المبادرة المصرية تدعو لإخلاء سبيل جرجس سميح… متهم بالانضمام لجماعة إرهابية بسبب تعليق على فيسبوك اعتبره البعض "مسيئًا للإسلام"

بيان صحفي

8 سبتمبر 2021

تطالب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بإخلاء سبيل جرجس سميح زكي عبيد المتهم في القضية رقم 1111 حصر تحقيق أمن دولة، وإسقاط التهم الموجهة إليه على خلفية بوست نشره على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وصف بأنه مسيء للدين الإسلامي. وقررت محكمة الجنايات المنعقدة فى غرفة مشورة "الدائرة الثالثة إرهاب" بمعهد أمناء الشرطة أمس الثلاثاء 7 سبتمبر تجديد حبس جرجس سميح 45 يومًا على ذمة التحقيقات، حيث وجهت إليه الاتهامات التالية: الانضمام لجماعة إرهابية، نشر أخبار كاذبة بهدف تكدير السلم العام، استخدام حساب علي شبكة المعلومات بهدف ارتكاب جريمة.

كانت قوات الأمن قد ألقت القبض على جرجس سميح من مقر عمله بإحدى محافظات الوجه البحري عقب أحداث توتر وعنف طائفي شهدتها قرية البرشا بمركز ملوى جنوب محافظة المنيا بسبب نشر تعليق وصف بأنه مسيء للدين الإسلامي على أحد مواقع التواصل الاجتماعي. وكانت قرية البرشا قد شهدت اشتباكات بين مسلمين ومسيحيين مساء الأربعاء 25 نوفمبر 2020. ووفقًا لشهادات متنوعة من أهالي القرية، فإن عشرات من الشباب المسلم جابوا بعض شوارع القرية مرددين هتافات عدائية تجاه الأقباط تدعو لمهاجمة منازلهم وممتلكاتهم، ورشقوا أبواب ونوافذ المنازل بالطوب وزجاجات المولوتوف. وهو ما أدى لإصابة سيدة مسنة بحروق متفرقة وحرق حظيرة للماشية وسرقة أخرى وتكسير أتوبيس وإتلاف بعض السيارات ونوافذ منازل لأقباط ومحاولة الاعتداء على إحدى الكنائس.

على إثر هذه الاعتداءات، قررت نيابة المنيا حبس 35 متهمًا، منهم 15 قبطيًا و20 مسلمًا 15 يومًا على ذمة التحقيقات، في القضية التي قيدت برقم 8291 لسنة 2020 إداري ملوي، الخاصة بوقائع الاعتداءات الطائفية. ثم جُددت لهم النيابة قرارات الحبس، إلى أن صدرت قرارات بإخلاء سبيلهم منذ 12 يناير 2021 بضمان محال إقامتهم، بينما تولت نيابة أمن الدولة التحقيق مع جرجس سميح، ووجهت له الاتهامات السابق الإشارة إليها.

وقد أكدت المبادرة المصرية مجددًا أن عددا من الجرائم الواردة في قانون العقوبات بصياغة فضفاضة - كالمواد المتهم بها جرجس أو المادة ٩٨ (و) المجرمة لما يعرف بازدراء الأديان - تفتح المجال على مصراعيه لإساءة الاستخدام في انتهاك حرية الرأي والتعبير والإبداع، وأيضا حرية الاعتقاد نفسها، حال التعبير عن آراء مخالفة للسائد دينيًا أو مذهبيًا. ونوهت المبادرة إلى أن المتهمين في مثل هذه القضايا يفتقدون للحق في المحاكمة العادلة، حيث عادة ما تتغافل جهات التحقيق عن الاستجابة لطلبات محاميهم والتعامل معهم باعتبارهم مذنبين. وأضافت المبادرة المصرية إنه في الوقت الذي لم تستكمل فيه النيابة العامة تحقيقاتها بشأن وقائع الاعتداءات والتحريض على العنف والكراهية ولم تحِل المتورطين فيها إلى المحاكمة الجنائية، لا يزال جرجس سميح محبوسًا، وتجدد له قرارات الحبس باتهامات غير واقعية ولا تعكس تطور الأحداث.

وطالبت المبادرة المصرية الحكومة المصرية بالالتزام بتعهداتها الدولية، التي تعد جزءًا من التشريعات المصرية القاضية باحترام وصون حريات العقيدة والرأي والتعبير، والتوقف فورًا عن الملاحقة الأمنية والقضائية للمختلفين مع الآراء الدينية السائدة، ذلك عبر المحاكمات بتهم ازدراء الأديان أو إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو اتهامهم في قضايا الانضمام إلى جماعة إرهابية بدون أية أدلة أو قرائن.

