تقدير منظمة الصحة ل"الوفيات الزائدة" يتيح قياس الآثار الفعلية للجائحة.. وتقدير ضحايا كورونا في مصر يزيد على 10 أضعاف الوفيات المسجلة

بيان صحفي

2 June 2022

أصدرت منظمة الصحة العالمية في مطلع شهر مايو تقريرا هامًا حول تقديرات إجمالي الوفيات المرتبطة بجائحة كوفيد-19، والتي تقدم صورة أكثر شمولا مما تعكسه الأرقام الرسمية المعلنة من قبل الحكومات في مختلف الدول. ويعتمد التقرير على حساب حجم "الوفيات الزائدة" في الفترة بين 1 يناير 2020 و31 ديسمبر 2021.

يعتبر الحساب الدقيق لعدد الوفيات الناجمة عن جائحة كوفيد-19 شديد الأهمية لكل بلد ﻷنه يتيح فهم حجم تأثير الجائحة على الصحة العامة. كما يقدم التقرير قياسا أكثر دقة لحجم الوفيات في المجموعات العمرية المختلفة من السكان، وهو مؤشر ضروري للتعرف على أثر الجائحة.

ويفيد التقرير بأن الوفيات العالمية الناتجة عن كورونا، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، تقدر ما بين ١٣.٣ مليون إلى ١٦.٦ مليون شخص. ويقدر التقرير عدد حالات الوفاة الزائدة في مصر المرتبطة بالجائحة بحوالي ربع مليون حالة وفاة، حتى نهاية 2021، بما يزيد على نحو ١٠ أضعاف وفيات كورونا الرسمية المسجلة.  

ما معنى الوفيّات الزائدة المرتبطة بجائحة كوفيد-19؟

تمثل "الوفيات الزائدة" الفرق بين العدد الإجمالي للوفيات التي حدثت في مكان معيّن خلال فترة زمنية معيّنة وبين العدد الذي كان متوقعا في نفس الفترة في حال عدم وجود جائحة كوفيد-19، بناءً على بيانات من السنوات السابقة 

- تشمل الوفيات الزائدة الوفيات الناتجة عن الإصابة بكوفيد-19 والتي تم إحصاؤها وإبلاغ منظمة الصحة العالمية بها من قبل البلدان.

- كما تشمل الوفيات الناتجة عن الإصابة بكوفيد-19 والتي لم يتم احتسابها أو الإبلاغ عنها من قبل البلدان.

- وتشمل أيضًا الوفيات المرتبطة بشكل غير مباشر بـكوفيد-19، والناتجة عن أسباب وأمراض أخرى، تسبب فيها اضطراب الخدمات الصحية والخدمات العامة في المجتمع نتيجة لوضع الوباء، مثل أصحاب الأمراض المختلفة الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى الخدمة الصحية والعلاج لأن النظم الصحية كانت توجه اهتمامها لمواجهة الجائحة.

- ويخصم منها أي وفيات كان من الممكن أن تحدث في ظل الظروف العادية ولكن تم تجنبها بسبب الظروف الاجتماعية المرتبط بالوباء، مثل تراجع الوفيات الناجمة عن حوادث المرور بسبب حظر التجوال وقلة السفر.

 لماذا تعتبر منظمة الصحة أن حساب الوفيات الزائدة مؤشرا هاما لقياس أثر الجائحة؟

رغم قيام البلدان بحصر الأرقام الإجماليّة لحالات الإصابة بكوفيد-19 والوفيّات الناجمة عنها، فإنّ هذه الأرقام الرسمية لا توضح العبء الصحي الحقيقي المنسوب إلى الوباء، حيث توجد دائما فجوات بين الوفيات المبلغ عنها (الرسمية) وبين الوفيات الزائدة المتعلقة بالجائحة، لأكثر من سبب. أولها أن الوفاة لا تسجل باعتبارها بسبب كوفيد-19 دون إجراء اختبار، وبالتالي تم إغفال الوفيات الناجمة عن الوباء في الإحصائيات الرسمية للبلدان ذات القدرة المنخفضة على إجراء الاختبارات. ثانيًا، تختلف أنظمة الدول لتسجيل الوفيات من حيث جودتها وكفاءة جمع البيانات ومقدار الشفافية. في ضوء التحديات التي يطرحها استخدام البيانات الرسمية المبلغ عنها حول الإصابات والوفيات، يعتبر حساب الوفيات الزائدة مقياساً أكثر موضوعية وقابلية للمقارنة يفسر كلا من الآثار المباشرة وغير المباشرة للوباء.

