دراسة تحليلية لتقييم حصاد مجلس النواب المنتهية ولايته (2015-2020)

الملخص التفيذي: 

مثَّل انتخاب مجلس النواب (2015-2020) الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق التي أُعلنت عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، ممثل جماعة الإخوان المسلمين، في الثالث من يوليو 2013 وقُدمت إجراءاتها المقترحة كمحاولة "لاحتواء الانقسام المجتمعي وإزالة أسباب الاحتقان بين المصريين"، وذلك عقب أزمة سياسية كان من ضمن ملامحها تصاعد التحريض والعنف الطائفيين، بشكل عام، وضد المواطنين المسيحيين على وجه الخصوص. كما أن انتخاب هذا المجلس قد جرى وفقًا لأحكام وثيقة دستورية جديدة أُقرَّت في يناير 2014، وحفلت ديباجتها وموادها المختلفة بالإشارة إلى ضرورة التزام سلطات ومؤسسات الدولة بمبادئ مدنية الحكم والمواطنة، وعدم التمييز بين المواطنين. وكذلك، جرت انتخابات هذا المجلس في ظل التزام دستوري، وقانون انتخابي، ينشئ نظامًا للتمثيل الملائم (كوتا) للمسيحيين المصريين. 

وبالتالي، فقد عُقدت آمال كبيرة على هذا المجلس - والذي تدعمت سلطاته وصلاحياته نسبيًّا مقارنةً بالدساتير السابقة - للعب دور فعَّال عبر أدواته التشريعية والرقابية في دعم حريات الدين والمعتقد ومواجهة العنف الطائفي وإرساء قواعد شفافة وديمقراطية لإدارة المجال الديني بوصفها جميعًا إجراءات ضرورية "لاحتواء الانقسام المجتمعي" ودعم الطابع المدني للحكم والمساواة بين المواطنين أمام القانون. 

في هذا السياق، تفاعل عدد من المنظمات الحقوقية المصرية مع المجلس بإيجابية منذ اليوم الأول لانتخابه أملًا في حث نوابه على التصدي للمسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقهم. وقدَّمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى النواب عددًا من مشروعات القوانين الهادفة إلى تعزيز حريات الدين والمعتقد وسدِّ الفجوة بين الالتزامات الدستورية والنصوص التشريعية، كما أصدرت عددًا من التعليقات المفصلة على مشروعات قوانين ذات صلة بنفس القضية طُرحت على أجندة المجلس. 

واستكمالًا لنفس النهج، تصدر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية هذه الدراسة التحليلية لتقييم حصاد مجلس النواب المنتهية ولايته. وتنطلق الدراسة من تحليل أدوار المجلس الثلاثة الرئيسية: الدور التمثيلي المتمثل في التعبير بشكل حقيقي عن التنوع المجتمعي، والدور التشريعي المتمثل في إنتاج تشريعات معززة للمساواة ومنع التمييز الديني وتضمن حماية الحقوق المكفولة دستوريًّا، والدور الرقابي لضمان مدى التزام السلطة التنفيذية بتحقيق أهداف الدستور والقانون.

النتيجة النهائية التي نرصدها في هذه الدراسة التحليلية تشير بوضوح إلى أن المجلس قد قصَّر في أداء هذه الأدوار بشكل فادح بسبب إحجامه عن استخدام أدواته المتاحة. فحصاد المجلس التشريعي في هذا الملف كان محدودًا واقتصر على معالجة قضايا هامشية لا تتناول العقبات الرئيسية في التشريع، والممارسة التي تحول بين المواطنين المصريين وممارسة حقهم الدستوري في حرية الدين والمعتقد. واقتصر سجلّه التشريعي في أغلب الأحيان على إقرار تشريعات مقدمة من الحكومة مباشرة دون تعديلات تذكر. وفيما يتعلق بالأدوات الرقابية، فقد غابت بشكل كامل تقريبًا. ومن ثم بدأ مجلس النواب الحالي أولى جلساته في 12 يناير 2021 وعلى جدول أعماله نفس القضايا والملفات المفتوحة دون تغيير يذكر بعد خمس سنوات.  

