"ِباسْمِ الشَعب": تقرير رصدي لأحكام الإعدام الصادرة في عام 2018 وتحليل أنماط استخدام العقوبة في المحاكم المصرية

بيان صحفي

19 مارس 2019

أصدرت اليوم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز عدالة للحقوق والحريات تقريرًا مشتركًا بعنوان "باسْمِ الشَعب": التقرير السنوي الثاني عن عقوبة الإعدام في مصر خلال عام 2018 (من يناير إلى ديسمبر). يقدم التقرير عرضًا وتوثيقًا لأحكام الإعدام الصادرة في مصر خلال عام 2018، بالإضافة إلى محاولة تحليل أنماط استخدام عقوبة الإعدام في المحاكم المصرية والتغيرات الكمية والكيفية في اللجوء إلى العقوبة القصوى في القانون الجنائي وهي العقوبة الوحيدة التي لا يمكن التراجع عنها بعد تنفيذها. ينقسم التقرير إلى فصلين، يعرض الفصل الأول بعض الأحكام الصادرة  بالإعدام خلال عام 2018، ويحاول الفصل الثاني رصد أنماط الانتهاكات التي تَعرَّض لها بعض المتهمين المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام أثناء سير القضايا، وأيضًا الانتهاكات خلال فترة انتظار تنفيذ حكم الإعدام وأثناء التنفيذ، والتي تلقي بكثيرٍ من الشكوك على سلامة التحقيقات وإجراءات التقاضي في قضايا تم الحكم فيها بالعقوبة القصوى على المتهمين.

يعرض الفصل الأول الأحكام الصادرة بعقوبة الإعدام في عام  2018 عن المحاكم المدنية والعسكرية، وفقًا لِمَا تمكَّن من جمعه فريق البحث من أوراق المحاكم، الصادرة عن محاكم الجنايات في أُولى درجات التقاضي أو عن محكمة النقض أو المحكمة العليا للطعون العسكرية وفقًا للتسلسل الزمني لصدور الأحكام. ويحتوي هذا الفصل على تفاصيل بعض هذه القضايا، منها 3 قضايا قامت محكمة النقض بتأييد أحكام الإعدام الصادرة فيها، و5 قضايا تم الحكم فيها بعقوبة الإعدام في محاكم الجنايات المدنية، بالإضافة إلى قضية واحدة قامت المحكمة العليا للطعون العسكرية بتأييد أحكام الإعدام الصادرة ضد مدنيين فيها.

ويرصد الفصل الثاني أنماط الانتهاكات التي تعرَّض لها بعض المتهمين المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام حضوريًّا أثناء سير القضايا. وقد تم تقسيم الانتهاكات إلى ستة أنواع، وهي الاختفاء القسري، التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية والمهينة، انتهاك الحق في الدفاع، الاعتماد على تحريات مجهولة المصدر، تصوير ونشر اعترافات للمتهمين قبل وأثناء مراحل المحاكمة، وحتى عقب صدور حكم الإعدام. وقد عرض هذا الفصل أيضًا الانتهاكات خلال فترة انتظار تنفيذ حكم الإعدام وأثناء التنفيذ. فقد رصد التقرير 65 متهمًا في انتظار تنفيذ حكم الإعدام فيهم خلال عام 2018.

علمًا بأنه، وبالتزامن مع صدور هذا التقرير، قامت السلطات بتنفيذ حكم الإعدام في 15 متهمًا في 3 قضايا، وقبول التماس اثنين من المتهمين في قضية عسكرية وذلك خلال شهر فبراير 2019.

