الشرطة تنزل عقابًا جماعيًّا على سكان دير جبل الطير

بيان صحفي

2 أكتوبر 2014

في منتصف ليلة الثلاثاء الموافق 16 من سبتمبر الماضي، اقتحمت قوات الشرطة المصرية كثيرًا من منازل قرية دير جبل الطير، في صعيد مصر. وقد قامت قوات الشرطة بالاعتداء على عشرات اﻷقباط من سكان القرية، حيث اقتادوا المواطنين من غرف نومهم إلى الشارع وكبَّلوا أيديهم من الخلف بعد أن أوسعوهم ضربًا، وفقًا لروايات شهود العيان التي جمعتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

وترجع بداية هذه الأحداث إلى اختفاء السيدة إيمان مرقص صاروفيم، وسط ادعاءات من عائلتها بأنه تم اختطافها من قِبَلِ مسلمٍ من قرية مجاورة، وقيام سكان دير جبل الطير بالتظاهر أمام نقطة الشرطة للضغط من أجل إجراء تحقيق جدي في الواقعة وكشف ملابسات الحادث وضمان عودة السيدة المختفية إلى منزلها، وأكدت الشرطة آنذاك أن المواطنة المختفية هربت من بيتها بإرادتها واعتنقت الإسلام، مما أدى إلى حدوث مناوشات بين الشرطة والأهالي، أسفرت عن تهشيم زجاج سيارة شرطة وسيارة دفاع مدني.

ويعد العنف المصاحب للواقعة، نمطًا متكررًا من ممارسة الشرطة لسياسة إنزال العقاب الجماعي، وهو النمط اﻷكثر شيوعًا في التعامل مع اﻷحداث الطائفية، الذي عادة ما يتضمن انتهاكات صارخة للحقوق والضمانات المنصوص عليها في الدستور المصري والمواثيق الدولية التي تؤكد على صون كرامة الإنسان وحمايته ضد التعذيب وأشكال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية وتحصين حرمة الملكية والحياة الخاصة.

وعلق إسحق إبراهيم، مسؤول برنامج حرية الدين والمعتقد بالمبادرة قائلًا: "إن اعتداء بعض المتظاهرين على أفراد الشرطة ورشقهم بالحجارة هو تجاوز يجب التعامل معه وفقًا للقانون ولكنه لا يبرر إطلاقًا قيام قوات الأمن بعقاب جماعي لأهالي القرية، واستخدام العنف المفرط والممارسات التي من شأنها الحط من الكرامة الإنسانية”.

ووفق الشهادات التي تلقتها المبادرة المصرية فقد اقتحمت قوات الأمن منازل قرية دير جبل الطير وحطمت محتوياتها وجرى الاعتداء على كثيرٍ من أهالي القرية واستخدام العنف المفرط ضدهم ثم القبض العشوائي على عشرات منهم. وادعى بعض شهود العيان في شهاداتهم للمبادرة أن بعض أفراد اﻷمن قاموا بعمليات نهب خلال الاقتحام.

وتطالب المبادرة المصرية النيابة العامة بفتح تحقيق عادل وحيادي في تلك الاتهامات، التي وجهها أهالي قرية دير جبل الطير لقوات الأمن، وأن تعلن جهات التحقيق نتائج تحقيقاتها وتحيل المسئولين والقائمين عليها إلى المحاكمة القضائية. كما تطالب المبادرة المصرية بالتحقيق في الاتهامات التي وردت على لسان السيدة إيمان مرقص صاروفيم بحق قيادات وزارة الداخلية حيث ظهرت أخيرًا في فيديو مصور من منزلها، مُتهِمةً وزارة الداخلية بالكذب وادعاء تحولها إلى الإسلام، مؤكدةً لواقعة اختطافها.

وكان زوج السيدة إيمان مرقص صاروفيم ويدعي سامح عريان، قد حرر محضرًا في 3 من سبتمبر يفيد اختفاء زوجته، واتهم شخصًا، يدعى سامي أحمد عبد الرحمن، بأنه وراء واقعة اختفائها. وقد أبلغت الأجهزة الأمنية الزوج، بأن زوجته قد تركت المنزل بإرادتها وأنه لا توجد شبهة جنائية وراء ذلك، فنظم مئات من أقباط القرية مظاهرة أمام نقطة شرطة دير جبل الطير يوم 16 من سبتمبر بعد قرابة أسبوعين، تخللتهم عدة مفاوضات مع القيادات التنفيذية والأمنية بالمحافظة بالإضافة إلى مظاهرات، وحدثت مناوشات بين المتظاهرين وأفراد الأمن أسفرت عن تهشيم زجاج سيارة شرطة وسيارة للدفاع المدني.

وفي مساء نفس اليوم، قامت حملة أمنية كبيرة، باقتحام عشرات المنازل وتحطيم محتوياتها، والاعتداء بالسب والضرب على المتواجدين بها، والقبض على عشرات من الأهالي وتعذيبهم ومعاملتهم بطريقة تحط من الكرامة الإنسانية، حيث تم تقييد كل شخص، بربط يديه من الخلف ثم ربط كل مجموعة من اﻷفراد بحبل واحد وجرهم إلى مقر نقطة الشرطة، مع ضربهم بالعصي وكعوب البنادق، وإجبارهم على ترديد ألفاظ مهينة.

وخلال لقاء وزير الداخلية بوفد قبطي من محافظة المنيا في يوم 23 من سبتمبر، أكد الوزير أن السيدة إيمان مرقص صاروفيم قد تحولت إلى الإسلام وعرض عليهم صورة من شهادة إشهار إسلامها بتاريخ 15 من سبتمبر، أي قبل يوم من الاعتداءات، ووعد بتقديم تعويضات لأصحاب المنازل التي أضيرت.

ولكن في يوم 26 من سبتمبر ظهرت السيدة المسيحية، وأكدت واقعة تعرضها للخطف تحت تهديد السلاح، وقيام الخاطف بإجبارها على ارتداء الحجاب وتصوير ولصق الصورة على شهادة إشهار إسلام بها اسمها بدون أن تذهب إلى مشيخة الأزهر.

وأضاف إبراهيم أن التطورات المؤسفة التي وقعت في جبل الطير تكشف أحد جذور المشكلة الرئيسية وهو غياب سياسة واضحة وقوانين محددة تضمن حرية العقيدة أيًّا كانت وحرية المواطنين في تغيير عقيدتهم وقتما يريدون.

وتؤكد المبادرة على مسؤولية الدولة في حل النزاعات ذات الطابع الطائفي على أساس مبدأ سيادة القانون دون اللجوء إلى أساليب العقاب الجماعي أو القانون العرفي، أو غيرها من الأساليب التي تشير في مضمونها إلى عدم احترام حقوق الأقليات الدينية في المواطنة.

لمزيد من التفاصيل: اضغط هنا