منظمات حقوق الإنسان تصدر "إعلان مبادئ" بمناسبة قمة التنمية المستديمة

بيان صحفي

26 أغسطس 2002

وجه تحالف منظمات حقوق الإنسان المصرية المشاركة بقمة الأرض الثانية 2002 اليوم نداءً إلى قادة وزعماء العالم المجتمعين في جوهانسبرج لكي يضعوا معايير ومبادئ حقوق الإنسان في قلب مباحثاتهم التي تبدأ اليوم حول سبل تحقيق التنمية المستديمة.

وجاء في إعلان المبادئ الذي صدر عن التحالف اليوم، ويتم توزيعه بالتوازي في القاهرة وجوهانسبرج بمناسبة بدء أعمال القمة اليوم وحتى 4 سبتمبر أن تلك القمة: "تمثل فرصة سانحة لقادة حكومات العالم لإجراء حوار بناء حول عدد من أشد مشكلات الكوكب إلحاحاً وأكثرها تهديداً للبشرية. كما تعد القمة مناسبة لتجديد التزاماتهم نحو شعوبهم من ناحية ونحو المجتمع الدولي من ناحية أخرى بتقديم حياة أفضل لمواطنيهم والسعي نحو تحسين أوضاع الحياة لكافة البشر على السواء، في وقت تبدو فيه هذه الالتزامات التي تعهدت الدول بالوفاء بها في صورة مواثيق ومعاهدات ملزمة أبعد ما تكون عن التحقق."

كما انتقد التحالف خلو وثائق القمة من الإشارة إلى حقوق الإنسان والالتزامات القانونية على الدول بشأنها، حيث جاء في إعلان المبادئ: "لقد أمضت شعوب وحكومات العالم سنيناً طويلة في صياغة قانون حقوق الإنسان الدولي، سعياً نحو حضارة إنسانية قائمة على المساواة والعدل، والواجب الأخلاقي الآن يحتم ألا يدير قادة العالم ظهورهم لهذه الالتزامات…إن إغفال الإشارة إلى حقوق الإنسان لن يخدم سوى مصالح الفئة التي تريد الانقلاب على مفهوم التنمية التي تستهدف البشر، والتي تم الاتفاق عليها في (إعلان ريو) الصادر عن قمة الأرض الأولى قبل عشر سنوات، كما سيفرغ مبدأ مسئولية الدولة عن الوفاء بالحقوق الطبيعية من محتواه."

واحتوى الإعلان على عدد من الموضوعات التي طالبت المنظمات الأعضاء مسئولي الحكومة بالتأكيد عليها في أروقة المؤتمر، شملت قضايا البيئة، وإزالة الألغام، والمطالبة بإنهاء الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي، ورفع العقوبات الاقتصادية عن العراق ومنع العدوان الأمريكي المحتمل عليه، ومواجهة خطر المجاعة والأوبئة بإفريقيا، إضافة إلى عدد من القضايا الدولية التي يضم التحالف صوته فيها إلى صوت الحركة الدولية للمجتمع المدني، كوضع المرأة في عملية التنمية، والتأكيد على مكافحة الفساد، وتحقيق الشفافية، وانتهاج الحكم الصالح القائم على احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان، والمطالبة بعولمة أكثر إنسانية، من خلال إلغاء ديون الدول الفقيرة، وفرض ضرائب على المعاملات المالية، وزيادة معدلات التعاون الدولي، وتحمل الدول الاستعمارية السابقة لمسئوليتها التاريخية عن الحقبة الاستعمارية، والعمل الجاد والمتواصل نحو إنهاء الفقر.

وكان تحالف منظمات حقوق الإنسان المصرية المشاركة بقمة الأرض الثانية 2002 قد تشكل أثناء التحضير للمشاركة في القمة وعقد عدة اجتماعات تنسيقية في الأسابيع السابقة، ويضم التحالف ستة من المنظمات الحقوقية المهتمة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وهي (أبجدياً): المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومركز الأرض لحقوق الإنسان، ومركز حابي للحقوق البيئية، ومركز دراسات وبرامج التنمية البديلة، والمركز المصري لحقوق السكن، ومركز هشام مبارك للقانون.