واجه باحثو المبادرة المصرية صعوبات جمَّة في الوصول إلى المعلومات اللازمة لإنجاز هذه الدراسة، خصوصًا في ظل عدم إذاعة جلسات المجلس تلفزيونيًّا، وخلو الأخبار التي يصدرها المجلس من أية معلومات تفصيلية عن أداء الأعضاء والأدوات الرقابية التي استخدمت وتوزيعها حسب القضايا المختلفة. ولم يصدر المجلس أي بيانات بشأن عدد مشروعات القوانين والاقتراحات بقوانين التي قدمها الأعضاء، خصوصًا المتعلقة بالحريات الدينية أو المؤسسات الدينية، أو بطبيعة الأدوات الرقابية التي استخدمت في هذا الشأن، ومدى تفاعل السلطة التنفيذية معها. وبالرغم من هذه الصعوبات، حاول الباحثون تتبع سير عمل المجلس معتمدين على عدة مصادر من أبرزها:

  • أجندة عمل مجلس النواب المنشورة على الموقع الرسمي للمجلس، وبها عناوين الموضوعات التي نوقشت يوميًّا بالجلسات العامة، وداخل اللجان النوعية.
  • تقارير الحصاد التي يصدرها المجلس عادة عقب نهاية كل دور انعقاد، وتتضمن القوانين التي صدرت وبيانات إحصائية عن أداء بعض اللجان.
  • نشرة مجلس النواب، وهي نشرة دورية أصدرها المجلس خلال أدوار الانعقاد الأربعة الأولى، وتتضمن أخبارًا عن نشاط رئيس المجلس والتشريعات التي صدرت ومشروعات القوانين التي جرت مناقشتها. 
  • البيانات الصادرة عن بعض أعضاء البرلمان عن أدائهم، والأدوات البرلمانية التي استخدموها خلال الفصل التشريعي الأول.
  • مقابلات أجراها الباحثون مع عدد من أعضاء مجلس النواب حول الأدوات البرلمانية التي استخدموها، وطريقة عمل لجان البرلمان ومآلات طلبات الإحاطة التي قدمت منهم.
  • متابعة الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية لأنشطة المجلس، وتصريحات هيئة المكتب ومسؤولي اللجان النوعية.

وخلصت الدراسة التحليلية إلى:

  • لم تحظَ قضايا حرية الدين والمعتقد والحق في عدم التمييز باهتمام مجلس النواب كمؤسسة، ولا باهتمام أعضائه بالشكل المتناسب مع حجم العوائق التي تواجه تفعيل النصوص الدستورية التي تكفل هذه الحقوق والحريات. وذلك بالرغم من شغل هذه القضايا لحيز كبير من النقاش العام، خصوصًا في ظل حديث رئيس الجمهورية المتكرر عن تجديد الخطاب الديني، وضمان حرية المعتقد للجميع، بالإضافة للاعتداءات الطائفية والعمليات الإرهابية التي استهدفت قطاعًا من المسيحيين، مستندة إلى رؤى دينية تكفيرية ومحافظة. يرجع هذا التجاهل لأسباب عديدة منها الرؤى السياسية والدينية المحافظة لقطاع معتبر من أعضاء مجلس النواب، أو الرغبة في تحاشي مواجهات مع بعض الوزارات المهمة كالداخلية والتنمية المحلية والأوقاف والإسكان والتعليم. وهذا القصور لم يمنع بالطبع من وجود بعض النواب الداعمين لملف الحريات الدينية منهم: نادية هنري ومحمد أنور السادات، قبل إسقاط عضويته، ومحمد فؤاد وآمنة نصير ورضا البلتاجي.

  • يُعد تمثيل الأقباط في البرلمان (2015-2020)هو الأفضل منذ 1952، وبنسبة 6.3% من إجمالي الأعضاء المنتخبين، لكن نسبتهم ليست الأفضل في تاريخ الحياة النيابية، فهي تقل عن تمثيلهم في عدد كبير من برلمانات ما قبل 1952. ويرجع الفضل في هذه النسبة إلى النص الدستوري بتطبيق ما يعرف بالتمثيل المناسب للمسيحيين "الكوتا" في القوائم، حيث أن نسبة نجاح الأقباط في الانتخابات بالنظام الفردي بلغت 2.6%. وبالرغم من ذلك، لا تعكس النتائج تغييرًا جوهريًّا في المناخ السياسي أو توجهات الناخبين، حيث نجح ثلاثة مرشحين فقط على مقاعد الفردي في انتخابات مجلس النواب 2020 مقابل اثني عشر في انتخابات 2015. ولم ينعكس هذا التمثيل العددي على مناقشة قضايا الحريات الدينية، فلم يكن هناك أية مواقف واضحة لنواب الكوتا المسيحيين في هذا الشأن. وباستثناءات بسيطة لم يحاول أي منهم طرح أي قضية تخص المساواة ومنع التمييز للمناقشة أو ضغط لاستخدام الأدوات الرقابية، وقد أبدى بعضهم تخوفهم من النظر إليهم كنواب طائفيين إذا دعموا قضايا مواطنين ينتمون إلى نفس دياناتهم.

