انتهاكات مستمرة ضد أهالي حوض المثلث بالمنتزه

بيان صحفي

2 نوفمبر 2014

أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن قلقها الشديد من كارثة اجتماعية وشيكة، قد تنتهى بتشريد نحو 5000 أسرة من مساكنهم بريف المنتزه بمحافظة الإسكندرية نتيجة لتحركات هيئة اﻷوقاف لطردهم من الأرضي الزراعية، التي في حيازتهم وتحويلها إلى مشاريع استثمار عقاري.

فقد قامت هيئة اﻷوقاف بنشر استغاثة بجريدة الجمهورية يوم اﻻثنين الموافق 13 من أكتوبر 2014 إلى رئيس الجمهورية تدَّعي فيها قيام أصحاب نفوذ بالاستيلاء على أراضٍ مملوكة لها وتطالب محافظة الإسكندرية بإخلاء 300 فدان من الأراضي، يقيم عليها ويعمل بها أكثر من 5000 أسرة، بادعاء امتلاك الهيئة للأراضي المقام عليها المنازل على خلاف الحقيقة. فحسب أوراق الحيازة التي تقدم بها المزارعون إلى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، لا زالت الأرض في حيازة المزارعين ولا سلطة قانونية لهيئة الأوقاف أو للمحافظة عليها، مما قد يجعل قرارات الإزالة المرتقب تنفيذها إخلاءً قسريًّا دون سند قانوني، سيؤدي إلى تشريد الحائزين القانونيين للأرض، وحرمانهم من مصدر رزقهم المتمثل في الأرض الزراعية التي في حوزتهم ويعملون عليها.

وكانت هيئة الأوقاف قد وقعت بروتوكولًا في سنة 2008 مع محافظة الإسكندرية ينص على منح الهيئة للمحافظة ملكية 100 فدان زراعية، من أصل 300 فدان زراعية بمنطقة ريف المنتزه مقابل قيام المحافظة بإخلاء الأرض وتوصيل المرافق إليها للقيام بمشاريع استثمار عقاري على الأراضي الزراعية، التي يتملكها صغار الفلاحين حسب مخطط تفصيلي جديد، سعت هيئة الأوقاف إلى تنفيذه بمشاركة المحافظة. وبناءً عليه صدرت قرارات إزالة لإخلاء الأرض من سكانها، إلا أن محافظ الإسكندرية السابق، أسامة الفولي، قام بوقف قرارات الإزالة بعد اجتماعه مع الأهالي في 2012 إلى حين مراجعة الوضع النهائي لملكية هذه الأراضي محل النزاع. تبع ذلك قيام هيئة الأوقاف المصرية بالطعن على وقف تنفيذ قرارات الإخلاء أمام محكمة القضاء الإداري، إلا أن المحكمة أيدت قرار إيقاف الإزالة ورفضت طلب الهيئة. وكانت هيئة الأوقاف قد تسلمت عددًا من الأحكام القضائية الباتةَّ والنهائية، التي تقضي بعدم أحقيتها في الأرض بحسب محمود حمدي الكبير، محامي أهالي منطقة ريف المنتزه.

وكان الأهالي قد طعنوا على المخطط التفصيلي الذي تقدمت به هيئة الأوقاف وتم اعتماده من حي المنتزه بمحافظة الإسكندرية لإعادة تخطيط منطقة ريف المنتزه بغرض الاستثمار العقاري، لأنه ورد بملفات المخطط أن هيئة الأوقاف لم تقدم سند ملكية لهذه المسطحات. وبناءً عليه، تم بحث الملكية بمعرفة هيئة الإصلاح الزراعي، وثبت من تقرير الإدارة المركزية للملكية والحيازة بهيئة الإصلاح الزراعي أنه تم تمليك هذه الأراضي لصغار الفلاحين في بداية عام 1959 بموجب قرارات مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي.

ولكن هيئة الأوقاف تجاهلت تلك التقارير، والحكم القضائي الصادر عن محكمة القضاء الإداري، برفض طلب الهيئة للطعن على وقف قرارات الإزالة، بالإضافة إلى عدد من الأحكام القضائية الباتةَّ والنافذة، التي أقرَّت عدم أحقية هيئة الأوقاف في الأرض. وبدلًا من الالتزام بأحكام القضاء، قامت هيئة الأوقاف بالاتفاق على عددٍ من مشاريع الإسكان العقاري مع عدة جمعيات إسكان تعاونية، بالإضافة إلى البروتوكول الذي وقعته الهيئة مع محافظة الإسكندرية دون أي سند قانوني يثبت أحقيتها في الأرض.

يعود الخلاف على أرض ريف المنتزه إلى مشروع الإصلاح الزراعي الذي أطلقه جمال عبد الناصر. فبعد إلغاء نظارة الأوقاف، منح عبد الناصر أراضيها لهيئة الإصلاح الزراعي لتوزيعها على صغار الفلاحين. وقام السكان بحيازة الأرض بالفعل في خمسينيات القرن الماضي بموجب نظام التوزيع المعمول به وقتها، وبعد سدادهم لأقساط الإيجار التمليكي التي تنقل حيازة الأرض رسميًّا للسكان وورثتهم بموجب القانون. وعند عودة هيئة الأوقاف بقرار الرئيس السادات، تداخلت أرض ريف المنتزه مع ما تسلمته الهيئة على سبيل الإدارة والاستغلال نتيجة تقاعس الهيئة العامة للإصلاح الزراعي في سنة 1973 عن مباشرة اختصاصاتها برغم ثبوت ملكية الأرض لهيئة الإصلاح الزراعي بنص قانون 3 لسنة 1986.

ومنذ ذلك الحين لم تباشر هيئة الإصلاح الزراعي اختصاصاتها على هذه الأراضي بينما تستمر هيئة الأوقاف في تمليك الأراضي محل النزاع لجمعيات إسكان تعاونية مختلفة بالمخالفة للقانون، مما أدى إلى تعرض أهالي المنطقة للعديد من الانتهاكات حيث قامت بعض هذه الجمعيات باستخدام العنف لترويع وتهديد الأهالي المقيمين بالأراضي. وامتدت التعديات إلى تعنت الأجهزة الرسمية بالمحافظة في توصيل مياه الري لأراضي المزارعين وصعوبة حصولهم على البذور والأسمدة. ويشتكى الأهالي أيضًا من اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الري المتاحة وعدم توفر أي مرافق أساسية بالمنطقة.

وقد قام باحثو المبادرة المصرية بعدة زيارات ميدانية إلى المنطقة والتقوا بعدد من الأهالي والمزارعين الذين يطالبون بالاعتراف بحيازتهم القانونية للأراضي من خلال الهيئة المالكة الفعلية للأرض. كما يطالب الأهالي محافظة الإسكندرية بمد المرافق الأساسية والخدمات الاجتماعية للمنطقة.

وتُحَمِّل المبادرة المصرية للحقوق الشخصية هيئة الأوقاف المصرية وهيئة الإصلاح الزراعي المسؤولية الكاملة لما يحدث من انتهاكات للأهالي، و تطالب محافظة الإسكندرية بسرعة التدخل للاستجابة إلى مطالبهم. كما تطالب المبادرة المصرية أجهزة الدولة المعنية بالالتزام بالأحكام القضائية الصادرة لصالح السكان، و تعرب عن تخوفها وقلقها الشديدين من وقوع آثار سلبية جسيمة نتيجة ممارسات هيئة اﻷوقاف المصرية غير القانونية بالمنطقة.