كيف تفاوت تأثير الجائحة بين مناطق العالم المختلفة؟

بحسب تقرير المنظمة، شهدت عشرون دولة، تمثل حوالي 50٪ من سكان العالم، أكثر من 80٪ من الزيادة العالمية المقدرة في معدل الوفيات في الفترة من يناير 2020 إلى ديسمبر 2021. هذه البلدان هي البرازيل وكولومبيا ومصر وألمانيا والهند وإندونيسيا و إيران وإيطاليا والمكسيك ونيجيريا وباكستان وبيرو والفلبين وبولندا وروسيا وجنوب إفريقيا والمملكة المتحدة، وأيرلندا الشمالية وتركيا وأوكرانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وتركزت معظم الوفيات الزائدة (84٪) في جنوب شرق آسيا وأوروبا والأمريكتين. 

متوسط عدد حالات الوفاة الزائدة البالغ 14.9 مليون حالة في العالم تركز معظمها في البلدان متوسطة الدخل بنسبة 81٪. وتنقسم هذه النسبة إلى 53٪ من حالات الوفاة في البلدان التي تنتمي إلى الشريحة الأدنى من الدخل المتوسط و28٪ في البلدان التي تقع في الشريحة العليا من الدخل المتوسط خلال فترة الـ 24 شهرًا التي يرصدها التقرير.

تشمل تقديرات التقرير فترة 24 شهرًا (2020 و 2021) تفصيلاً للوفيات الزائدة حسب العمر والجنس. وحسب التقرير فإن حصيلة الوفيات العالمية كانت أعلى بين الرجال عنها بين النساء (57٪ ذكور ، 43٪ إناث)، وأعلى بين كبار السن.

هل وافقت كل الدول على نتائج التقرير؟

 تجدر الإشارة إلى أن الهند من الدول التي اعترضت على نتائج التقرير، ورفضت المنهجية التي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية لحساب تقديرات الوفيات الزائدة على أساس النماذج الرياضية، لأنه تقرير منظمة الصحة العالمية يوضح أن أكثر من 4.7 مليون شخص في الهند ماتوا بسبب كوفيد-19، وهو ما يقرب من 10 أضعاف ما تشير إليه السجلات الرسمية الهندية. لذلك، رفضت الحكومة الهندية أرقام التقرير.

 كيف كان التفاوت في الأرقام فيما يخص مصر؟

بلغت حالات الوفاة الرسمية المسجلة بسبب كوفيد-19 منذ بداية الوباء حتى نهاية عام 2021 حوالي 21 ألف حالة فقط، بينما يقول تقرير منظمة الصحة العالمية أن عدد حالات الوفاة الزائدة في مصر المرتبطة بالجائحة حتى نهاية 2021  تقدر بحوالي ربع مليون وفاة.  

ويعزز من بيانات التقرير ما ترصده بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء من ارتفاع ملحوظ فى حالات الوفيات في عام 2020 بالمقارنة مع معدلات السنوات السابقة، حيث ارتفعت الحالات من 570.580 ألف حالة فى عام 2019 إلى 664.763 ألف حالة فى عام 2020، بنسبة ارتفاع قدرها 16.5٪ مقارنة بعام 2019. بينما كانت نسبة الزيادة السنوية تدور بين 1 و2% في الأعوام السابقة على الوباء. ولم تصدر بعد بيانات وفيات 2021 حتى يمكن تتبع النسب في العام الثاني للوباء. 

السبب الأساسي لهذا لفرق الكبير بين الوفيات الرسمية المسجلة باعتبارها بسبب كورونا (حوالي 21 ألف حالة من بداية الوباء حتى نهاية 2021) وبين الوفيات الزائدة (المقدرة بنحو 250 ألف حالة) يرجع إلى أن نظام تسجيل الوفيات يشترط إيجابية تحليل اختبار ال PCR للمتوفي حتى يتم تسجيل وفاته بسبب "كورونا". ولأن عدد محدود من المصابين تمكن من إجراء التحليل قبل الوفاة، فإن معظم حالات الوفاة تم تسجيلها "هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية كسبب للوفاة"، دون معرفة أو تحديد سبب الوفاة الفعلي. 

كيف يمكن تضييق الفجوة بين الأرقام المسجلة والمقدرة في المستقبل؟ (توصيات)

١.  تحسين نظام تسجيل الوفيات وخاصة سبب الوفاة

٢. التعامل بشفافية حقيقية فيما يخص أعداد الإصابات

٣. شمل الفحوصات الإيجابية التي تجرى في القطاع الخاص في أعداد الإصابات الرسمية

٤. تعديل بروتوكولات التشخيص لضمان حصر الحالات الإيجابية جميعها