بعد قرابة عشرة أشهر من وقوع الجريمة: القضاء العسكري يقدم جندياً واحداً للمحاكمة بتهمة إخضاع المتظاهرات لفحوص العذرية

بيان صحفي

2 يناير 2012

المحقق واجه المتهم بجناية هتك العرض والقضاء العسكري خففها إلى جنحة "فعل مخل بالحياء"

ملف الدعوى يكشف للمرة الأولى أسماء ضباط قادوا الاعتداء على اعتصام 9 مارس

تبدأ المحكمة العسكرية العليا غدا الثلاثاء الموافق 3 يناير محاكمة الجندي الطبيب أحمد عادل محمد الموجي (27 عاما) على خلفية قيامه بإجراء ما يسمى "فحص العذرية" لسميرة إبراهيم وعدد من المتظاهرات المقبوض عليهن من ميدان التحرير في مارس الماضي. ويواجه الجندي تهمتي ارتكاب فعل علني مخل بالحياء وإهمال إطاعة الأوامر العسكرية.

وكشفت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن مسئولي القضاء العسكري تدخلوا لتخفيف الاتهام الموجه للجندي من جناية هتك العرض إلى جنحة فعل مخل بالحياء والمعاقب عليها بالغرامة أو بالحبس مدة لا تزيد عن عام.

وأدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية استمرار القضاء العسكري في السعي لحماية قيادات وأفراد القوات المسلحة من أي مساءلة حقيقية وجادة عن جرائمهم المرتكبة بحق المدنيين.

وقال أحمد حسام، المحامي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "إن توجيه تهمة مخففة قد لا تزيد عقوبتها عن الغرامة والاكتفاء بتقديم جندي واحد للمحاكمة وإضافة تهمة مخالفة الأوامر العسكرية جميعها إجراءات يبدو منها بوضوح السعي لتصوير ما حدث على أنه انتهاك فردي ارتكبه جندي واحد بمبادرة منه وبالمخالفة للأوامر الصادرة له ثم تقديم هذا الجندي ككبش فداء للتغطية على حقيقة الجريمة التي ارتكبت علنا في طرقات السجن الحربي."

ووفقاً لقرار الاتهام في القضية رقم 918 لسنة 2011 ج ع شرق القاهرة ـ والذي حصلت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على نسخة منه ـ فإن الجندي أحمد عادل الموجي من قوة النقطة الطبية بالسجن العمومي للقوات المسلحة الخاضع للمنطقة المركزية العسكرية يواجه التهمتين التاليتين:

"1- ارتكب علانية فعلا مخلا بالحياء العام وذلك حال كونه طبيبا بالسجن العمومي قوات مسلحة ومكلفا بتوقيع الكشف الطبي الظاهري على الإناث المودعات بالسجن، وعقب دخول المجني عليها/ سميرة إبراهيم محمود بالسجن كونها محبوسة احتياطيا على ذمة القضية رقم 246 لسنة 2011 وقع عليها الكشف الطبي الظاهري وكشف عن موطن عفتها بحجة التعرف على ما إذا كانت عذراء أم ثيب على مرأى ومسمع من بعض العاملين بالسجن.

2- أهمل إطاعة الأوامر والتعليمات العسكرية المستديمة للقوات المسلحة حال كونه تجاوز في توقيع الكشف الطبي الظاهري على الإناث المودعات بالسجن."   

وقال حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "بعد ما يقرب من عشرة أشهر من انتظار العدالة يضيف مسئولو القضاء العسكري إهانة جديدة لسميرة إبراهيم ورفيقاتها، حيث يطلب منهن أن يصدقن أن الأوامر اقتصرت على توقيع الكشف الطبي الظاهري على المتظاهرات وأن جنديا واحدا يعمل طبيبا بالسجن الحربي قرر من تلقاء نفسه مخالفة تلك الأوامر وإجراء فحص العذرية داخل السجن الحربي وفي حضور عدد من الضباط والجنود والمدنيين العاملين في السجن."

