حلال على الشركات، حرام على المواطنين؟ نرحب بتسعير غير مدعم لغاز لمصانع ونطالب بدعم طاقة عادل للأسر المصرية

بيان صحفي

9 نوفمبر 2025

لم تعلق الحكومة سلبًا أو إيجابًا على الخبر المنشور عن اعتزامها التخلي التدريجي عن دعم الغاز للمصانع. حيث يقول الخبر إن الحكومة تعمل على التحرير التدريجي لسعر الغاز، كما أنها لن تقدم أي دعم للمصانع الجديدة. 

وفقا للخبر، تخطط الحكومة أن تترك أسعار الدعم للصناعات المختلفة متحركة، وفقًا لمعادلة تحتسب السعر بناء على متوسط تكلفة الغاز المنتج محليًا والمستورد، مع إضافة دولار لكل مليون وحدة. على أن يراجع السعر كل ثلاثة أشهر، بحسب مسؤول حكومي لموقع "الشرق"، لم يفصح عن هويته. 

كانت الحكومة في سبتمبر الماضي قد رفعت سعر بيع الغاز إلى المصانع على مختلف الصناعات زيادة قطعية، دولارًا واحدا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.. ويغطي متوسط الأسعار حاليًا تكلفة إنتاج واستيراد الغاز، ويستفيد من معظم دعم الغاز شركة الكهرباء ومصانع القطاع العام، وفقًا للمتاح من المعلومات. كما تتباين أسعار الغاز الطبيعي من صناعة لأخرى.

وإذ تفرق المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بين الدعم المقدم إلى المستهلكين والدعم المقدم إلى الهيئات والشركات والصناعات (المنتجين)، فإنها تعتبر كل تقليص لدعم الطاقة -بأنواعها- المقدم إلى المنتجين خطوة جيدة اجتماعيًا وبيئيًا واقتصاديًا .


لماذا يجب رفع دعم الطاقة عن المنتجين؟

 

أولا: يعيب على نظام التسعير الحالي للغاز وللطاقة بوجه عام كونه غير شفاف. تخطط الحكومة لتحمل فاتورة دعم عملاقة للطاقة، تبلغ أكثر من 150 مليار جنيه (75 مليارًا للمحروقات و75 مليارًا للكهرباء). ويذهب هذا المبلغ -الذي يفوق الإنفاق على الشرطة والقضاء- معًا إلى خزانة وزارة البترول الغنية، ولا نستطيع أن نعرف كم منه يذهب إلى المواطنين. 

على سبيل المثال، لم تكن الحكومة تعترف بدعم الكهرباء إلى أن أرغمها صندوق النقد الدولي، لنعرف أن الفاتورة تبلغ في العام المالي 2025/2026 أكثر من 70 مليار جنيهًا. وما زالت البيانات غائبة عن نمط توزيع هذا الدعم.

ثانيا: دعم الطاقة بشكله الحالي غير عادل وغير كفء 

- اعتمادا على تصنيف البنك الدولي: دعم في الطاقة في مصر "يقدم منافع كبيرة لأصحاب المصالح الخاصة، ومنافع قليلة للمواطنين"، وهو ما قد يحدث عندما "تكون الأسعار مرتفعة بالنسبة للجميع باستثناء عدد قليل من المستهلكين، مثل مستخدمي القطاع الصناعي المختارين".

إجمالًا، كانت تقديرات البنك لعام 2016 أن 80٪ من الدعم يذهب إلى المنتجين. 

-  يؤدي الدعم إلى نضوب موارد طبيعية أصبحت مصر تستوردها -في معظم الأحيان- بعد أن كانت تصدرها (الغاز الطبيعي مثالا). 

من الناحية الاقتصادية، يؤدي دعم الطاقة إلى دعم الصناعات الملوثة، كثيفة رأس المال، قليلة التوظيف، بحسب صندوق النقد الدولي. يضاف إلى ذلك أنها في مصر صناعات تصديرية. فكأن الحكومة المصرية تدعم المستهلك الأوروبي أو غيره من مستهلكي الأسمدة والكيماويات والملابس والسيراميك والحديد حول العالم. كما يعاني تسعير الطاقة من تعدد أسعار البيع بحسب كل صناعة، وهو ما يخلق تحيزًا تجاه صناعات بعينها. وأخيرًا، فإن أي رفع لسعر نوع من أنواع الطاقة بمعزل عن أسعار الأنواع البديلة عادة ما يؤدي إلى التحول نحو استخدام الطاقة الأرخص، مثل رفع سعر الغاز إلى الأسمنت (12 دولارًا) والذي أدى إلى تحول المصانع إلى استخدام الفحم المسعر بأقل من قيمته لغياب احتساب الأثر البيئي.

أما من الناحية الاجتماعية، فيعاني حوالي 60٪ من المواطنين جراء رفع أسعار الطاقة، بسبب سوء تصميم سياسة رفع الدعم، التي تركز على تحرير الأسعار للقطاع العائلي دون مراعاة فروق الدخول، وأيضًا بسبب عدم تحميل الشركات والمصانع ذات الأعباء بنفس الوتيرة. 

في النهاية، توصي المبادرة بالنظر إلى ملف دعم الطاقة إلى المنتجين بشكل متكامل، مبني على خطة للتخارج التدريجي، بدون استثناءات. بحيث تراعى الاعتبارات التالية:

1-    الشفافية عنصر لا غنى عنه لتقييم السياسات الاجتماعية. ولا ينبغي أن يندرج دعم الطاقة تحت بند السياسات الاجتماعية.

2-    دعم الطاقة إلى الشركات والمصانع ضار. ويجب استبداله بدعم موجه إلى الصناعات بحسب أهداف مثل احترام معايير العمل اللائق والالتزام الضريبي وزيادة المكون المحلي والانتقال البيئي. 

3-    فرض سعر موحد لكل نوع من أنواع الطاقة المستخدمة في المصانع والشركات. مع مراعاة الأسعار النسبية لمختلف أنواع الطاقة، بحيث تعبر عن الندرة وعن درجة التلويث.

4-    فصل دعم الطاقة الموجه إلى المواطنين عن موازنة وزارتي البترول والكهرباء، وضمه إلى وزارة التضامن لضمان وصوله إلى المستهلكين. على سبيل المثال، بعد إلغاء الدعم على البوتاجاز الموجه إلى القطاع السياحي والمطاعم، يمكن إضافة أنابيب البوتاجاز إلى بطاقة الدعم التمويني، وتحويل دعم الكهرباء إلى الشرائح الدنيا والوسطى إلى دعم نقدي.

للمزيد من دراسات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: 

صندوق النقد الدولي وإنهاء دعم الطاقة في مصر.. حكاية حرب طبقية وغسيل أخضر للسمعة 

"فاتورة الأخطاء الأربعة: الخطة المصرية-الصندوقية لرفع أسعار الطاقة" 

استمرار دعم الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة استنزاف للموارد ومحاباة للأغنياء 

تقرير: دعم الطاقة لغير المستحقين