  • في المقابل، غاب تمثيل الأقليات الدينية غير المعترف بها رسميًّا كالشيعة أو البهائيين في البرلمان، ولم تُطرح بالتبعية قضاياهم داخل أروقة المجلس، إلا باستثناءات نادرة، بل إن بعض أعضاء المجلس مارسوا التحريض والحض على الكراهية ضد هذه الجماعات. على سبيل المثال، قدمت طلبات إحاطة عن ظاهرة الإلحاد بلجنة الشؤون الدينية، بينما تم تجاهل طلب الإحاطة الذي تقدم به النائب محمد فؤاد لرئيس الوزراء حول كيفية ضمان تمتع الأقليات الدينية بحقوقهم، مشيرًا إلى المشاكل التي يتعرض لها البهائيون في استخراج الأوراق الرسمية وتوثيق عقود الزواج لهم.  

  • بخصوص النواب ذوي المرجعية الدينية، اتسم أداء نواب حزب النور السلفي - الحزب الإسلامي الوحيد الممثل بالبرلمان _ بعدم إثارة أية قضايا جدلية داخل المجلس فيما يتعلق بملف حريات الدين والمعتقد، أو الصدام مع التوجه العام للسلطة التنفيذية في هذا الشأن. لم يتقدم الحزب مثلًا بأية مشروعات قوانين تخص دور الدين في المجال العام أو صلاحيات المؤسسات الدينية، واكتفوا بإعلان رفضهم لعدد من القوانين التي صدرت لأسباب لها علاقة بالمرجعية الدينية للحزب، من أبرزها قانون بناء وترميم الكنائس، وتجريم ختان الإناث. وبينما أعلن نواب الحزب في البداية رفضهم للتعديلات الدستورية بسبب الدور المنوط بالقوات المسلحة في الحفاظ على مدنية الدولة، إلا أنهم عادوا وصوتوا لصالحها بحجة أن رئيس المجلس أوضح لهم أن المقصود "بالمدنية" في النص لا يعني علمانية الدولة. فيما يخص مشروعات القوانين المقدمة، فقد رفض الحزب إلغاء نص المادة 98 (و) من قانون العقوبات ودعم مشروع القانون بتجريم إهانة الرموز الدينية والتاريخية. وفي سياق متصل، ركز نواب حزب النور على المشكلات المحلية لدوائرهم وما يرتبط بها، وهو ما ترتب على استخدام الأدوات البرلمانية في هذا الاتجاه بعيدًا عن القضايا التي اكتسبت زخمًا إعلاميًّا. 
  • تحكم عدد محدود من الأعضاء في سير المناقشات داخل المجلس، ووضع الأدوات الرقابية المقدمة من الأعضاء على أجندة المناقشة، فهيئة مكتب المجلس المكونة من رئيس المجلس والوكيلين قد تحكمت في عمل المجلس والجلسات العامة، وهيئة مكتب كل لجنة والمكونة من رئيسها ووكيليها وأمين السر كانت هي المسؤولة عن وضع جدول أعمال اللجنة والإشراف عليها. ولم يُعرف على وجه التحديد المعايير المستخدمة في تحديد أجندة المجلس، وما الذي أعطى الأهمية لقضايا على حساب الأخرى، وإذا ما كان هناك تنسيق فيما بينها، أو مع جهة ما رسمية. في هذا السياق، صرح النائب محمد أنور السادات: "أغلب أعضاء مجلس النواب يعملون بالتوجيه من خارج المجلس." مضيفًا: "طريقة حشد الأعضاء في اللجان داخل المجلس طريقة قديمة، ولم أتصور أن تدار الأمور بنفس الطريقة، ليس فقط في اللجنة التي كنت رئيسها في الدورة البرلمانية الأولى وهي لجنة حقوق الإنسان التي كانت مشلولة شللًا تام، فهم لا يرغبون بفتح أي ملف وتم محاصرة اللجنة، نفس الأمر في كل اللجان".
  • التشريعات التي تم إقرارها بشأن قضايا الدين وحرية الاعتقاد قدمت من الحكومة، ولم تصدر أي من مشروعات القوانين أو الاقتراحات بقوانين التي قدمها أعضاء مجلس النواب، وفي الحالات التي قدم فيها الأعضاء مشروعات قوانين بخصوص نفس القضايا التي قدمت فيها الحكومات مشروعات تم تجميد تلك المقدمة من النواب حيث لم يجرِ مناقشتها، أو على أقل تقدير لم يؤخذ بالتدخلات والتوصيات المقدمة منهم بشأن تلك التي تم إقرارها.
