. اعتمد محضر التحريات على "مصادر سرية" رفض مُجريها الإفصاح عنها، فيما خلت التحريات من أي توضيح بشأن كيفية قيام متولي بأي من الأفعال المنسوبة إليه خلال فترة حبسه احتياطيًا، والتي قضاها ممنوعًا من الزيارة ومودعًا في زنزانة انفرادية بسجن طرة شديد الحراسة 2.
خلال جلسة التحقيق، أوضح متولي أنه مقبوض عليه منذ 10 سبتمبر 2017 من مطار القاهرة الدولي، على ذمة القضية 900 لسنة 2017، وطلب من النيابة الرجوع إلى أقواله المثبتة في أوراق القضية الأولى. وأكد أنه عند القبض عليه كان متوجهًا إلى جنيف لمقابلة الفريق المعني بالاختفاء القسري بالأمم المتحدة، لحضور مؤتمر سبق ودُعي إليه بغرض عرض مشكلته المتمثلة في إخفاء ابنه عمرو قسريًا منذ يوم 8 يوليو 2013، فيما أطلق عليه أحداث الحرس الجمهوري التي أطلقت فيها قوات الأمن على متظاهرين، ما أسفر عن مقتل 61 شخصًا وإصابة أكثر من 300.
أوضح متولي للنيابة أنه اتخذ كافة الإجراءات القانونية الممكنة لاستجلاء مصير ابنه دون جدوى، وهو ما دفعه للجوء إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، وتواصل تحديدًا مع محمد فايق رئيس المجلس في ذلك الوقت، الذي أحال الأمر لموظفي المجلس، وطلب منهم تحرير استمارة اختفاء قسري لعمرو إبراهيم متولي وإرسال نسخة منها لوزارة الداخلية للبحث عنه، وإرسال نسخة أخرى للفريق المعني بالإخفاء القسري للأمم المتحدة، حتى يتمكن الفريق من مخاطبة وزارة الخارجية المصرية بهذا الشأن. وأوضح متولي أن وزارة الخارجية ردت على الأمر رسميًا بأن اسم عمرو إبراهيم متولي ليس موجودًا في قاعدة بيانات السجون المصرية وغير مطلوب للتحقيق. وقال متولي إنه تلقى دعوة رسمية في أغسطس 2017 من المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة لحضور اجتماع الفريق المعني بالإخفاء القسري بهذا الخصوص، على أن ينعقد خلال الفترة من 11 إلى 15 سبتمبر 2017 . وعليه، أخطر متولي المجلس القومي لحقوق الإنسان عن نيته حضور المؤتمر، إلا أنه ألقي القبض عليه من المطار أثناء توجهه إلى جنيف (ملحق 3).
الاختفاء والتعذيب
ظهر متولي أمام نيابة أمن الدولة العليا التي حققت معه على ذمة القضية 1470 لسنة 2019، يوم 5 نوفمبر 2019 وصدر الأمر بحبسه احتيطيًا، وخلال أول جلسة لنظر أمر تجديد حبسه يوم 17 نوفمبر 2019، قال متولي إنه عانى خلال جلسة التحقيق (في 5 نوفمبر) معه من إعياء شديد بسبب احتجازه في مقر الأمن الوطني بمحافظة كفر الشيخ، وأفاد بأنه كان معصوب العينين ومقيدًا في الحائط طوال فترة الاحتجاز السابقة على جلسة التحقيق. وطلب وقتها من وكيل النيابة المنوط بتجديد حبسه أن يأمر بتحويله للمستشفى. وتقدم بشكوى وطلب التحقيق مع الضابط ياسر الحاج علي رئيس فرع الأمن الوطني بكفر الشيخ في أمر إخفائه القسري وتعريضه للمعاملة المهينة خلال الفترة من 22 أكتوبر وحتى 5 نوفمبر 2019 (ملحق4).
الحبس الاحتياطي وأوضاع الاحتجاز
بعد القبض عليه في سبتمبر 2017، استمر تجديد حبس متولي احتياطيًا على ذمة القضية 900 لسنة 2017 لعامين وشهر، حتى قررت نيابة أمن الدولة إخلاء سبيله في أكتوبر 2019، دون أي ضمان. لكن وزارة الداخلية لم تنفذ القرار، وظل متولي رهن الإخفاء القسري لمدة 20 يومًا بمقر أمن الدولة بكفر الشيخ، وهناك تعرض للتعذيب البدني حتى ظهر مرة أخرى أمام نيابة أمن الدولة في 5 نوفمبر 2019، والتي حققت معه مرة أخرى على ذمة القضية 1470 لسنة 2019 واستمر حبسه على ذمتها لمدة تسعة أشهر، قبل أن تقرر محكمة الجنايات استبدال حبسه بأحد التدابير الاحترازية الأخرى. لكنه فوجئ أثناء إنهاء إجراءات خروجه في أغسطس 2020 أنه متهم في قضية ثالثة رقمها 786 لسنة 2020.
قضى متولي خمس سنوات من الحبس الاحتياطي في سجن طرة شديد الحراسة 2، حيث أصيب هناك بتضخم والتهاب شديد بالبروستاتا، فضلًا عن حرمانه من التريٌّض ومنعه من الحصول على أدويته أو أي كتب أو جرائد. ثم في 2022 نُقل إلى سجن بدر 3، الذي سمحت إدارته لأسرة متولي بزيارته لأول مرة في يونيو 2023، عبر الهاتف في كابينة زجاجية.
ملاحظات
في 25 مايو 2020، أرسل المفوض ريمي نغوي لومبو نائب رئيس اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والمقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان آنذاك، خطابًا إلى رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي (مرفق نسخة منه بملف القضية) يطلب فيها من الحكومة المصرية التحقيق في وقائع تعذيب متولي واتهامه بالإرهاب على ذمة أكثر من قضية عقب القبض عليه من مطار القاهرة أثناء توجهه إلى جنيف تلبية لدعوة فريق العمل التابع للأمم المتحدة. كما طالب في خطابه بتمكين متولي من التواصل مع أسرته ومحاميه، ووضع حد لحبسه الاحتياطي. نوه لومبو في رسالته إلى أهمية الرد على الرسالة خلال 30 يومًا، حيث كان من المقرر إدراجها وتبعاتها من رد إلى التقارير التي تقدمها اللجنة الأفريقية في دورتها العادية المقبلة. وفقًا لملف القضية، أرسل مساعد وزير الخارجية نص الرسالة إلى مكتب النائب العام طالبًا المعلومات اللازمة للرد، إلا أن نص الرد لم يتم إرفاقه ملف القضية الرسمي (ملحق 5).
الملحقات
ملحق 1 - بلاغات احتجاز متولي بمخالفة القانون في أكتوبر 2019
ملحق 2- محضر يفيد بالقبض على متولي من منزله على خلاف الحقيقة
ملحق 3- مقتطف من محضر تحريات الأمن الوطني
ملحق 4- أقوال إبراهيم متولي حول تواصله مع الفريق المعني بالاختفاء القسري أثناء جلسة التحقيق معه على ذمة القضية 1470 لسنة 2019 - 5 نوفمبر 2019
ملحق 5- أقوال إبراهيم متولي حول فترة اختفائه القسري بفرع الأمن الوطني بكفر الشيخ (جلسة 17/ 11/ 2019)
ملحق 6 - رسالة نائب رئيس اللجنة الأفريقية لرئيس الجمهورية