القبض على أهالى عزبة نادى الصيد بالاسكندرية استمرار للحل الأمني في مواجهة المظالم المجتمعية

بيان صحفي

9 June 2021

أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية القبض على العشرات من أهالى عزبة نادي الصيد التابعة لحى محرم بك بمحافظة الإسكندرية بعد خروجهم في مظاهرة يوم الجمعة الماضي الموافق 4 يونيو احتجاجًا على تهجيرهم من المنطقة بعدما فوجئوا ببدء لجنة حصر المنازل التابعة للمحافظة في إحصاء منازلهم تمهيدًا لإزالتها ونقلهم خارج المنطقة دون سابق إنذار أو تشاور معهم حول الحلول المقترحة. وطالبت المبادرة بالإفراج الفوري عن كل المقبوض عليهم من الأهالي خلال أحداث الجمعة والسبت الماضيين. 

وأقدمت قوات الشرطة في اليوم نفسه على القبض على أعداد كبيرة من أهالي المنطقة بشكل عشوائي، واحتجاز حوالى 40 منهم بمعسكر الأمن المركزى بمنطقة مرغم والتحقيق معهم من قبل النيابة العسكرية دون تحرير محاضر على حد علمهم. كما مثل 13 آخرون من المقبوض عليهم أمام نيابة محرم بك يوم الأحد والتي أمرت بحبسهم 15 يومًا على ذمة التحقيق فى القضية رقم ٤٦٧٥ لسنة ٢٠٢١ إداري محرم بك، بعد توجيه اتهامات لهم بالتحريض على التجمهر والتظاهر ورشق قوات الأمن بالحجارة وإحداث إصابات بهم. 


وقدم محامو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الدفاع القانوني لأربعة من بين المحتجزين الثلاثة عشر الذين مثلوا أمام نيابة محرم بك، أحدهم طفل لم يتجاوز 18 عامًا. ومن المقرر أن تنظر المحكمة استئناف قرار حبس المتهمين جميعًا السبت المقبل الموافق 13 يونيو.

وبحسب إفادات عدد من أهالي المنطقة لباحثي ومحامي المبادرة المصرية فإن السكان احتجوا على خطة تهجيرهم  بالرغم من سابق تخصيص حوالى 115 مليون جنيه في عام 2019 لتطوير المنطقة والانتهاء من إصلاح شبكات الصرف الصحي بها، إلا أنه تم العدول عن استكمال التطوير فى بداية عام 2020 وصدر قرار بالإزالة وفق إفادات الأهالي. 

وقال السكان إنهم احتجوا فى البداية على قرار الإزالة وطالبوا باستكمال تطوير المنطقة أسوة بمناطق أخرى تم تطويرها مع الإبقاء على سكانها بدلًا من نقلهم إلى شقق خارج نطاق مدينة الإسكندرية؛ ولكنهم بعد أن أيقنوا باستحالة وقف تنفيذ القرار، وأن البديل هو شقق "إيجار جديد" سيتم نقلهم لها بمساكن "بشائر الخير"، طالبوا بتعويض مناسب كحد أدنى على أن يتملك أصحاب الشقق والمنازل التمليك شققًا جديدة وكذلك أصحاب المحلات، وأن يحصلوا على أوراق رسمية تحفظ حقوقهم. غير أن المسؤولين أوضحوا أن مسكانهم بنيت على أراض ملك للدولة، وهو ما لا يخولهم هذه الحقوق.

وفي غياب معلومات رسمية أو تشاور مجتمعي، فإن السبب الراجح الشائع بين سكان المنطقة الذين تحدثت إليهم المبادرة وراء خطط تهجيرهم وكذلك هدم منطقة "داون تاون" المجاورة لهم هو إنشاء مشروعات استثمارية جديدة في إطار "تطوير" المنطقة، دون مراعاة لتهديد الوضع الاقتصادي المستقر وحيازة الأهالى الآمنة لمسكنهم.


وشددت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على أن التواصل مع أهالى العزبة بصفتهم أصحاب الشأن والمصلحة قبل اتخاذ أى قرار بشأن التطوير أو الإخلاء يعد التزامًا قانونيًا أساسيًا يقع على عاتق سلطات الحكم المحلي والحكومة، بل وعليها أن تستنفذ في سبيل ذلك كل السبل للتوصل إلى حل يحفظ أرواح المواطنين من هلاك متوقع وكذلك كرامتهم الإنسانية.  

إن نقل الأفراد وأسرهم إلى مكان جديد بعد عقود من العيش فيه ليس بالشأن الهين. كما أن "الإيجار الجديد" ذو الزيادة السنوية يشكل عبئاً اقتصاديًا إضافيًا على الأسر، وفى حالة عدم السداد يصبحون عرضة للطرد وحجز مساكنهم إداريا. و"الايجار الجديد" ليس التكلفة الوحيدة، بل هناك تكاليف أخرى مادية ومعنوية ومنها: تغيير أماكن وخيارات العمل وكذلك خدمات الرعاية الصحية والمدارس ومراكز رعاية الأطفال وغير ذلك من المرافق الاجتماعية، وهو ما ينبغي أخذه في الاعتبار عند حساب قيمة "التعويض العادل". 

كما أدانت المبادرة ترك مواجهة المشكلة المجتمعية للأجهزة الأمنية والتي لجأت بالطبع للقبض على العشرات من الأهالى المتضررين، بعد محاولة تفريقهم بالغاز المسيل للدموع، وفى وقت يتفشى فيه فيروس كورونا؛ فضلاً عن تعرض عدد كبير منهم للاحتجاز فى معسكر أمني غير مخصص لحجز المحبوسين احتياطيًا، والتحقيق معهم من قبل النيابة العسكرية لترهيبهم، واتهامهم مع آخرين بالتجمهر والتظاهر، وذلك كله بسبب تعبيرهم السلمي عن اعتراضهم على عدم الإنصات لهم واعتزام تهجيرهم من أراضٍ تملكوها وعمروها طوال عقود فى حدود إمكاناتهم دون تعويض مناسب.

وعليه تطالب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالتالي: 

إخلاء سبيل كافة المحبوسين احتياطيًا أو المحتجزين دون وجه حق.  

تجميد عمل لجنة حصر المنازل لحين التشاور مع أهالي المنطقة والوصول إلى حل يحفظ كرامتهم وحقوقهم. 

الإعلان بشفافية عن أسباب توقف تطوير المنطقة بعد تخصيص ميزانية لها.  

عرض بدائل مختلفة بشفافية على أهالي المنطقة أسوة بغيرهم من المناطق التى تم تطويرها ومنها تعويضهم تعويضًا عادلًا يناسب حجم ما سيجبرون على التخلي عنه، أو تطوير الأرض التي تملكوها لعقود  بمشاركتهم.