موجز وقائع التوترات الطائفية بقرية البرشا

شهدت قرية البرشا بمركز ملوي جنوب محافظة المنيا اشتباكات طائفية بين مسلمي ومسيحيي القرية، مساء الأربعاء 25 نوفمبر 2020، على خلفية نشر أحد شباب القرية الأقباط تعليقًا بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وصف بأنه مسيء للإسلام. ووفقا لشهادات متنوعة من أهالي القرية، فأن عشرات من الشباب المسلم جابوا بعض شوارع القرية بدءاً من السابعة مساءً مرددين هتافات عدائية تجاه الأقباط تدعو لمهاجمة ممتلكاتهم ومنازلهم، ورشقوا أبواب ونوافذ المنازل بالطوب وزجاجات المولوتوف. واستقر المتجمعون في المنطقة التي يتواجد بها المعهد الديني ومجمع المدارس وكنيسة الشهيد أبو سيفين، والتي كانت تشهد اجتماعات النهضة السنوية لقديس الكنيسة. وعلى أثر ذلك، تجمع شباب مسيحي للدفاع عن ممتلكاتهم، ومنع اقتراب المتجمهرين من الكنيسة، وتبادلوا معهم الرشق بالحجارة وزجاجات المولوتوف.1

وانتشرت مقاطع فيديو للاعتداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منها ما يوثق لحرق حظيرة ماشية مملوكة لأحد الأقباط، في حين ظهر أحد الأشخاص وهو يحرض على التوجه للكنيسة، وفي مقطع ثالث ظهرت سيدة تستغيث وهى تصرخ من أعلى منزلها وتقول: "دخلوا على البيوت، وبيرموا المولوتوف علينا، وفيه إصابات في عيالنا، والأمن مش قادر عليهم، كل ما يضرب في حته يطلعوا في حته تاني".2

وفي نحو التاسعة مساء نفس اليوم، وصلت تعزيزات أمنية بقيادة اللواء محمود خليل مدير أمن المنيا، وقامت الشرطة بإطلاق قنابل الغاز، وفرضت كردونًا لمنع دخول القادمين من خارج القرية، وفرقت المتجمهرين، وسيطرت على منطقة الأحداث، وكثّفت من حراسة كنائس القرية الأربعة، و تم إخراج المصلين من كنيسة الشهيد أبو سيفين وإيصالهم إلى منازلهم وسط حراسة الشرطة.

هذا وحاول متجمهرون الوصول إلى منزل عائلة الشاب المتهم بنشر البوست، لكن جيرانًا مسلمين منعوهم وتصدوا لهم وقاموا بحماية الأسرة بحسب الشهود.

ووفقًا أيضًا لشهادات بعض أهالي القرية فقد أسفرت الاعتداءات عن:

- إصابة سيدة مسنة تدعى "استوليا" نتيجة سقوط زجاجات مولوتوف عليها بمنزلها، ونقلها إلى مستشفى المنيا العام.

- حرق حظيرة ماشية مملوكة لنادر نظيم.

- سرقة ماشية مملوكة لأشرف سعيد.

- تكسير وإتلاف أتوبيس مملوك لكنيسة الشهيد أبو سيفين.

- تكسير بعض نوافذ منازل مملوكة لأقباط.

ثم أصدرت مطرانية ملوي للأقباط الأرثوذكس، التي تتبعها القرية دينيًا، بيانًا حول الواقعة نشرته على موقع المطرانية على الفيسبوك قبل أن ترفعه وتتراجع عنه، قالت فيه: "في مساء الأربعاء 25 نوفمبر الجاري، قام مجموعة من الشباب غير المسيحيين بقرية البرشا التابعة لمركز ملوي، بالاعتداء بالحجارة على بعض السيارات المملوكة للكنيسة، ومنازل بعض المسيحيين الذين تجمعوا للدفاع عن ممتلكاتهم، كما أدي إشعال النيران في أحد المنازل إلى إصابة سيدة مسنة بحروق، وتم نقلها إلى مستشفى المنيا، وإصابة بعض الشباب بجروح، وذلك على خلفية انتشار “بوست” إساءة لرسول الإسلام، على صفحة مسروقة بموقع التواصل الاجتماعي لأحد أبناء القرية، وغير المتواجد بها، ويدعى “جرجس سميح” حيث تم الترويج لها من بعض مثيري الفتن من شباب القرية، كما قاموا بسرقة بعض الماشية ونهب بعض المحال الصغيرة.”3 وشددت المطرانية في بيانها أنها ترفض أي إساءة أو تجاوز من أي شخص ضد "أي ثابت من الثوابت الدينية الإسلامية أو المسيحية، وتدعو الجميع للتكاتف لبناء الوطن وحماية مقدساته ووأد الفتن في مهدها".