  • ردًّا على بعض التشريعات التي قدمها النواب، لجأت الحكومة للوعد بتقديم عدد من مشروعات القوانين، لكنها لم تلتزم بوعودها، حتى تلك التي حددت مدة زمنية لتقديمها، ومن أبرزها القانون المنظم لعمل مفوضية مكافحة التمييز، وهو من القوانين المكملة للدستور، وقانون الأحوال الشخصية، وتعديل المادة 98 (و) من قانون العقوبات والمعروفة بمادة "ازدراء الأديان".
  • تعددت أوجه الخلاف بين مؤسسة الأزهر ومجلس النواب والحكومة فيما يخص عددًا من التشريعات المنظمة لعمل المؤسسات الدينية الإسلامية الرسمية وجهات الفتوى والأحوال الشخصية للمسلمين، فيما بدا وكأنه نزاع بشأن الجهة التي تملك حق صناعة التشريعات المنظمة للمجال الديني. وقد نجحت مؤسسة الأزهر في فرض كلمتها، وتعطيل صدور جميع مشروعات القوانين التي أبدت تحفظات بشأنها، ذلك بالرغم من انتهاء اللجان النوعية من مناقشتها، وإصدار تقاريرها بالموافقة عليها، وتحديد جلسات عامة للموافقة النهائية لبعضها، وهو ما اتضح في مشروعي قانوني تنظيم الفتوى العامة وتنظيم دار الإفتاء.
  • تبنت مؤسسة الأزهر مشروعين بقانونين أعدتهما، واعتبرتهما من صميم عملها. المشروع الأول هو قانون الكراهية ومنع العنف الديني، والذي أُرسل إلى رئاسة الجمهورية مباشرة، لكن لم يصل إلى البرلمان (ولهذا لم يناقشه التقرير). وعلقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على مشروع القانون في حينه. ورأت أنه بينما نص مشروع القانون أن هدفه هو منع التمييز والتحريض، لكنه في الممارسة سيؤدي لقمع أشكال من التعبير التي يمكن أن تستثير (النوازع الطائفية) للذين يشعرون بسيادة المسلمين على غيرهم، هذا بخلاف ميل القانون لرفض التنوعات الدينية غير المعترف بها رسميًّا. أما مشروع القانون الثاني، فكان قانون الأحوال الشخصية للمسلمين، ولم يناقش في البرلمان أيضًا، وقوبل بموجة نقد شديد خصوصًا أن البرلمان كان قد أرسل عدة مشروعات قوانين إلى الأزهر لأخذ الرأي ولم يعدها إليه.
  • صدرت القوانين التي أقرها المجلس بدون طرحها للنقاش المجتمعي، وبدون الاستماع إلى الخبراء والمهتمين، ولم يؤخذ بالملاحظات التي أرسلت إليه من جانب مؤسسات المجتمع المدني، ولم يستطع المواطنون الوصول إلى الوثائق المتعلقة بجميع مراحل التشريع، والمذكرات التفصيلية ومواقف الكتل البرلمانية والأعضاء منها، بالإضافة لمشروعات القوانين التي استوفت الإجراءات الشكلية وجرت مناقشتها ولم تصدر. على سبيل المثال، صدر قانون بناء وترميم الكنائس بعد ثلاثة أيام من إرسال الحكومة له، وكما جاء منها، وبدون الأخذ بانتقادات النواب، أو بالمخاوف والانتقادات التي وردت للمجلس من أطراف عدة، من بينها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
