إطلاق دراسة "تأثير سياسات وبرامج البنك الدولى على العمران فى مصر" بالتعاون بين مركز معلومات البنك والمبادرة المصرية

بيان صحفي

20 مارس 2013

أطلق مركز معلومات البنك BIC بالمشاركة مع برنامج حقوق السكن التابع للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في مؤتمر صحفي عقد اليوم بمقر المبادرة المصرية، الدراسة التي أعدها يحيى شوكت، الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بعنوان "تأثير سياسات وبرامج البنك الدولي على العمران في مصر" حول حافظة استثمارات البنك الدولي الاخيرة في مصر، وتأثير هذه الاستثمارات على وضع العمران في مصر وضرورة التركيز على احتياجات المواطنين في صياغة وتنفيذ المشاريع التي يمولها البنك.

وفيما يلي تلخيص لأهم ما تناولته الدراسة:

بالرغم من مليارات الجنيهات المصرية التي تنفق على شكل استثمارات في البنية التحتية، سواء من مصادر محلية أو دولية، إلا أن مدن وقرى مصر، تكاد تستمر في النمو والعمل بنفس الأسلوب الذي كانت عليه على مدى العقود الثلاثة الماضية، أى بالمجهودات الذاتية. فهناك درجات متفاوتة من الحرمان؛ إن نقص المساكن والخدمات الأساسية  وكذا التنقل– وهي المقومات الثلاثة الرئيسية  للمجتمعات الناجحة- يطال معظم المصريين، في حين تحظى أقلية بخدمات متميزة، ولذا فلا عجب من أن يأتي الشعار الرئيسي لثورة 25 يناير "عيش! حرية! عدالة اجتماعية!"
 
كان لحكومة مصر العديد من الشركاء في مجال تنمية العمران في مصر. وكان البنك الدولي من بين الشركاء المبرزين الذين قدموا استثمارات ضخمة في مشروعات البنية التحتية في مجالات الكهرباء والصرف الصحي والغاز الطبيعي والتنقل، بالإضافة إلى إسكان لمحدودى الدخل. وجاءت هذه الاستثمارات بتوصيات سياسة البنك الدولي  والدعم الفنى التي تضمنت تشجيع مشاركة القطاع الخاص والإلغاء التدريجي للدعم الحكومي، مع تبني مبدأ أن تصبح الحكومة "عنصر تمكين" بدلا من "مقدم" لمثل هذه الخدمات.
 
تصل محفظة البنك الحالية (يوليو 2012) للمشروعات ذات الصلة بالعمران إلى 3  مليار و180 مليون دولار، أي ما يقرب من 81 بالمئة من إجمالي مبلغ 3 مليار و945 مليون دولار وهو قيمة محفظة مشروعات البنك الدولي في مصر. وهذا الاهتمام طويل المدى في مصر يجعل البنك الدولي في وضع تحمل جزءا من المسئولية عن الوضع الحالي للعمران في مصر.
 
فعلى الرغم من تدفق التمويل إلى العمران فلم تقم هذه الأموال بحل المشاكل والتحديات الأساسية بعد. فهل لعبت جهود البنك دورا إيجابيا فى الترويج لسياسات ومشاريع عمرانية تخدم المواطن المصرى؟ فتبحث هذه الدراسة عن إيجابات لهذه الأسئلة من خلال تحليل وثيقة استراتيجية المساعدة القطرية لمصر 2006-2009 (2006-2009 CAS) والتي تم تمديدها لتغطي قروض البنك حتى شهر مايو 2012. فتشمل الوثيقة  عددا من الأهداف والاستراتيجيات كان أهمها؛ تنمية القطاع الخاص، توفير خدمات عامة معينة، تشجيع الإنصاف. بالإضافة تم تحليل بعض مشاريع البنك ومقارنة ما حققته هذه المشاريع بأهداف وثيقة استراتيجية المساعدة القطرية.
 
بعض نتائج البحث
في حين يبدو أن الدولة هي المالك الوحيد والجهة المنظمة لمعظم العناصر التي تشكل العمران، إلا أن الملكية هي في واقع الأمر مقسمة بين الدولة والقطاع الخاص غير الرسمي والقطاع الخاص الرسمي. وإلى جانب قطاعات خدمات البنية التحتية مثل الطاقة والمياه والصرف الصحي، فإن قطاعات المكونات الثلاثة الأخرى للعمران وهي الإسكان، والتنقل، وإدارة المخلفات الصلبة هي  قطاعات  تم  تحريرها بالفعل، وذلك على الرغم من أن هذا لا يعني أنه هذه القطاعات قد أدت وظيفة أفضل من خدمات القطاع العام بعد تحريرها.
 
محور تركيز البنك على تنمية القطاع الخاص واستخدام نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص
فإن وثيقة استراتيجية المساعدة القطرية للأعوام 2006-2009 ترى أن "الحكومة المصرية مدركة للحاجة إلى ضمان عدم إفراز ترتيبات ( الخصخصة) لاحتكارات من قبل القطاع الخاص، وأن تأتي هذه في إطار عمل تنظيمي وإشرافي يحمى الصالح العام،"ولكن من الواضح فى مجال إدارة المخلفات الصلبة الذى تم تويله إلى قطاع خاص رسمى، أن هناك الحاجة إلى تركيز أكثر على عملية التنظيم والرقابة. فما تم استبداله من النظم الذاتية التي أدارت العمران المصرى على مدى النصف القرن الماضي، بنظم رسمية أكثر "كفاءة"،  والتي جاء معظمها كجزء من برامج الخصخصة، تعاني ويعاني معها المواطنون الذين من المفترض أن تقوم بخدمتهم.
 
التشاور مع الأطراف المعنية
إن غياب التمثيل الحقيقي والتشاور مع الأطراف المعنية كان من بين المجالات التي اتسمت بالضعف في تنفيذ وثيقة استراتيجية المساعدة القطرية للأعوام 2006 – 2009 . إن "مشاركة الأطراف المعنية" في الوثيقة اقتصر بدرجة كبيرة على الحكومة المركزية وتابعيها من القطاع الخاص، أكثر من اشتمالها على نطاق أوسع من الأطراف المعنية التي تتأثر بالمشروع. وحتى يمكن صياغة سياسة شاملة للعمران فإنه لابد من مشاركة المجتمع المحلي في كل أطر تنمية السياسات وتنمية المشروعات؛ وحتى يتم تحقيق ذلك فمن غير المرجح أن تضع مشروعات البنك كأولوية فعلية لها "تحقيق مصالح المجتمعات المحلية التي تنوي خدمتها". 
 
التفاوت الإقليمى
سوف يساعد وجود سياسة شاملة للعمران على التعامل مع الفوارق الاقليمية والتشجيع على التوزيع المنصف للخدمات والاستثمارات، وهو عنصر أخفقت وثيقة استراتيجية المساعدة القطرية للأعوام 2006 – 2009 في تحقيقه إلى حد كبير؛ حيث ظلت الاستثمارات مركزة بدرجة كبيرة في إقليم القاهرة الكبرى.
 
الفقراء
الموضوعات التى إدرجت تحت مسمى "خدمات حضرية للفقراء" وكذا "خدمات حضرية أخرى" لم تمثل سوى 22 بالمئة من المشروعات ذات الصلة بالعمران. كما لا يتضح تعريف البنك لمن هو "الفقير" في موضوعه "خدمات حضرية للفقراء"، فعلى سبيل المثال في مشروع التمويل العقاري لمحدودى الدخل يتمثل المستفيدون المستهدفون في "شرائح المجتمع من متوسطي ومحدودي الدخل" –ما بين المرتبة المئوية 75 وحتى 45-ولايلبي هذا البرنامج احتياجات شرائح محدودى الدخل، أى الفقراء.
 
إعادة توطين غير طوعي
إن نصف المشروعات ذات الصلة بالعمران (إجمالي 14 مشروع)  والتي تصل نسبة الإستثمارات فيها إلى 63 بالمئة من محفظة الإستثمارات في العمران، قد تطلبت إتباع سياسة الإجراءات الوقائية الخاصة بعمليات إعادة التوطين، مما يشير إلى ما كان هناك من خطر إقصاء الناس من أراضيهم، أو منازلهم، أو بعيدا عن سبل عيشهم كنتيجة مباشرة أو غير مباشرة للمشروع. ". ونظرا لأن إعادة التوطين غير الطوعي له تأثيرات ضخمة على الأسر والمجتمعات المحلية فإنه من الأهمية بصفة خاصة أن يقوم كل من البنك والحكومة بموازنة التكاليف مقارنة بما يتم ذكره من منفعة عامة تتأتي من المشروع مع الوضع في الاعتبار البدائل بعد تفكير ملي وذلك حينما تكون إعادة التوطين أو الترحيل أحد الاحتمالات.
 
فإلقاء نظرة متعمقة على وثيقة استراتيجية المساعدة القطرية للأعوام 2006 – 2009 قد أبرزت عدة مجالات فشل فيها البنك الدولي بالتنسيق مع الحكومة المصرية في تناول الاحتياجات الحقيقية للمواطنين المصريين في العمران. وعلى مدى الأشهر الثمانية عشر القادمة من الاستراتيجية الانتقالية الجديدة للبنك فإن هناك فرصة عظيمة للبنك الدولي والحكومة الجديدة للعمل مع المواطنين ومع كافة الأطراف المعنية في إعداد خطة شاملة للعمران؛ وهذا سوف يساعد بدوره في إعداد وثيقة جديدة لاستراتيجية المساعدة القطرية بعد الثورة والتي سوف تعكس احتياجات المواطنين المصريين، الممثل الرئيس للمجتمعات العمرانية.
 
يمكن الإطلاع على نسخة إلكترونية هنا.