ماهي العقوبات البديلة؟

"العقوبات البديلة" هي العقوبات غير السالبة للحرية و تتكون من ولا تقتصر على:

  • العقوبات الشفوية كالتحذير والإنذار.
  • إخلاء السبيل المشروط.
  • العقوبات التي تتعلق بمركز الشخص القانوني كعدم المشاركة فى الانتخابات أو إسقاط الحقوق السياسية.
  • العقوبات الاقتصادية والجزاءات.
  • الأمر بمصادرة المال ونزع الملكية.
  • الأمر برد الحق إلى المجني عليه و تعويضه.
  • الحكم مع وقف النفاذ.
  • الوضع تحت الإشراف القضائي.
  • الأمر بتأدية خدمات للمجتمع المحلي.
  • الإقامة الجبرية.

ما هي مميزات العقوبات البديلة مقارنة بالعقوبات السالبة للحرية؟

إن العقوبات البديلة لها عدد من الجوانب الإيجابية، فمن ناحية الدولة فإن التوسع في استخدامها يؤدي إلى انخفاض أعداد السجناء في السجون، الأمر الذي سيتيح للدولة القيام بإجراء عملية تأهيل حقيقي للسجناء كما ستتخلص من أعباء المصروفات التى سوف تضطر إلى إنفاقها لمواجهة أعداد السجناء الضخمة.

بالإضافة إلى أن العقوبات غير السالبة للحرية تتيح للمتهم الاستمرار بالقيام بدوره في المجتمع ما يعني أنه سوف يستمر في عمله و يستمر في دفع الضرائب وسيتسمر في الإنفاق على عائلته _إذا كان هو أو هي العائل_ الأمر الذي سيقي الدولة من الأعباء الاجتماعية والاقتصادية للسجن. فاختيار العقوبات غير السالبة للحرية يعني أيضًا عدم القضاء على المستقبل الوظيفي للمتهم، وهو الأمر الذي عادة ما يدفع السجين السابق إلى ارتكاب جرائم أخرى بسبب ملازمة وصمة السجن في المجتمع. وفى نهاية الأمر السجن ليس هو الاجابة الوحيدة عن  كيفية منع الجريمة وتحقيق الردع الاجتماعى.


هل هناك تجارب لدول طبقت العقوبات البديلة؟

نعم، يوجد دول تقوم بتطبيق العقوبات البديلة ، فافي الجزائر نصت المادة 5/1 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية رقم 0109 في 25 فبراير 2009 على عقوبة العمل للنفع العام كبديل من السجن. وقد نظم القانون الجزائري إجراءات استخدام عقوبة العمل العام كبديل للعقوبات السالبة للحرية فوضع شروطًا منها أن يكون المتهم ليس له أي سوابق جنائية، وأن يكون عمره 16 سنة على الأقل وأن تكون العقوبة لا تزيد على 3 سنوات ولا تقل عن سنة.

وفي جنوب إفريقيا، ينص قانون الإجراءات الجنائية الصادر عام 1977  فى المادة 28 على جواز وضع الأشخاص تحت المراقبة الإصلاحية كبديل للسجن لمدة 3 سنوات فى الجرائم العادية و5 سنوات فى الجرائم ذات الطبيعة الجنسية.

ونجد في كينيا مفهوم الخدمة المجتمعية كبديل للسجن قد دخل فى حيز القانون فى عام 1998 مع قانون تنظيم الخدمة المجتمعية، ويحدد القانون ساعات العمل بحدٍّ أدنى ساعتان يوميًّا و7 ساعات يوميًّا بحدٍّ أقصى ويهدف القانون إلى ضمان عدم إنفاق أموال دافعي الضرائب على سجناء بتهم غير خطرة والذين قد يتعرضون للاختلاط مع متهمين خطرين، بالإضافة إلى أن جزءًا من التأهيل يكون بترك الجاني مع عائلته وأصدقائه من أجل تقديم الدعم إليه أو لها حتى يحدث لهم التأهيل المناسب.

وفي ماليزيا فقانون الإجراءات الجنائية نص على تعويض المجني عليه ماديًّا في طائفة واسعة من الجرائم، منها على سبيل المثال التعدي على حرمة المنازل بالإضافة إلى أن القانون قد أعطى القاضي الحق في القضايا التي لا يتجاوز الحكم فيها 3 أشهر سجنًا، أن يحكم بأن يقوم المتهم بقضائها في أحد مراكز الخدمة المجتمعية بمعدل 4 ساعات يوميًّا.

وفي إنجلترا حيث يقدم القانون عقوبات بديلة منذ عام 1972 مثل خدمة المجتمع والتي يطلق عليها لفظ "رد الدين إلى المجتمع" بالإضافة إلى المراقبة الإلكترونية وفي عام 2010 كانت نسبة من ارتكبوا جرائم مرة أخرى بعد تنفيذهم للعقوبة البديلة 36% في مقابل 60% ضمن من قضوا عقوبة سجن قصيرة، كما تشير الإحصائيات إلى أن تكلفة السجين الواحد في العام في إنجلترا 50 ألف جنيه إسترليني بينما تبلغ تكلفة إدارة عقوبة الخدمة المجتمعية 2500 جنيه إسترليني فقط.


هل هناك اهتمام دولي بالعقوبات البديلة؟

بالفعل عملت الأمم المتحدة على ترويج مثل تلك العقوبات فنجد أن قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا للتدابير غير الاحتجازية - قواعد طوكيو- قد أولت اهتمامًا كبيرًا بالترويج للعقوبات البديلة من أجل إشراك المجتمع في تأهيل المجرمين بالإضافة إلى أنها تحوي ضمانات دنيا للأشخاص الخاضعين لبدائل السجن، كما أصدر المجلس الاقتصادى والاجتماعى للأمم المتحدة القرار رقم 53 لعام 2013 الذي أوصى في مادته الثالثة عشرة على أن "تبذل الدول الأعضاء مجهودًا لتقليص الاكتظاظ في السجون وتقليص اللجوء إلى الحبس الاحتياطي بالإضافة إلى التشجيع للجوء المتزايد إلى الآليات القضائية وتعزيز بدائل العقوبات السالبة للحرية". وعلى المستوى القارِّي فإعلان واجدوجو الصادر فى 2002 عن اللجنة الإفريقية لحقوق اﻹنسان والشعوب قد نص في مادته الأولى على "مختلف أجهزة العدالة الجنائية ينبغي أن تتعاون بشكل أوثق من أجل تقليص اللجوء على قدر ما يمكن من الاعتقال".


هل يحتوي القانون المصري على نماذج للعقوبات البديلة؟

نعم، هناك أنواع من العقوبات البديلة نص عليها القانون المصري:

النوع الأول هو طلب التشغيل خارج السجن:  حيث تنص المادة -479 من قانون الإجراءات الجنائية: "لكل محكوم عليه بالحبس البسيط لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أن يطلب بدلًا من تنفيذ عقوبة الحبس عليه، تشغيله خارج السجن، وذلك ما لم ينص الحكم على حرمانه من هذا الخيار".

أما النوع الثاني فهو الإفراج المشروط : والذى أفرغ له قانون تنظيم السجون 13 مادة تبدأ من المادة رقم 52 إلى المادة رقم 64، ونظمت المادة 86 من لائحة تنظيم السجون قواعد الإفراج المشروط وآثاره حيث نصت على:

  1. أن يكون المحكوم عليه قد أمضى في السجن ثلثي مدة العقوبة* .
  2. أن يكون سلوكه في السجن يدعو إلى الثقة بتقويم نفسه وألا يكون في الإفراج عنه خطر على الأمن العام.
  3. أن يكون قد أوفى بالالتزامات المالية المحكوم بها عليه وذلك ما لم يكن من المستحيل الوفاء بها.

وقد أعطى القانون لمصلحة السجون السلطة فى منح الإفراج المشروط بعد مراجعة الجهات المختصة بالدولة إذا كان المتهم تم اعتباره خطرًا على الأمن العام.

ويوجد نوع ثالث وهو تأجيل تنفيذ العقوبة :

-حيث نصت المادة -485- على أنه في حالة إذا كان المحكوم عليها حبلى في الشهر السادس من الحمل جاز تأجيل التفيذ عليها حتى تضع حملها وتمضي مدة شهرين على الوضع.

-كما أفردت المادة 486 عناية بالمتهمين الذين يعانون مرضًا يهدد الحياة حيث نصت على أنه إذا كان المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية مصابًا بمرض يهدد بذاته أو بسبب التنفيذ حياته بالخطر جاز حينها تأجيل تنفيذ العقوبة عليه.

-بالإضافة إلى أن المادة 487 قد أولت اهتمامًا خاصًّا بالحالة النفسية للسجين حيث نصت على أنه إذا أصيب المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية بالجنون، وجب تأجيل تنفيذ العقوبة حتى يبرأ، ويجوز للنيابة العامة أن تأمر بوضعه في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية، وفي هذه الحالة تستنزل المدة التي يقضيها في هذا المحل من مدة العقوبة المحكوم بها.

-وفي حالة إذا كان محكومًا على الرجل وزوجته بالحبس مدة لا تزيد على سنة ولو عن جرائم مختلفة ولم يكونا مسجونين من قبل، جاز تأجيل تنفيذ العقوبات على أحدهما حتى يفرج عن الآخر وذلك إذا كانا يكفلان صغيرًا لم يتجاوز خمس عشرة سنة كاملة وكان لهما محل إقامة معروف بمصر وفقًا للمادة 488.

-وقد وضع القانون ضوابط لعملية تأجيل تنفيذ العقوبة حيث نصت المادة 489 على أن للنيابة العامة في الأحوال التي يجوز فيها تأجيل تنفيذ العقوبة على المحكوم عليه أن تطلب من المحكوم عليه تقديم كفالة بأنه لا يفر من التنفيذ عند زوال سبب التأجيل ويقدر مبلغ الكفالة في الأمر الصادر بالتأجيل. كما أن للنيابة الحق أيضًا في أن تشترط لتأجيل التنفيذ ما تراه من الاحتياطيات الكفيلة بمنع المحكوم عليه من الهرب.

الهامش:

*تم تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 49 لسنة 2014 وكانت قبل التعديل ثلاثة أرباع مدة العقوبة.