  • دور مجلس النواب الرقابي كان ضعيفًا، لأسباب عديدة بعضها يرجع إلى سيطرة النظرة الضيقة لسبل علاج قضايا الدين والحريات من منظور أمني فقط، علاوة على ضعف الدور التشريعي والرقابي للمجلس بشكل عام في كافة القضايا تقريبًا، وهو ما يمكن استنباطه من تحكم هيئة المكتب في القضايا التي تمت مناقشتها، وعدم دعوة المجلس أيًّا من الوزراء المسؤولين خصوصًا عند مناقشة أحداث جسام كتفجيرات الكنائس، والتي خلفت أعدادًا كبيرة من الضحايا. في هذا السياق مثلًا، نشر د. عماد جاد، عضو مجلس النواب، بيانًا على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تعليقًا على بعض أحداث العنف الطائفي بمحافظتي المنيا وبني سويف، قال فيه: "تنتابني حالة من الإحباط والحيرة الشديدة من المخطط الجهنمي الذي يتعرض له الأقباط بإشراف أجهزة الدولة ومؤسساتها، وحاولت على مدار الأسابيع الماضية بذل كل جهد ممكن عبر الاتصالات المباشرة مع المسؤولين بدءًا بوزير الداخلية وصولًا إلى البرلمان، لكن الطرق جميعها مسدودة، تأخذ كلامًا معسولًا ويواصلون تنفيذ المخطط الهادف إلى قهر الأقباط وإذلالهم". وتابع: "أقول بكل ثقة لا توجد إرادة سياسية لوقف المخطط، أعلن لكم فشلي أنا وزملاء في مجلس النواب مسلمين ومسيحيين في مجرد مناقشة الموضوع تحت قبة البرلمان، أعلن لكم يأسي عن إصلاح الأحوال وفق القنوات الرسمية والشرعية، أصارحكم القول، أفكر جديًّا في التوقف عن الرهان على هذه الوسائل والبحث عن حلول بعيدًا عن الرهان على مؤسسات الدولة التي تواصل مخطط التنكيل بالأقباط".
  • لم تقم اللجنة الدينية بدورها في مراقبة أداء المؤسسات الدينية، ومناقشة سبل دعم الحريات الدينية للمواطنين، وعدم تعرضهم لأية انتهاكات بسبب رؤاهم ومعتقداتهم الدينية. وبالرغم من أهمية دور اللجنة فلم تنل اللجنة الاهتمام الكافي من النواب وهيئة المكتب، وانضم إليها عدد قليل من أعضاء المجلس _9 نواب فقط_ بالإضافة إلى تركيز اللجنة الحصري على الشأن الإسلامي فقط ودور المؤسسات الدينية الإسلامية الرسمية، وهو ما انعكس على أداء اللجنة من حيث تبني وجهة نظر وزارة الأوقاف وإدارتها للشأن الإسلامي، وفي عدم التعامل مع قضايا الاعتداءات الطائفية وما صاحبها من خطابات حاضة على العنف أو الكراهية والتمييز.
  • في نفس السياق، جاء دور لجنة حقوق الإنسان هزيلًا، ولا يتسق مع مهامها ومسؤولياتها وفقًا للائحة الداخلية للمجلس، بل عملت اللجنة على التقليل من شأن التوترات والاعتداءات الطائفية، وتقديم صورة تجميلية لسياسات السلطة التنفيذية، كما لم تناقش اللجنة الالتزامات التشريعية التي ترتبت على دستور 2014، ولم تستخدم الأدوات الرقابية في مراجعة وتقييم أداء الحكومة. أما لجان الإسكان والتعليم والإدارة المحلية والتي تتقاطع مع ملفات مهمة، منها: بناء وترميم دور العبادة وتعزيز خطابات التسامح والتعددية، فكانت غير مكترثة بهذا الملف، وكانت مساهمات بعضها محدودة جدًّا ومقصورة على المشاركة مع اللجان الأخرى في مناقشة بعض مشروعات القوانين. 
  • بشكل عام، يمكن تقسيم فترة مجلس النواب إلى مرحلتين، الأولى شملت دوري الانعقاد الأول والثاني خلال عامي 2016 و2017، حيث قدم عديد من أعضاء المجلس مشروعات قوانين للمواطنة والمساواة ومكافحة التمييز وكفالة حرية التعبير في القضايا الدينية، كما قدمت طلبات إحاطة وبيانات عاجلة حول أحداث التوترات الطائفية، ذلك بغض النظر عن طريقة تعامل هيئة المكتب بالمجلس واللجان معها وتجميدها بعد مناقشتها. أما المرحلة الثانية والتي شملت أدوار الانعقاد التالية، وهي التي شهدت فقط تقديم مشروعات قوانين بشأن المؤسسات الدينية الإسلامية وإدارتها للشأن الديني، ولم تصدر بسبب خلافات رؤى مؤسسة الأزهر والأعضاء والحكومة.