وفي اليوم التالي للأحداث، عقد اللواء أسامة القاضي محافظ المنيا ونائبه الدكتور محمد محمود أبوزيد لقاءً مع عدد من أهالى القرية بمدرسة البرشا الإعدادية المشتركة بحضور ممثلين لبيت العائلة ولجنة المصالحات والأوقاف والأزهر والكنيسة وعدد من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب. وشدد المحافظ، على أنه سيتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد كل من يخطئ أو يسيء للآخرين، ولن يُسمح بالخروج عن القانون لأى شخص يحاول إشعال الفتنة بين أبناء الوطن الواحد. وطالب بتفعيل لجان المصالحات ببعض القرى التي تسمح طبيعتها، مع تفعيل الخطاب الديني المعتدل.

وقد ألقت قوات الأمن القبض على عشرات من أهالي القرية المسلمين والمسيحيين، حيث حققت معهم بمقر مركز شرطة ملوي، وأخلت سبيل بعضهم، فيما أحالت البعض الأخرى إلى النيابة العامة. كما ألقت مأمورية أمنية القبض على الشاب القبطي جرجس سميح، المتهم بنشر التعليق المسيء، من مقر عمله بمزرعة للماشية بإحدى محافظات الوجه البحري.

ثم صدر قرار المحامي العام لنيابات المنيا بحبس 35 متهمًا، منهم 15 قبطيًا و20 مسلمًا 15 يومًا على ذمة التحقيقات، في القضية التي قُيدت برقم 8291 لسنة 2020 إداري ملوي فيما يخص الاعتداءات الطائفية في القرية، حيث وجهت لهم عدة اتهامات منها التجمهر وإثارة الشغب، وزعزعة الأمن العام، وتكدير السلم والأمن العام والإتلاف وإثارة الفتنة والبلطجة. 4

بينما تولت نيابة أمن الدولة التحقيق مع جرجس في القضية التي قُيدت برقم 1111 حصر تحقيق أمن دولة، حيث وجهت إليه الاتهامات التالية: الانضمام لجماعة إرهابية، نشر أخبار كاذبة بهدف تكدير السلم العام، استخدام حساب علي شبكة المعلومات بهدف ارتكاب جريمة.

وتجددت أجواء التوتر في القرية عقب حرق ست حظائر ماشية في أراضٍ زراعية مملوكة لأقباط مساء الأحد 29 نوفمبر 2020، مما أدى لإلغاء الجلسة العرفية التي كان مقررا عقدها من قبل بيت العائلة ولجنة المصالحات وكبار العائلات في القرية. كما شنت أجهزة الأمن والإدارات الحكومية المختلفة مثل التموين والكهرباء حملات موسعة على القرية، وحررت مخالفات للأهالي من الجانبين، كما صادرت عددًا من الدراجات البخارية والتكاتك.

وفي 9 ديسمبر 2020، نظم أعضاء مجلسي النواب والشيوخ وكبار العائلات ورجال الدين من الطرفين جلسة صلح عرفية أكد خلالها المشاركون على رفض الإساءة لأي دين أو عقيدة، وأن ماحدث من توتر "لن يؤثر على علاقة أهل القرية بعضهم البعض".

وجددت النيابة العامة قرارات الحبس للمتهمين في أحداث التوتر والعنف الطائفي، إلى أن صدر منذ 12 يناير 2021، قرارات بإخلاء سبيل المتهمين من الجانبين بضمان محال إقامتهم.

هوامش:

1حصل باحثو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على عدد من الشهادات لبعض أهالي القرية والضحايا وأسرة الشاب المتهم بنشر بوست مسيء للإسلام حول الاحداث وتصاعدها والخسائر الناجمة عنها.

2مقطع فيديو للاحداث على موقع يوتيوب.

https://www.youtube.com/watch?v=9LWdhg6vwPs

3لدى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية نسخة من بيان مطرانية ملوي وانصنا والأشمونين الصادر بتاريخ 26 نوفمبر 2020.

4عدة إفادات من يوثام الصفتي محامي عدد من المتهمين في الأحداث.