عين على الدين: قراءة في المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد الدولي مع مصر
بعد تأخر دام نحو خمسة أشهر عن موعد إصداره، نشر صندوق النقد الدولي تقرير المراجعة الرابعة لقرض التسهيل الائتماني الممتد، والذي وقعته مصر في نهاية 2022 مع الصندوق.
تعرض هذا القرض ومراجعاته للتأخير مرات عدة ، بسبب الشروط الصارمة لصندوق النقد فيما يتعلق بمرونة سعر الصرف، وكذلك خطة تخارج الدولة من القطاعات الاقتصادية المختلفة. فقد كان شرط مرونة سعر الصرف سبب تأخر صرف شرائح القرض والمراجعات طيلة عام 2023، ولاحقًا أضحي برنامج بيع الأصول هو الشرط الذي يؤخر صدور مراجعات الصندوق، بما فيها المراجعة الرابعة (الأحدث) لاتفاق القرض.
أتم صندوق النقد مراجعته الرابعة للاتفاق في 11 مارس الماضي، والتي سمحت للحكومة المصرية بسحب 1.2 مليار دولار، ليصل ما سحبته مصر من إجمالي 8 مليار دولار، هي إجمالي قيمة القرض- إلى 3.207 مليار دولار، أي نحو 40 % من القيمة المبدئية للقرض، وما يصل إلى 119 % من الحصة المسموح لمصر اقتراضها من الصندوق، كما أعلن صندوق النقد في بيان الموافقة على صرف الشريحة المرتبطة بالمراجعة الرابعة في مارس الماضي.
شهدت المراجعة السابقة أيضًا – والتي لم تنشر وثائقها – الموافقة على منح مصر تمويلاً بقيمة 1.3 مليار دولار من خلال تمويل صندوق "الصلابة والاستدامة"، وهو قرض إضافي تقدمت مصر بطلب للحصول عليه عند الاتفاق على القرض في نهاية 2022، ولكن تأخرت الموافقة عليه من قبل مجلس الصندوق بعد إجراء أربع مراجعات على البرنامج.
بدأت الحكومة المصرية تنفيذ هذا البرنامج مع صندوق النقد في نهاية 2022، وكان من المفترض أن ينتهي تبعا للجدول الأصلي في سبتمبر 2026، أي بعد عام من الآن، لكن الوضع تغير وصار من المتوقع أن يستمر البرنامج على الأقل حتى نهاية 2027. تأخر الحكومة في تنفيذ مشروطية الصندوق كان الدافع الأساسي لتأخر إجراء المراجعات، لكن نشر المراجعة الأخيرة تأخر بناء على طلب من الحكومة المصرية بعدم النشر.
لم تتغير المشروطية كثيرًا في هذه المراجعة، وإن أضيفت عدة شروط نستعرض أهمها في هذا التقرير. وكذلك تغيرت لغة الصندوق فيما يتعلق بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية وعلى رأسها دور الأجهزة السيادية في الاقتصاد، حيث نشر الصندوق إحصاءً لعدد الشركات التي تملكها المؤسسة العسكرية في الأنشطة الاقتصادية، مشيرًا إلى امتلاكها 97 شركة منها 73 شركة في القطاع الصناعي، واستحواذها على حصص كبيرة في بعض القطاعات، كقطاع الرخام والأسمنت والصلب بمتوسط 36% من السوق، ما يعيق دخول القطاع الخاص إلى تلك القطاعات بحسب الصندوق. كذلك أشار الصندوق لما أسماه "تباطؤًا" في تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، وأضاف مؤشرات فرعية لتتبع تنفيذ تلك الشروط.