هددوا أسرة المصاب محمد مرزوق ثم اقتادوه لمكان مجهول كي يتنازل عن بلاغه رغما عنه: المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تقدم بلاغا للنائب العام تفتح فيه ملف وقائع ترهيب مصابي الثورة وأهاليهم على يد ضباط شرطة

بيان صحفي

11 يوليو 2011

محمد مرزوق يعيش بعيدا عن بيته خوفا من ملاحقة الضباط له .. ومطالب بتوفير حماية حقيقية له ولجميع أسر الشهداء والمصابين

ضباط شرطة قسم المرج يمارسون ضغوطا واسعة على المواطنين للتنازل عن بلاغاتهم .. ويلاحقون المواطنين الذين يشتكون من الضغوط!

تقدمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ببلاغ للنائب العام طالبت فيه بفتح تحقيق فوري في وقائع ممارسة ضباط وأمناء شرطة بقسم المرج، ضغوطا على مواطن أصيب بطلق ناري أمام قسم المرج يوم الجمعة 28 يناير "جمعة الغضب" لدفعه للتنازل عن بلاغه ضدهم. وطالب البلاغ الذي تقدمت به المبادرة المصرية للحقوق الشخصية السبت 9 يوليو (رقم 16100 لسنة 2011) النائب العام باتخاذ الخطوات اللازمة للتحقيق في وقائع احتجاز وترويع المواطن محمد مرزوق في مكان مجهول، على يد ضباط  وأمناء شرطة مازالوا يعملون بقسم المرج. وقد أثبتت وقائع متكررة من أن هناك ضغوط مستمرة ومنهجية يمارسها ضباط متورطون، لأجل إثناء أهالي الشهداء والمصابين عن المضي قدما في مقاضاتهم.

وقالت هدى نصر الله المحامية بالمبادرة المصرية: "ناشدنا وزير الداخلية منذ فترة بوقف الضباط المتورطين في قتل المتظاهرين عن العمل وفقا للصلاحيات المتاحة للوزير. وبالرغم من تلك المناشدة إلا أنه رفض الاستجابة وأصر على موقفه حتى بعد صدور تعليمات رئيس الوزراء يوم 9 يوليو بإنهاء خدمة كافة القيادات والضباط المُتهمين في قضايا قتل الثوار."

وقد برر وزير الداخلية، اللواء منصور عيسوي، رفضه بقوله: "رئيس مجلس الوزراء ليس من اختصاصه إصدار أي قرار بشأن الضباط الذين يمثلون حالياً أمام محاكم الجنايات بتهمة قتل المتظاهرين"، وأن "القرار في أيدي وزارة الداخلية وحدها" بحسب تصريحات صحفية أدلى بها في اليوم التالي لصدور قرار رئيس الوزراء. وأصر السيد الوزير على أنه "لن ينفذ أي قرار خاص بالضباط المتهمين بقتل المتظاهرين إلا وفقاً للقانون"، متناسيا المادة 53 من قانون الشرطة والتي تقر: "للوزير ولمساعد الوزير أو رئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه أن يوقف الضابط احتياطيا عن عمله إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك...". وكان الأحرى أن يقوم الوزير بنفسه بوقف أولئك الضباط عن العمل منذ بدء التحقيقات، ورغم عدم اتخاذ عيسوي هذه الخطوة التي تخوله إياها المادة 53، إلا أن الأمر ما يزال قيد التدارك فمراحل التحقيق تشمل أيضا المحاكمة.

وتبدي هدى نصر الله  قلقها من تعنت الوزير إزاء مثل هذه الخطوة، خاصة أن مرزوق وغيره من أهالي الشهداء ومصابي الثورة "عاشوا في حالة من الخوف والقلق المستمر، نظرا لغياب الآليات المتاحة لحمايتهم وحماية حقوقهم، وفي ظل ممارسات عدد من ضباط الداخلية، سواء أولئك الذين يلاحقون مقدمي البلاغات، أو أولئك الذين يرفضون تحرير محاضر جديدة ضد زملائهم ويتقاعسون عن حماية المواطنين."

وأفاد محمد مرزوق الذي أصيب بطلق ناري أمام قسم شرطة المرج أثناء عودته من العمل يوم 28 يناير: "بعد فترة من العلاج استطعت الحركة، لذلك توجهت لتحرير محضر بواقعة إصابتي وقتل زميلي في الواقعة ذاتها نتيجة إصابته برصاصة في الصدر، ضد ضباط قسم المرج، وقيد برقم 1033 لسنة 2011 إداري المرج."

وبعد تحرير البلاغ وبالرغم من إحالة المتهمين للمحكمة الجنائية بتاريخ 23 مارس 2011، اقتحم أفراد الشرطة السابق ذكرهم منزل مرزوق صبيحة يوم 3 مايو، وحملوه من سريره حتى سيارة ملاكي، ثم رغما عنه إلى عمارة في مكان لا يعلمه، واحتجزوه لبضع ساعات. وبعد ذلك وفي نفس اليوم أجبروه على الذهاب إلى مكتب التوثيق للتنازل عن البلاغ.

واستطرد مرزوق الذي خضع لضغوط عنيفة من ضباط الشرطة: "وبما أني لا أعلم القراءة والكتابة فقد انحصر دوري في الإقرار بهذا التنازل. وقد وقعت هذا الإقرار رغماً عني ودون إراداتي فقد أصابني الخوف والذعر من الضباط والأمناء لما لهم من سلطات ونفوذ."

ولم تنتهي هذه السلسلة من الانتهاكات عند هذا الحد، فعندما تقدم مرزوق بشكوى إلى قطاع التفتيش والرقابة بوزارة الداخلية، بكافة ما ارتكبه الضباط وأمناء الشرطة المذكورة أسمائهم ضده (رقم 4161/ع) بتاريخ 3 يوليو 2011، يقول مرزوق "قام المبلغ ضدهم باقتحام منزلي مرة أخرى وتهديد أسرتي بعدها بثلاثة أيام فقط –  في 6 يوليو 2011. وقد كنت خارج المنزل في ذاك التوقيت، وحتى الآن وأنا أخشى العودة إلى منزلي خوفا من الفتك بي."

وفي السياق ذاته، أكدت المبادرة المصرية أن نفس الضباط قاموا بمحاولة التأثير على آخرين من أهالي الشهداء بالمرج إلا أن الأهالي لم يستجيبوا وتقدموا ببلاغ ضدهم (برقم 291 لسنة 2011 عرائض المرج).

وتجدد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مطالبتها وزارة الداخلية بالتخلي عن موقفها المصر على إبقاء الضباط المتهمين في قضايا قتل الثوار في مواقعهم، نظرا للتداعيات السلبية التي تطول المحاكمات التي تجري حاليا، جراء هذا الإصرار. كما تدعو المبادرة المصرية وزارة الداخلية إلى اتخاذ إجراءات صارمة في ردع الضباط الذين يمارسون الضغوط على مقدمي البلاغات وعزلهم من وظائفهم فورا، لخروجهم على مقتضيات الواجب الوظيفي وفقا لنص المادتين 47 و48 من قانون الشرطة. كما تناشد المبادرة المصرية بضرورة تفعيل آليات لحماية أسر الشهداء ومصابي الثورة لضمان عدم تعرضهم للضغط أو الإرهاب من قبل ضباط أو أفراد شرطة، ولضمان سلامة ومجريات التحقيقات والمحاكمات.