وكشفت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن قرار الاتهام ـ الصادر في يوم 18 ديسمبر 2011 ـ جاء بعد خمسة أيام فقط من جلسة التحقيق الأخيرة للنيابة العسكرية مع الجندي المتهم في يوم 13 ديسمبر، وأن الجلسة انتهت بقيام الرائد تامر صالح وكيل نيابة شرق القاهرة العسكرية بمواجهة الجندي المتهم بالاتهام التالي نصاً: "أنت متهم بهتك عرض المجني عليها المدعوة سميرة إبراهيم محمود وذلك بأن تجاوزت حدود توقيع الكشف الطبي الظاهري عليها وقيامك بتوقيع كشف عذرية لها والكشف عن مناطق العفة بها." غير أن قرار الاتهام الصادر بعد خمسة أيام استبدل التهمة بارتكاب فعل علني مخل بالحياء العام.

وأضاف حسام بهجت: "كيف يعتبر إخضاع الفتيات لفحص إجباري مهين ومؤلم بدعوى التأكد من عذريتهن مجرد فعل مخل بالحياء وليس جريمة هتك العرض مكتملة الأركان؟ كيف نفسر تدخل مسئولي الادعاء العسكري لتخفيف تهمة الجندي الطبيب من جناية تصل عقوبتها للسجن خمسة عشر عاماً إلى جنحة يعاقب عليها بغرامة لا تتجاوز 300 جنيه أو الحبس لما لا يزيد عن سنة؟"

كما ذكرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن ملف القضية يظهر بوضوح أن النيابة العسكرية تجاهلت عمداً التحقيق في تعرض كافة المتظاهرين المقبوض عليهم من ميدان التحرير في اعتصام 9 مارس ـ والبالغ عددهم 174 متظاهراً منهم 17 فتاة ومنهن 7 متظاهرات تعرضن للفحص ـ لأنواع شتى من التعذيب وإساءة المعاملة منذ القبض عليهم واحتجازهم في المتحف المصري وبعد نقلهم إلى السجن الحربي في اليوم التالي، تتضمن الضرب والصعق بالعصي الكهربية وتقييد الأيدي والأرجل فضلا عن الإهانات اللفظية الفاحشة خاصة بحق المتظاهرات.
 
ويتضمن ملف القضية مذكرة تحمل توقيع اللواء حمدي بدين مدير الشرطة العسكرية ترجع إلى شهر إبريل الماضي وتحمل عبارة (سري للغاية) بشأن "واقعة ضبط وترحيل الأفراد المتظاهرين بميدان التحرير يوم 9/3/2011". وتتضمن مذكرة بدين إشارة عابرة إلى أنه "تلاحظ وجود كدمات وسحجات ببعض الأفراد من الذكور والإناث وأفادوا أن أحد الأشخاص المتواجدين داخل المتحف .. وبعض عناصر القوات المسلحة (منهم ضابط برتبة نقيب معلوم لدى السيد مدير إدارة المدرعات) المتواجدين داخل المتحف أيضا قاموا بالتعدي عليهم مما أدى لحدوث هذه الكدمات." ولا يرد في باقي ملف القضية أي ذكر لأي تحقيق أجري بهذا الشأن.

وأضافت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن ملف القضية يتضمن لأول مرة أسماء ضباط القوات المسلحة الذين قادوا عملية الاعتداء على اعتصام 9 مارس أو تولوا احتجاز أو نقل المتظاهرين المقبوض عليهم إلى السجن، ومن بينهم اللواء أركان حرب سعيد محمد محمد عباس (مساعد قائد المنطقة المركزية العسكرية) والعميد ممدوح أبو الخير عطية (مساعد مدير الشرطة العسكرية للانضباط)، واللواء صلاح الدين محمد علي الشربيني (مدير إدارة المدرعات)، والعميد أيمن عبد الحميد محمد عامر (قائد الفرقة الثانية مشاة ميكا)، فضلا عن اللواء حمدي بدين مدير الشرطة العسكرية.