دفاعًا عن الحق في الوصول للعدالة: نتضامن مع مطالب المحامين المشروعة ضد زيادة رسوم التقاضي

بيان صحفي

5 يوليو 2025

تعلن المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه عن تضامنها الكامل مع قرار مجلس نقابة المحامين إعلان الإضراب العام يومي السابع والثامن من يوليو الجاري، والامتناع عن الحضور أمام كافة المحاكم بمسمياتها ودرجاتها، وكذلك كافة النيابات، بما يشمل عدم التعامل مع خزائن جميع محاكم الجمهورية. وذلك ردًا على قرارات رئيس محكمة استئناف القاهرة بفرض زيادات تعسفية على رسوم التقاضي.

ويشدد الموقعون على أن تضامنهم يأتي في سياق دفاعهم عن الحق في التقاضي لعموم المواطنين المصريين، والمكفول دستوريًا بمقتضى المواد 97 و98 من الدستور، وكذا في عدد من الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها الحكومة المصرية.

 إن زيادة رسوم التقاضي بهذا الشكل لا يشكل تحديًا خاصًا للمحامين؛ ولكنه يمثل عائقًا إضافيًا يحول بين المواطنين وبين اللجوء إلى القضاء، ويفتح الباب لممارسة التمييز على أساس الدخل بين المواطنين عند ممارستهم لهذا الحق الحيوي. 

 

بدأت الأزمة الحالية في الثاني من  مارس الماضي عندما أصدر رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار محمد نصر سيد قرارًا بزيادة المقابل المادي للخدمات التي تقدمها المحكمة للمحامين والمتقاضين، بواقع 10%. وبموجب القرار زاد المقابل المادي لـ33 خدمة تقدمها المحكمة. 

وتعد هذه القرارات الأخيرة استمرارًا لنهج جديد يسعى لتسليع الخدمات القضائية. فقد أصدر رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية القرار رقم 2 لسنة 2022 بفرض مقابل مالي عن أداء الخدمات المميكنة، لكن محكمة القضاء الإدارى قضت في الدعوى المقيدة برقم 2962 لسنة 27 قضائية بإلغاء هذا القرار، ﻷنه يشكل خروجا على مبدأ المشروعية الدستورية. وقالت المحكمة إن السبيل الوحيد لتقرير مساهمة المتقاضين في نفقات تسيير مرفق العدالة هو زيادة الرسوم القضائية المقررة في قوانين الرسوم القضائية والتوثيق والشهر أو صدور قانون بفرض الرسم، وهذا ما أكده مسلك المشرع بإصدار القانون رقم 8 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 96 لسنة 1980 بفرض رسم إضافي لدور المحاكم. واختتمت المحكمة حيثيات حكمها بقولها: "ومن حيث أنه لا يغير من ذلك القول بأن القرار… يستهدف الخدمات المقدمة للمواطنين في مرفق القضاء، وإعمالا لما يوجبه التحول الإلكتروني، فإن مواجهة الطلب والاستفادة من الثورة العلمية والتكنولوجية واستخدام أحدث الوسائل العلمية في تدعيم نظام المحاكم بالتطوير في عمل الجهات القضائية، فإن ذلك لا يكون إلا عن طريق تدخل المشرع بزيادة الرسوم القضائية لتقرير مساهمة المتقاضين إعمالا للشرعية وسيادة القانون". 

وفي نفس السياق، صدر قرار مماثل لرئيس محكمة استئناف المنصورة واُلغي بقرار من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في الطعن رقم رقم 6955 لسنة 43 ق بجلسة 21 /6 /2022. 

إزاء تكرار فرض رسوم غير دستورية على التقاضى تحت مسمى خدمة الميكنة، أبدت نقابة المحامين اعتراضها وسلكت محاور عدة للتعبير عن هذا الرفض القاطع؛ بدأت بمفاوضات مع كافة الجهات المعنية، ثم بوقفات احتجاجية سلمية للجمعيات العمومية للنقابات الفرعية، ثم الامتناع عن توريد أية مبالغ مالية لخزائن محاكم الاستئناف، ثم الامتناع عن توريد أية مبالغ لخزائن كافة المحاكم على مستوى الجمهورية، ثم الامتناع عن الحضور أمام كافة محاكم الاستئناف العالي بالجمهورية، غير أن المحاكم واجهت ذلك بشطب الدعاوى أو حجزها للحكم دون دفاع.

وفي 14 مايو الماضي، انعقد اجتماع جمع مجلس نقابة المحامين ونقباء الفرعيات، وانتهى إلى عدة قرارات أبرزها دعوة الجمعية العمومية للمحامين بجمهورية مصر العربية للانعقاد بوصفها السلطة العليا لنقابة المحامين، لاتخاذ ما تراه في هذا الشأن.