وإلى جانب إعلان المبادئ، فقد أعد التحالف تقريراً حول أوضاع التنمية في مصر من منظور حقوقي يغطي كلاً من قضايا الفقر والصحة والغذاء والبيئة والإسكان والتعليم، إضافة إلى وضع المرأة في عملية التنمية، وعمالة الأطفال، وحقوق العمال والفلاحين.

ويمثل التحالف في المؤتمر بجوهانسبرج وفد يضم الأساتذة عادل وليم عن مركز الأرض لحقوق الإنسان، ومحمد ناجي عن مركز حابي للحقوق البيئية، ومحمود مرتضى عن مركز دراسات وبرامج التنمية البديلة.

ومرفق بهذا البيان نسخة من إعلان المبادئ.
تحالف منظمات حقوق الإنسان المصرية المشاركة بقمة الأرض الثانية 2002

إعلان مبادئ

تعتقد منظمات حقوق الإنسان المصرية المنضوية تحت هذا التحالف أن القمة الدولية للتنمية المستديمة (جوهانسبرج 26 أغسطس- 4 سبتمبر 2002) تمثل فرصة سانحة لقادة حكومات العالم لإجراء حوار بناء حول عدد من أشد مشكلات الكوكب إلحاحاً وأكثرها تهديداً للبشرية. كما تعد القمة مناسبة لتجديد التزاماتهم نحو شعوبهم من ناحية ونحو المجتمع الدولي من ناحية أخرى بتقديم حياة أفضل لمواطنيهم والسعي نحو تحسين أوضاع الحياة لكافة البشر على السواء، في وقت تبدو فيه هذه الالتزامات التي تعهدت الدول بالوفاء بها في صورة مواثيق ومعاهدات ملزمة أبعد ما تكون عن التحقق.

وإذا كان الهدف الأساسي من وراء القمة هو الوصول إلى سبل تحقيق التنمية المستديمة بمعناها الواسع فإننا نعتقد أن هذا الهدف لن يتحقق إلا إذا وُضعت منظومة حقوق الإنسان -الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية- في قلب المناقشات الدائرة أثناء القمة. فهذه المنظومة تكاد تكون الخيط الناظم الوحيد بين كافة القضايا المطروحة على المشاركين في القمة، كما أنها تتميز بطابع الإلزام القانوني الذي خضعت له الدول بإرادتها بانضمامها إلى مواثيق حقوق الإنسان التي تقع الآن في القلب من القانون الدولي العام. ولهذا فإن تحالفنا يضم صوته إلى المجتمع المدني العالمي في التعبير عن القلق من الطريقة التي تمت بها صياغة وثائق القمة بشكل أفرغها من أي ذكر لحقوق الإنسان والالتزامات القانونية للدول بشأنها، سواء في الإعلان الرسمي أو برنامج العمل أو الإطار المؤسسي. إن إغفال الإشارة إلى حقوق الإنسان لن يخدم سوى مصالح الفئة التي تريد الانقلاب على مفهوم التنمية التي تستهدف البشر، والتي تم الاتفاق عليها في (إعلان ريو) الصادر عن قمة الأرض الأولى قبل عشر سنوات، كما سيفرغ مبدأ مسئولية الدولة عن الوفاء بالحقوق الطبيعية من محتواه.

لقد أمضت شعوب وحكومات العالم سنيناً طويلة في صياغة قانون حقوق الإنسان الدولي، سعياً نحو حضارة إنسانية قائمة على المساواة والعدل، والواجب الأخلاقي الآن يحتم ألا يدير قادة العالم ظهورهم لهذه الالتزامات التي تضمنها كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966)، وإعلان الحق في التنمية (1986)، وإعلان الأمم المتحدة بشأن البيئة والتنمية (1992)، وإعلان وبرنامج عمل فيينا (1993)، و إعلان ريو والأجندة 21 (1992)، وإعلان اسطنبول وأجندة الموئل الثانية (1996)، وإعلان الألفية (2000) وغيرها من الوثائق والإعلانات التي تشكل ذروة الإجماع الأخلاقي الإنساني الذي لا يجب أن نسمح بتجاهله واعتباره كأن لم يكن على يد من يفترض أنهم يتحدثون باسمنا.