لم يعمل مجلس النواب على توفير البيانات والمعلومات بشأن أنشطة وأعمال البرلمان، وكانت نشرة مجلس النواب هي المصدر الوحيد لتتبع ومراقبة أداء المجلس، خصوصًا بعد منع البث المباشر للجلسات، وامتنع المجلس عن إصدارها خلال دوري الانعقاد الآخرين الخامس والسادس، وبالتالي غابت الشفافية والرقابة الشعبية عبر مشاهدة ومتابعة جلسات المجلس.
 

التوصيات :

انطلقت أعمال دور الانعقاد الأول من مجلس النواب الجديد في الثاني عشر من يناير 2021، وسط تطلعات بأن يمارس البرلمان اختصاصاته التشريعية والرقابية، والتي تخلى عنها المجلس السابق، لا سيما مع التغييرات الكبيرة في تشكيل المجلس من حيث العضوية، وسيطرة حزب مستقبل وطن على الأغلبية، وتغيير كامل هيئة المكتب للمجلس (الرئيس والوكيلين) وأغلب لجان البرلمان. 

وتوصي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالتالي:

 

  • إقرار المجلس مشروعات القوانين المرتبطة بتعزيز حرية الدين أو المعتقد، التي قُدمت من أعضاء في البرلمان السابق بشأن دعم حقوق المواطنة والمساواة أمام القانون ومنع التمييز والتعامل الجنائي مع أحداث العنف والتوترات الطائفية، ذلك بعد استكمال مناقشتها، خصوصًا أنها استوفت الشروط الشكلية والإجرائية وقتها، وجرت مناقشتها باللجان المختصة بشكل مستفيض ثم جمدت انتظارًا لتقديم الحكومة لمشروعاتها أو لإبداء المؤسسات الدينية ملاحظات عليها، وبالرغم من أن عددًا من هذه القوانين مكمل للدستور، وكان يجب الانتهاء منه خلال الفصل التشريعي السابق مثل قانون مفوضية منع التمييز، وقوانين الأحوال الشخصية للمسلمين والمسيحيين.  
  • تعزيز الدور الرقابي على الحكومة والمسؤولين فيما يخص إجراءات وسياسات ترسيخ المساواة وحقوق المواطنة، وسبل التعامل مع التوترات والاعتداءات الطائفية والممارسات التمييزية على أساس الدين، مع إعلان الخطوات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الأفكار التكفيرية والمتطرفة خصوصًا في مناهج التعليم.
  • فتح حوار مع منظمات المجتمع المدني بشأن مشروعات القوانين المزمع مناقشتها أو إصدارها، مع الأخذ بالملاحظات والآراء التي تبدى بشأنها، جنبًا إلى جنب مع التوسع في تنظيم جلسات الاستماع للمواطنين للتعرف على المشكلات التي يواجهونها وطريقة تعامل السلطة التنفيذية معها.
  • الالتزام بمعايير الشفافية، بإتاحة الوصول إلى الوثائق المتعلقة بجميع مراحل التشريع، والمذكرات التفصيلية ومواقف الكتل البرلمانية والأعضاء منها، بالإضافة لمشروعات القوانين التي استوفت الإجراءات الشكلية وجرت مناقشتها ولم تصدر، وأسباب ذلك، وبالمثل الأدوات الرقابية التي استخدمها الأعضاء والنتائج المترتبة عليها، وأن يصدر المجلس تقارير دورية عن أعماله ونشاط اللجان النوعية والخاصة والقضايا التي نوقشت بداخلها.