وفى 18 يونيو الجاري، وقبل الموعد المحدد لاجتماع المحامين (21 يونيو)، أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمًا في الدعوى رقم 65468 لسنة 79 ق، بوقف تنفيذ القرار الصادر من مجلس النقابة العامة لعقد اجتماع جمعية عمومية طارئة، والذي تضمن في بنوده إمكانية إعلان نقابة المحامين الإضراب أو الاعتصام لحين إلغاء قرار فرض رسوم دون صدور قانون بذلك.

 ووفقا لما جاء بحيثيات الحكم المذكور "ضمن قرار مجلس النقابة العامة للمحامين عرض أحد أمرين إما بإقرار الإضراب العام أو الاعتصام العام بمقر النقابات الفرعية على مستوى الجمهورية، وذلك لمواجهة قرارات رؤساء محاكم الاستئناف بفرض رسوم مقابل الخدمات المميكنة، تمهيدًا لتكريس أمر واقع بانتزاع مجلس نقابة المحامين ما يدعيه حقًا بغير اﻷطر الدستورية الحاكمة في الدولة القانونية، مما يترتب عليه تعطيل مرفق العدالة والنيل من حق التقاضي والانتقاص منه والإخلال بدولة القانون، ويغدو ذلك توظيفًا لاختصاص مجلس النقابة في غير ما شرع له، والتستر خلف حرية الرأي والتعبير في غير اﻷحوال المقررة وتسلبًا من المجلس المذكور في ممارسة اختصاصاته الموسدة له قانونًا والدفع بها إلى غمار الجمعية العمومية، في غير اﻷحوال الموجبة لها، لاسيما أن جدول أعمال الجمعية المزمع انعقادها يتضمن بنودًا تتعدى آثارها الى غير الممتهنين لمهنة المحاماة من المتقاضين، أو طالبي الترضية القضائية".

وترى المنظمات الحقوقية الموقعة أن نقابة المحامين المصرية لا يقتصر دورها على تنظيم ممارسة مهنة المحاماة وضمان حسن أدائها، بل يمتد دورها إلى كفالة حق الدفاع، وتقديم المساعدة القضائية لغير القادرين، فالمحامي أحد الأذرع القوية والمهمة إلى جانب القضاء والادعاء العام في تطبيق العدالة على أرض الواقع. كما أن وثيقة المبادئ اﻷساسية بشأن دور المحامين الصادرة عن الأمم المتحدة، أشارت في المادة 25 إلى تعاون الرابطات المهنية للمحامين مع الحكومات لضمان حصول كل فرد على الخدمات القانونية بطريقة فعالة ومتسمة بالمساواة.

في اليوم التالي لصدور الحكم، عُقد اجتماع مشترك بين مجلس نقابة المحامين والنقابات الفرعية للمحامين، وكان من أبرز قراراته الطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري، وتكليف النقابات الفرعية باستطلاع رأى السادة المحامين أعضاء الجمعية العمومية بكافة محاكم جمهورية مصر العربية فيما يتم اتخاذه من إجراءات. وقد أسفر استطلاع رأى المحامين عن رغبة وموافقة أغلب المحامين على التصعيد ضد فرض رسوم دون قانون. وإثر ذلك انعقد اجتماع طارئ لمجلس نقابة المحامين والنقباء الفرعيين يوم 25 يونيو الجارى، انتهى الى عدة قرارات أبرزها الامتناع العام عن الحضور أمام كافة المحاكم بمسمياتها ودرجاتها، وكذلك كافة النيابات، بما يشمل عدم التعامل مع خزائن جميع محاكم الجمهورية، وذلك يومي السابع والثامن من يوليو، على أن يضع مجلس النقابة الآليات اللازمة لتنفيذ ذلك. 

إننا إذ نكرر تضامننا مع مطالب المحامين المشروعة، وعلى رأسها عدم فرض رسوم إلا بموجب قانون، ووقف العمل بقرارات فرض رسوم التقاضى غير الدستورية تحت مسمى خدمات الميكنة، فإننا نشدد على حق نقابة المحامين في ممارسة دورها، بكافة الطرق القانونية وكافة أشكال التعبير السلمية، وننبه لخطورة استخدام الهيئات القضائية السلطة المخولة لها في تقيد حق الاحتجاج السلمي للمحامين وحق التقاضي لكافة المواطنين.  

المنظمات الموقعة

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية 

مركز النديم

مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان 

الجبهة المصرية لحقوق الإنسان 

المنبر المصري لحقوق الإنسان 

إيجيبت وايد لحقوق الإنسان 

المفوضية المصرية للحقوق والحريات

مؤسسة قضايا المرأة المصرية 

مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان

منصة اللاجئين في مصر