وتتخذ هذه القمة أهمية خاصة بالنسبة لمصر تحديداً، حيث تنعقد في ظل مرور البلاد بتوقيت حرج للغاية، ، حيث بلغت نسبة من يعيشون تحت خط الفقر حوالي 38.3% من إجمالي السكان، في حين بلغت نسبة المعدمين (الفئات التي تعيش بأقل من نصف دولار أمريكي يوميا) قرابة 7.4% من تعداد المصريين، وهو ما أدي لحرمان كل هؤلاء من غالبية حقوقهم الأساسية. لقد وصلنا إلى هذه المستويات بعد سنوات من تطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادي وانتظار الوعود الحكومية بالرخاء الذي لم يأت بعد ولا يتوقع حضوره قريباً، ورغم أن تحالفنا لا يدخل في إطار عمله اقتراح أو تأييد سياسة اقتصادية معينة، إلا أننا لا نملك إلا أن نطالب الدولة بتحمل مسئوليتها تجاه وقف الإفقار المطرد لأعداد متزايدة من الأفراد، إن من المؤكد أن مستوى معيشة المواطن المصري لن يتحسن إذا استمر الانخفاض المطرد للإنفاق الاجتماعي في مقابل زيادة الضرائب غير المباشرة. كما أن على الدولة أن تتحمل مسئوليتها تجاه نسبة البطالة والتي بلغت حوالي 25% من إجمالي قوة العمل المصرية أو قرابة خمسة ملايين عاطل.

ومع التأكيد على مسئولية الدولة تجاه تحقيق التنمية والرخاء لمواطنيها، فإننا لا نغفل دور الفاعلين غير الحكوميين -وعلى رأسهم الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات النقدية الدولية- في انتهاك حقوق أساسية للبشر، وفي المساعدة على انضمام مزيد من الأفراد إلى عداد الفقراء والعاطلين طيلة الوقت. ولذلك فإننا نطالب بتحميلهم المسئولية الأخلاقية والقانونية عن أعمالهم، ومحاسبتهم على ما يرتكبونه من انتهاكات. فالاستفادة الكبرى من عولمة السلع والخدمات والأفكار يجب أن تعود على غالبية سكان الكوكب وليس على فئة محدودة منهم كما نرى الآن. وفي هذا الصدد فإننا نتطلع إلى انتهاء مداولات الأمم المتحدة حول كل من (مبادئ ومسئوليات حقوق الإنسان للشركات عبر القومية وغيرها من مؤسسات الأعمال) و (إعلان حقوق الإنسان والفقر المدقع) وإصدار هاتين الوثيقتين الهامتين كتعبير عن التزام المجتمع الدولي بحماية غالبية أفراده.

إننا نطالب المسئولين عن بلادنا أن يقوموا بواجبهم في إسماع صوتنا داخل قاعات وأروقة القمة، وألا ينسوا قضايانا الأساسية العادلة التي نوجز أهمها هنا دون ترتيب:
1. إن لنا -كما لمواطني العالم- ولأبنائنا من بعدنا الحق الأخلاقي والقانوني في التمتع بحقنا في الوصول إلى الموارد والمشاركة في إدارتها وترشيد التعامل معها لصالح الجيل الحالي والأجيال القادمة. ولذلك فإننا نطالب بمنع استيراد الصناعات الملوثة للبيئة، وبإعادة النظر في اتفاقية الملكية الفكرية (اتفاقية التريبس) في علاقتها بالموارد الطبيعية وحقوق الشعوب ، كما نطالب بمنع دفن النفايات الخطرة بأراضي الصحراء الكبرى، وباتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الاعتداء على نهر النيل لأهميته لحياتنا، وبالمبادرة بحل مشكلة التصحر قبل أن تزداد استفحالاً.

2. إن على الدول الاستعمارية السابقة تحمل المسئولية عن إزالة 16 مليون لغم أرضي رحلوا وتركوها في مصر تحصد أرواح مواطنينا وتشوههم وتعطل استغلال 66 ألف فدان من أراضينا. إن إزالة هذه الألغام لا يعد بأي حال تعويضاً كافياً عن رزوح أراضينا تحت الاحتلال الأجنبي لعقود طويلة.

3. من غير المتصور أن تتحقق التنمية بأية صورة في البلاد الخاضعة للاحتلال الأجنبي، الأمر الذي يستدعي قيام المجتمع الدولي بتحمل مسئوليته في وضع آليات عملية نحو إنهاء كافة البؤر الاستعمارية، وعلى رأسها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. كما أن التنمية تستحيل في بلد كالعراق، خضع سكانه لسنين من العقوبات الاقتصادية الخانقة، ويواجهون الآن التهديد بغزو عسكري لن يسفر إلا عن سقوط المزيد من المدنيين الأبرياء.

4. أن الحق في الحياة له الأولوية المطلقة على كافة حقوق الإنسان الأخرى؛ ومن ثم فإن مجابهة المجاعة التي تهدد أرواح الملايين في القارة الأفريقية لهو أمر يستدعى وضع خطة تحرك عملي طارئة وعاجلة يضطلع بها المجتمع الدولي - حكومات ومنظمات - وذلك لتقديم الإغاثة الإنسانية الواجبة. كما أن الأوبئة والأمراض التي تعانى منها مناطق عديدة في العالم - ومن ضمنها مرض الإيدز - في حاجة إلى اهتمام خاص يضمن حفظ الحق فى الحياة مقدما على أرباح شركات الأدوية.

5. على العالم أن يراعي في أي برنامج عمل يتم إقراره وضع المرأة في عملية التنمية. لقد تعرضت المرأة و مازالت لأشكال مختلفة من الظلم والتمييز والاضطهاد عبر قرون مضت، ولن تتحقق التنمية حتى تتوقف هذه الممارسات ويتاح للنساء والرجال على قدر المساواة أن يحصدوا نصيبهم من ثمار عملية التنمية. لابد من مواجهة شجاعة لظاهرة تأنيث الفقر التي تجعل غالبية فقراء العالم من النساء.

6. إننا نؤكد أن التنمية المستديمة لن تتحقق إلا بمكافحة الفساد، وتحقيق الشفافية، وانتهاج الحكم الصالح القائم على احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان. كما أن الدولة لن تتمكن من تحقيق التنمية بمفردها دون أن تسمح لمنظمات مجتمع المدني وللأفراد العاديين بالمشاركة في عملية التنمية التي تمس حياتهم ومصائرهم في الصميم.

7. نضم صوتنا إلى صوت الحركة الدولية للمجتمع المدني في المطالبة بعولمة أكثر إنسانية، من خلال إلغاء ديون الدول الفقيرة، وفرض ضرائب على المعاملات المالية، وزيادة معدلات التعاون الدولي، وتحمل الدول الاستعمارية السابقة لمسئوليتها التاريخية عن الحقبة الاستعمارية، والعامل الجاد والمتواصل نحو إنهاء الفقر.
إننا نشعر بقلق بالغ ونحن نتابع الانشغال المفرط بمكافحة الإرهاب التي فرضتها أحداث 11 سبتمبر على المجتمع الدولي، وكيف تقترن جهود مجابهة الإرهاب بالتنكر شبه المطلق لحقوق الإنسان، سواء بفرض القيود على الحقوق المدنية والسياسية، أو بتجاهل غياب المساواة والعدالة الاجتماعية، وانتشار الظلم وتفشي الفقر، وهو ما أسهم إلى حد كبير في إفراز العنف والكراهية والإرهاب.

المنظمات:

  1. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
  2. مركز دراسات وبرامج التنمية البديلة
  3. مركز الأرض لحقوق الإنسان
  4. المركز المصري للحق في السكن
  5. مركز حابي للحقوق البيئية
  6. مركز هشام مبارك للقانون