تعتبر عملية تشريع قوانين ضد خطاب الكراهية من الموضوعات الإشكالية التي شهدت نقاشات ومحاولات حقوقية دولية متعددة، من أجل تقديم أدلة عمل وتوصيات تحكم عملية سن هذه القوانين، لكي تكون فاعلة في مواجهة آثار خطاب الكراهية على سلامة وحقوق الأفراد والجماعات وفي الوقت نفسه تضمن الحق في حرية التعبير باعتباره حقًّا أساسيًّا يمثل إهداره تهديدًا لأساس أي مجتمع ديمقراطي.
في هذا السياق يأتي طرح مشيخة الأزهر لمشروع قانون متعلق بخطاب الكراهية ليعيد التذكير بأهمية هذه النقاشات والمحاولات وتوصياتها الاسترشادية، في مواجهة المساعي والمقترحات التي يغلب عليها الميل إلى تشديد التقييد على حرية التعبير وحرية الدين والمعتقد.
التعليق على نصوص مشروع الأزهر باعتباره واحدًا من هذه المساعي والمقترحات يهدف إلى تحليل نصوصه وأهدافها باعتبارها نموذجًا على رؤية المؤسسات الدينية التقليدية وعلاقتها برؤيتها العامة للسياسات الدينية والمجال الديني.
هذه الرؤية تميل، كما سيتم تفصيله في هذا التعليق، إلى الانحياز إلى تقييد حرية المعتقد وحرية التعبير لصالح أفكار وتوجهات المؤسسة الدينية الرسمية بالشكل الذي يحافظ على نفوذها وهيمنتها المدعومة من قبل الدولة، كما أن هذه الرؤية تتيح لنا أن نستكشف أحد جوانب أزمة إدارة المجال الديني في مصر وهو "التسامح مع النوازع الطائفية" والتخاذل عن مواجهتها، من جانب، والاتجاه لتقييد الاختلاف والتنوع والحرية الدينية بدعوى عدم إثارة هذه النوازع الطائفية نفسها، من جانب آخر، وهو ما سيأتي تفصيله أيضا.