
الاستئناف تصدر حكمها اليوم في قضية مقتل محمد قنديل في قسم شرطة ثان طنطا
بيان صحفي
ينتظر أن تصدر محكمة جنح مستأنف طنطا اليوم الأربعاء، 28 مايو، حكمها في القضية رقم 1232 لسنة 2025 جنح مستأنف ثان طنطا، بناءً على الاستئناف المقدم من أربعة محتجزين بقسم شرطة ثان طنطا على الحكم الصادر ضدهم بالحبس لمدة سنة وكفالة 5 آلاف جنيه بعد إدانتهم بضرب محمد السيد قنديل، وشهرته "مهند" (سائق، 23 عامًا) قبل وفاته، أثناء احتجازه.
احتُجز سائق الميكروباص "مهند" في قسم الشرطة قبل شهر واحد من وفاته، وتحديدًا يوم 3 يوليو 2024 على إثر مشاجرة وقعت بينه وبين المستشار (ح ش) أثناء عمل مهند. حرر المستشار محضرًا ضد مهند واتهمه بسبه والشروع في قتله. سلم مهند نفسه لقسم الشرطة، وحُقّق معه في اتهامات المُستشار، وقررت النيابة حبسه احتياطيًا على ذمة القضية 16362 لسنة 2024، جنح ثان طنطا، إلا أن مهند توفي في 4 أغسطس 2024 قبل ساعات من بدء محاكمته بعد تعرضه للضرب لساعات متواصلة على يد المحتجزين معه.
لم يكن هناك مبرر قانوني حقيقي يستدعي حبس مهند احتياطيًا من الأساس، حيث لم يُقبض عليه متلبسًا، بل أبدى حسن نيته وسلم نفسه لقسم الشرطة وقدم اعتذاره للمستشار في محاولة لاحتواء الموقف، كما أن لمهند محل سكن معلوم، ولم يُخشى هربه أو عبثه بأية أدلة. بينما لا يمكن الاعتداد باتهام المستشار لمهند بـ "الشروع في القتل" سببًا كافيًا لحبس مهند احتياطيًا، حيث اعتمدت النيابة رواية المستشار فيما يخص الواقعة دون تحقيق كاف، قبل الأمر بحبس مهند، ودون الأخذ في الاعتبار، حقيقة انعدام توازن القوى بين المستشار المذكور، والشاب الذي لم يتعد عمره 23 عامًا.
قررت النيابة عقاب مهند استباقيًا وحبسه احتياطيًا في قسم شرطة ثان طنطا، والذي أوضحت الأوراق الرسمية للقضية فيما بعد، أنه لا يلبي الحد الأدنى من المعايير والاشتراطات القانونية التي يجب توافرها في في أماكن الاحتجاز. والثابت بالأوراق أن مهند قضى آخر شهر في حياته محبوسًا احتياطيًا يعاني من أوضاع احتجاز متردية في الغرفة رقم (9) بقسم شرطة ثان طنطا، وهي عبارة عن غرفة مساحتها 6*6 متر، ومن ضمن هذه المساحة تم تخصيص 50 سم * 50 سم تقريبًا، لتكون حمامًا به مرحاض بلدي واحد. ضمت هذه الغرفة وقت احتجاز مهند ما يزيد عن 40 محتجزًا - حسب شهادات المحتجزين معه - يتواجدون سويًا على مدار اليوم رغم اختلاف اتهاماتهم، حيث احتُجز مهند المتهم بجنحة ضرب مع عدد من المحتجزين في قضايا مخدرات. بينما لا يُسمح لهم بالخروج من الغرفة للتهوية والتعرض للشمس في ظل عدم جاهزية القسم لتمكين المحتجزين من حقهم القانوني في التريض أو العرض على طبيب مختص متواجد بشكل دوري. لكن النيابة لم تلتفت بأي حال إلى قائمة الانتهاكات والمخالفات القانونية المتعلقة بأوضاع الاحتجاز بقسم شرطة ثان طنطا.
ووفقًا لتسجيلات كاميرا المراقبة الموجودة بالغرفة رقم (9)، كان كل المحتجزين يفترشون الأرض عندما كان مهند يشعر بإعياء شديد ويعاني من صعوبة في الحركة وبدأ يترنح بين أجساد المحتجزين النائمين على الأرض، "إلى أن سقط أرضًا، فما كان من مرافقيه إلا أن تعدوا عليه ضربًا بالأيدي والأرجل موجهين إليه عدة ضربات بأماكن متفرقة من جسده". لم تلتفت النيابة إلى حقيقة تعرض مهند للاعتداء على يد المحتجزين على مدار 7 ساعات متواصلة دون تدخل من الضباط أو أمناء الشرطة المسؤولين وقتها. وهو ما لا يمكن اعتباره سوى إهمال واضح ومتعمد يرقى لأن يكون قتلًا بالامتناع عن حماية مهند من الاعتداء.
عهدت النيابة إلى مفتش مباحث قسم ثان طنطا بإجراء التحريات بشأن الواقعة، رغم وجود تعارض واضح للمصالح، وكان من الأحرى انتداب مفتش مباحث ليس له أي صلة بالمتهمين المحتملين العاملين بالقسم. لتنتهي تحريات الشرطة المعتمدة على "المصادر السرية" إلى أن الوفاة جاءت طبيعية. وانتهى تقرير الطب الشرعي إلى أن الإصابات التي لحقت بمهند "غير كافية لإحداث الوفاة وأنه يتعذر الجزم بسبب الوفاة". ورغم أن النيابة لم تكتف بتقرير الطب الشرعي وانتدبت لجنة ثلاثية للوقوف على ما إذا كان مهند يعاني من حالة مرضية أدت لوفاته، أو وجود شبهة جنائية. إلا أن اللجنة اكتفت بتأكيد ما جاء بالتقرير الأول دون إجراءات مختلفة.
سبق وأوضحت أسرة مهند للنيابة أنه في حالة أثبت تقرير الطب الشرعي وفاة نجلهم بشبهة جنائية، فإنهم يتهمون كل من المستشار (ح ش) ومأمور القسم ورئيس المباحث بالتسبب في وفاة مهند. لم تأخذ النيابة اتهام الأسرة للمستشار والقائمين على قسم الشرطة بالجدية الكافية، بينما امتنعت النيابة خلال 5 أشهر كاملة من التحقيق، عن إتاحة أوراق القضية والاطلاع على معلوماتها في وقت مناسب، وعلم صاموئيل ثروت محام المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الموكل عن الأسرة بميعاد أول جلسة لمحاكمة المتهمين بضرب مهند قبل يومين فقط من بدئها. فيما رفضت المحكمة طلب محام المبادرة المصرية تعديل قيد ووصف القضية لتصبح ضرب أفضى إلى موت، وطلبه من المحكمة أن تأخذ في اعتبارها الهلع والخوف الذي أصاب مهند عقب تقييده وتعرضه للضرب لأكثر من 7 ساعات متواصلة، وهو ما كان أمرًا وثيق الصلة بوفاته.
تؤكد المبادرة المصرية على أن مهند واجه في آخر أيام حياته سلسلة من الانتهاكات الفجة والتعسف القانوني، لا يفترض أن يُعاقب عليها زملاء زنزانته ممن تعدوا عليه بالضرب فقط. فلا يمكن إغفال المسؤولية الواقعة على الجهات الرسمية مثل النيابة العامة ووزارة الداخلية، اللتان ساهمت سلسلة القرارات الصادرة عنهما في الإفضاء إلى المصير الذي لاقاه مهند، وهو ما يستوجب فتح تحقيقات موسعة من النيابة العامة، لتشمل أوضاع أقسام الشرطة، وحدود استخدام الحبس الاحتياطي.