مصر دولة عسكرية: قرار وزير العدل يخول الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية الضبط القضائي ضد المدنيين... القرار يوفر بديلاً أسوأ من حالة الطوارئ

بيان صحفي

13 June 2012

تعرب المنظمات الموقعة على هذا البيان، عن صدمتها البالغة ورفضها القاطع والنهائي للقرار الصادر عن وزير العدل رقم 4991 لسنة 2012، والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ اليوم  13 يونيو 2012 والذي يعطي ضباط وضباط صف المخابرات الحربية والشرطة العسكرية سلطة الضبطية القضائية في الجرائم التي تقع من المدنيين (غير العسكريين).

وجاء قرار وزير العدل، غير القانوني، بإعطاء سلطة الضبط القضائي للفئات المذكورة، في الجرائم المنصوص عليها في الأبواب (الأول والثاني والثاني مكرر والسابع والثاني عشر والثالث عشر) من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وفي الباب الخامس عشر والسادس عشر من الكتاب الثالث من ذات القانون.

وأوضحت المنظمات أنه من ضمن الجرائم التي مُنح هؤلاء الضباط سلطة الضبط القضائي فيها:
"الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج والداخل"، و"المفرقعات"، بالإضافة إلى "مقاومة الحكام وعدم الامتثال لأوامرهم والتعدى عليهم بالسب وغيره"، وكذلك "إتلاف المبانى والآثار وغيرها من الأشياء العمومية"، و"تعطيل المواصلات"، وأيضًا "التوقف عن العمل بالمصالح ذات المنفعة العامة والاعتداء على حرية العمل"، وأخيرًا "الترويع والتخويف – البلطجة".

واستغربت المنظمات الموقعة السياسة المتبعة من المجلس العسكري فى إدارة الملف الأمني، فبدلاً من قيام الحكومة المصرية التى عينها ويحميها المجلس الأعلى للقوات المسلحة باتخاذ خطوات جادة فى ملف إعادة هيكلة وتطهير وزارة الداخلية، يؤسس القرار لأدوار داخلية ومريبة لأجهزة دورها الحقيقي فى حماية مصر من الخارج.

وتلاحظ المنظمات الموقعة أن العديد من الجرائم التي يتضمنها القرار تندرج في إطار حق المصريين المشروع في التعبير السلمي عن الآراء السياسية المعارضة لنظام الحكم والتظاهر والإضراب، أو في المطالبة بتغيير القوانين أو حتى النصوص الدستورية. وقد سبق للمنظمات الحقوقية أن حذرت مرارًا من أن غالبية النصوص المشار إليها في القرار تستعصي على الضبط القانوني وجرى توظيفها على نحو هائل من قبل في قمع أشكال مشروعة للحراك السياسي والاجتماعي وفي قمع كافة أشكال التنظيم السلمي.

إن صدور القرار في هذا التوقيت و قبيل أسبوعين فقط من تنفيذ المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتعهداته بتسليم السلطة إلى رئيس منتخب يضاعف من الشكوك المثارة حول مصداقية هذا التعهد و يرجح الاستنتاجات التي تذهب إلى أن التسليم الصوري للسلطة لن يمنع المؤسسة العسكرية من أن تظل لاعبًا رئيسيًا في إدارة الحياة السياسية.

إن هذا القرار بما ينطوي عليه من صلاحيات استثنائية لا سند لها في القانون تشكل التفافًا صارخًا على الإنهاء الرسمي لحالة الطوارئ.

وأضافت المنظمات: "إن هذا القرار أسوأ بمراحل من القيود والانتهاكات التي كانت حالة الطوارئ توفر غطاءً قانونيًا لها، وإذا كان عشرات الآلاف اعتقلوا وعذبوا وبعضهم قتل باسم قانون الطوارئ، فإن هذا القرار الجديد سيوفر الغطاء القانوني لتدخل الجيش فى الحياة اليومية للمصريين".

وتحذر المنظمات الموقعة من أن آلاف المدنيين قد يكونوا عرضة للملاحقة والإحالة للقضاء العسكري بموجب هذا القرار المشئوم، خاصة إذا ما وضع في الاعتبار أن صدوره يقترن بحالة من التأزم والاحتقان السياسي الهائل وثيق الصلة بإخفاقات المجلس العسكري في إدارة شئون البلاد.

وينذر هذا الاحتقان في اللحظة الراهنة بمصادمات هائلة في الشارع المصري في ضوء احتمالات حل البرلمان أو في ضوء ما قد تؤول إليه الانتخابات الرئاسية من نتائج إذا ما كتب لجولة الإعادة أن تتم أو إذا ما تقرر إعادة الانتخابات برمتها مما قد يرتبه أيضًا من إطالة أمد الفترة الانتقالية وإطالة بقاء حكم العسكر.

ونرى أن مثل هذا القرار هو تقنين بعيد المدى لعملية إحالة المدنيين للقضاء العسكري، ونحمل المسئولية في هذا الصدد للبرلمان الذي لعب دورًا هامشيًا في هذا الصدد وانتصر للتعديلات المقدمة من اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة ولم يلتفت للتعديلات التي تقدمت بها منظمات وقوى مدنية أخرى.

وقال الموقعون: "إن خلاصة هذا القانون تعني أنه من حق الضباط المذكورين القبض على المواطنين المدنيين وتفتيشهم وسؤالهم في أية مكان واحالتهم إلى النيابات المختصة ".

وشدد الموقعون على أن الثورة جاءت لكي تضع الجميع تحت سيادة القانون، وتبطل الصلاحيات "اللامعقولة" التي تمتع بها ضباط الجيش والشرطة، فإذا بهذا القرار يعود بمصر لعصر قد يكون أسوأ من عصر مبارك الذي ثار عليه المصريون.

ويرى الموقعون أن وزير العدل خالف القانون بهذا القرار، خاصة المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية، حيث إن سلطة الضبط القضائي يجوز منحها بشرط أن تكون الجرائم داخلة فى دائرة اختصاصه ومتعلقة بأعمال وظيفته. ولا ينص القانون على منح العسكريين سلطة ضبط قضائي ضد المدنيين.

وبالتالي إن ما قرره وزير العدل بشأن تحديد إختصاصات مأموري الضبط القضائي لا يجوز أن يصدر بمقتضى قرار إداري وإنما يتم تحديد تلك الاختصاصات بموجب قانون. وستتخذ المنظمات كافة السبل القانونية والقضائية وخطوات تصعيدية أخرى في حالة عدم إلغائه.

كما يطالب الموقعون على هذا البيان أن ينهض مجلس الشعب وأعضاءه بمسئوليتاتهم وأن يتقدموا بطلبات إحاطة واستجوابات لوزير العدل لمعرفة أسباب صدور هذا القرار.

الموقعون:
1- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
2- مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب.
3- المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
4- مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
5- مركز هشام مبارك للقانون.
6- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
7- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
8- مؤسسة قضايا المرأة المصرية.
9- نظرة للدراسات النسوية.
10- جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء.
11- الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية.
12- مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان.
13- مؤسسة المرأة الجديدة.
14- المنظمة العربية للإصلاح الجنائي.
15- المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
16- مركز أندلس لدراسات التسامح و مناهضة العنف.
17- المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة.