قانون جديد لـ"أصحاب العمل"

كفَّة مائلة

قانون العمل الجديد يكرِّس الإفقار والتمييز وحصار الإضراب

اقرأ الورقة كاملة من هنا

مقدمة

بعد ما يزيد عن عشرين عامًا من إصدار قانون العمل "الموحد" رقم 12 لسنة 2003، وبعد نحو تسع سنوات من الإعداد وطرح نسخ مختلفة لقانون جديد للعمل تسعى لإصداره؛ دفعت الحكومة بمشروع قانون جديد للعمل في توقيت يتسم بعدم الاستقرار الشديد، والضغوط التضخمية البالغة والضغوط المعيشية القاسية على أصحاب الأجور في مصر. 

وعلى الرغم من أن السنوات الفاصلة بين القانون الساري (صادر في 2003) والمشروع الحالي، قد شهدت واحدة من أكبر موجات الحراك العمالي في مصر، والتي وصلت إلى ذروتها في عام 2011 خلال ثورة 25 يناير وما بعدها، وكان في قلبها الاحتجاج ضد تدني الأجور وانحياز السياسات الحكومية ضد العمّال. ورغم أن قانون عام 2003 وُصف بأنه ضد العمل والعمال لحساب أصحاب الأعمال، فقد جاء القانون الجديد ليسير على الفلسفة ذاتها التي قام عليها القانون القديم. 

صدر القانون 12 سنة 2003 ليلغي ما يمكن إلغاؤه من موروث المزايا العمالية، ويفتح الطريق أمام السياسات النيوليبرالية الجديدة، التي تُوِّجت بعد عام من إقرار القانون وبدء العمل به بتنصيب حكومة أحمد نظيف في يوليو 2004. وكان ذلك تدشينًا لوضع جديد، فلسفته الأساسية ما يسمى بـ"مرونة أسواق العمال" عبر السماح لأصحاب الأعمال بحق التعيين والفصل Hire and Fire، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية والمحلية بالتضييق على نصيب العمل من الناتج القومي، سواء عن طريق تقليل الأجور الحقيقية من خلال العلاوات المتدنية، أم عن طريق تسهيل عمل العمال لساعات طويلة من دون ضمانات الأمان الوظيفي أو الصحة المهنية. وبينما شدد القانون وقتها - كمثيله الجديد- على فكرة التوازن بين طرفي علاقة العمل؛ إلا أنه جاء في تفاصيله منحازًا بشكل واضح لأصحاب العمل على حساب العمال. 

ولا يختلف القانون الجديد في اعتماده الفلسفة ذاتها: مرونة سوق العمل (سهولة استبدال وفصل العمال) وفتح أبواب استغلالهم، بل ويزيد على سابقه في تعميق تلك الفلسفة وتثبيتها عوضًا عن محاولة تعديل ميزان القانون المختل والذي يجيء على حساب العمال، في وقت تسجل فيه مصر واحدًا من أعلى معدلات الاستحواذات الأجنبية (الخليجية بالأساس) على الأصول الإنتاجية، ليسلم القانون العمال لقمة سائغة لأصحاب العمل القدامى والجدد، المصريين والأجانب.

 

وبينما يقدم القانون جزئيًا بعض المكاسب، منها تحسين بعض أوضاع التمييز ضد النساء العاملات، أو إدخال أنماط العمل الجديدة تحت مظلة الاعتراف والتنظيم القانوني، كالعاملين في المنصات الإلكترونية المختلفة كـ "طلبات" و"أوبر" وغيرها؛ إلا أن القانون وقبل كل شيء نزع قدرة العمال على التفاوض الجماعي بنزع الورقة الوحيدة في أيديهم للحفاظ على مصالحهم وحماية أجورهم القليلة، إذ وضع قيودًا على الحق في الإضراب تكاد تمنعه. يضاف إلى ذلك ضعف ما يحويه القانون من آليات لمراقبة تنفيذ بعض السياسات التي تُدرَج لأول مرة في القانون كالإشارة إلى تطبيق الحد الأدنى للأجر الذي تحدده الحكومة منذ سنوات في القطاع الحكومي ثم في القطاع الخاص، دون أن تشمل مظلته في الحقيقة سوى نسبة صغيرة من العمال. وعلى الرغم من اشتمال القانون لأول مرة على نصوصٍ تخص التحرش والتنمر في أماكن العمل؛ إلا أنها هي الأخرى غير متضمنة لآليات تضمن حمايتها لحقوق العاملين. 

بالإضافة إلى ذلك، يتضمن مشروع القانون الجديد معضلات أساسية تخل بمنظومة الحقوق والحريات المكفولة دستوريًا، فيتضمن بعض أوجه التمييز الواضحة بالمخالفة للدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. منها: تمييز القانون ضد عمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم، بسبب طبيعة العمل وحسب جنسية العامل. وشملت نصوص مشروع القانون تمييزًا واضحًا ضد مستخدمي المخدرات أو "المدمنين"، سواء عبر تحديد شروط غير منصوص عليها دستوريًا أو قانونيًا عند التعيين، وكذلك عند وضع عقوبة الفصل المباشر بغير طريق التحقيق التأديبي، وهي عقوبة غير متناسبة مع فعل تعاطي المخدرات. يتضمن هذا إخلالًا واضحًا بالحق في العمل عن طريق وضع شروط غير منصوص عليها دستوريًا أو قانونيًا، وهي تحليل المخدرات الإجباري، بغض النظر عن طبيعة المهنة المتقدم لها الفرد. 

اقرأ الورقة كاملة من هنا