ويَظهر من التقرير ومن الرصد الإعلامي الذي يقوم به فريق التقرير منذ عام 2017، أن هناك توسعًا ملحوظًا في استخدام عقوبة الإعدام وأن هذا التوسع مستمر في عام 2018، فقد تزايدت وتيرة أحكام الإعدام فيما يتعلق بالقضايا ذات الطابع السياسي والقضايا ذات الطابع الجنائي في 2018، ولكن التزايد كان ملحوظًا في القضايا الجنائية العادية, غير المرتبطة بجرائم الإرهاب والجنايات المضرة بأمن الحكومة من الداخل والخارج والقضايا الأخرى ذات الطابع السياسي، مقارنة بعام 2017.  ويرصد التقرير هذا الاتجاه المتزايد لاستخدام عقوبة الإعدام، والاتجاه المتزايد لتأييد العقوبة في محكمة النقض، على أنه الأكثر إثارة للقلق. فمنظومة العدالة الجنائية تتخلى عن حذرها التاريخي في التعامل مع العقوبة التي لا رجعة في تنفيذها, والمؤشرات التي رصدناها في عام 2018 توحي بأن هذا التعامل غير الحذر مع الإعدام قد طال كل أركان منظومة العدالة الجنائية.

ويوصي التقرير بالتالي:

  • تعليق العمل فورًا بعقوبة الإعدام، ولو بصورة مؤقتة،  إلى حين فتح نقاش مجتمعي حول إلغاء العقوبة بشكل كامل، وذلك وفقًا لما اقترحته الحكومة المصرية أثناء التصويت على القرار المتعلق بالعقوبة في جلسة مجلس حقوق الإنسان السادسة والثلاثين (التعديل السادس، L.41).
  • التوقيع والتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام (البروتوكول الاختياري الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام).
  • التوقيع والتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
  • كما أنه على الحكومة المصرية الوفاء بالتزامها تجاه اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت عليها والتي تقضي فى المادة الثانية منها، القسم (أ): "تتخذ كل دولة طرف إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي". ولذلك فعلى الحكومة المصرية أن تشرع في تبني قانونًا قائمًا بذاته يُجرِّم التعذيب.
  • التوقيع والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
  • على البرلمان إعادة النظر في قوانين العقوبات والإرهاب والأحكام العسكرية والمخدرات لتقليل عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام بحيث لا توقع تلك العقوبة إلا في الجرائم الأشد خطرًا وفي أضيق نطاق مع تعديل قانون المنشآت الحيوية بحيث لا يُحال المدنيون المتهمون بجرائم معاقب عليها بالإعدام إلى أية محكمة استثنائية أو إلى المحاكم العسكرية لأي سبب كان.
  • إعادة النظر فى قانون الإجراءات الجنائية من أجل سد الثغرات الموجودة به والتي تخل بحقوق المتهم وحق الدفاع وليصبح متسقًا مع نصوص الدستور المصري, ولذلك فإننا نطالب تحديدًا بتعديل المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تعطي للمحقق الحق في أن يبدأ التحقيق بسرعة وبدون محامٍ في حالات التلبس وحالة الخوف من ضياع الأدلة، ونطالب بأن يحصل المتهم الذي يواجه تهمًا تصل عقوبتها إلى الإعدام على خدمات محامٍ كفء وعلى حقه في اختيار المحامي.
  • نطالب السلطات القضائية بعدم الاعتماد فى حكمها على أقوال التحريات إلا إذا كانت مشفوعة بالأدلة والبراهين التي لا تحتمل شكًّا وألا تعتمد على مجرد تحريات مكتبية، وأن تلتزم جهات التحقيق بعرض المتهمين على الطب الشرعي فور تصريحهم بتعرضهم للتعذيب أو تَبيُّن وجود أي إصابات بهم عند مناظرتهم، وفتح تحقيق جدي وسريع مع القائمين على ذلك، وكذلك التحقيق في أقوال المتهمين بتعرضهم للاختفاء القسري والاحتجاز غير القانوني.
  • إعادة نشر وإتاحة التقارير السنوية لدار الإفتاء، بخصوص الآراء التي يبديها مفتي الجمهورية في قضايا الإعدام، والتى توقفت عن نشرها منذ عام 2012.
  • وأخيرا على وزارة الداخلية التوقف عن نشر مقاطع فيديو للمتهمين أثناء فترات التحقيق، ما يمثل انتهاكًا أساسيًّا للحق في محاكمة عادلة وافتراض البراءة إلى أن يثبت عكس ذلك.