المبادرة المصرية تصدر ورقة بحثية جديدة حول الضرورة الصحية والبيئية لنزع الكبريت من السولار في مصر

بيان صحفي

17 نوفمبر 2021

أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم ورقة بحثية بعنوان "سولار بلا كبريت - لهواء أنقى وصحة أفضل" تزامنا مع إطلاق مصر استراتيجيتها لتغير المناخ ٢٠٥٠، ومع الإعلان الرسمي عن استضافة شرم الشيخ لمؤتمر  التغيرات المناخية السابع والعشرين (COP27). وهذه الورقة البحثية هي الإصدار الثالث من سلسلة تتناول قضية تلوث الهواء في مصر باعتبارها أكبر خطر بيئي على الصحة العامة. وتركز الورقة على وقود السولار غير النظيف والذي تتسبب أبخرة العوادم الناتجة عن حرقه في الإصابة بسرطان الرئة. فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية  عام ٢٠١٢ عن رفع تصنيف أبخرة عوادم السولار من "مادة مسرطنة محتملة" (مجموعة 2A) إلى "مادة مسرطنة" ( مجموعة 1).

توضح الورقة أن مستويات تلوث الهواء في مصر تتخطى المعايير التي توصي بها منظمة الصحة العالمية. كما تتجاوز مستويات التلوث الحدود القصوى المسموح بها لتركيز ملوثات الهواء المنصوص عليها في الملحق رقم 5 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 4 لسنة 1994، والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009، على الرغم من أن تلك المعايير القانونية تعدّ متراخية مقارنة بالمعايير الدولية. 

وتتطرق الورقة إلى أن أعداد الوفيات المبكرة  بسبب تلوث الهواء في مصر بلغت  ٦٧٤٣٤ حالة عام ٢٠١٦. وذلك إثر الإصابة بأمراض القلب بنسبة ٥٨٪ ، والسكتة الدماغية ١٨ ٪ ، و أمراض الرئة والسرطان ٢٤ ٪، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. كما يضيع حوالي عامين من عمر كل مصري بسبب الاعتلال أو الإعاقة الصحية جراء تلوث الهواء. وكذلك كان تلوث الهواء السبب في أكثر من ١٢٪ من إجمالي الوفيات في مصر خلال العام ٢٠١٧ وفقا لبيانات معهد القياسات والتقييم الصحي (IHME).
 

ويرجع تلوث الهواء في المناطق الحضرية بشكل أساسي إلى حرق منتجات الوقود الأحفوري مثل السولار والبنزين والغاز. وتكلفنا الخسائر الصحية التي يسببها تلوث الهواء الناجم عن المحروقات الأحفورية أكثر من ١٠٠ مليار جنيه، بما يعادل ٢,٨ ٪ من الناتج المحلي الإجمالي  ٢٠١٨،  وفقا لتقرير أصدرته مؤسسة جرينبيس "Greenpeace" ٢٠٢٠.

كما تحلل ورقة "سولار بلا كبريت" كيف تعتبر  انبعاثات عوادم المركبات أحد أهم العوامل المسببة لتلوث الهواء بالمناطق الحضرية، والتي تتزايد فيها أعداد المركبات بشكل متسارع. ويشكل وقود السولار عالي تركيز الكبريت عائقا أساسيا في خفض الانبعاثات المرتبطة بسير المركبات على الطرق. وذلك حيث تؤدي نسب الكبريت العالية في الوقود إلى انعدام فاعلية أجهزة التحكم في الانبعاثات أو العوادم ما يزيد من الملوثات الناتجة عن الاحتراق الداخلي، كما يضعف من أداء هذه المحركات. بالإضافة إلى الأثر السام لعوادم السولار التي تسبب سرطان الرئة، تنتج مكونات أبخرة السولار ما يعرف "بالملوثات المناخية" مثل الكربون الأسود أو "الهباب الأسود" التي تمتص أشعة الشمس وتساهم في زيادة حرارة  الغلاف الجوي.

وتشير الورقة كذلك إلى أن  نسبة تركيز مادة الكبريت في وقود السولار المنتج محليا في مصر تصل إلى أكثر من ٥٠٠٠ جزء في المليون، ما يعادل ٥٠٠ ضعف معايير الاتحاد الأوروبي " اليورو 5" التي لا تسمح بنسب تركيز  أكثر من ١٠ أجزاء في المليون. وتعتبر مصر من الدول المعدودة المتأخرة في اتخاذ إجراءات حاسمة لتحسين جودة وقود السولار، حيث تصنف ضمن ١٣ دولة عالية تركيز الكبريت في وقود السولار. وتسمح المعايير المصرية بإنتاج واستيراد السولار عالي الكبريت يصل إلى (١٠٠٠٠ جزء في المليون)، وهي أعلى حدود قانونية مسموح بها لتركيز الكبريت في السولار في العالم .

zWj4p2-Bzi72SzwQtOU0hslEeBgON9t12TmyuybfF2Gs7lgyWzuXbfipANNZo5njs0u0-p6Y8Q23B9QlCVLFcGxqtEgvi2lWPALA-IE2wNaXdBb-6s89ggGYPL6wA49bz0JgJ-no

 

وعلى الرغم من سعي الحكومة المصرية إلى تطوير صناعة البتروكيماويات - وفقا لاستراتيجية جديدة لتطويرها خلال الفترة ٢٠٢٠ - ٢٠٣٥ وتحديثها حتى ٢٠٤٠،  بهدف "تحقيق الاكتفاء الذاتي ورفع جودة العديد من المشتقات البترولية وتشجيع التصنيع المحلي" -فإن الاستراتيجية الجديدة لا تضع ضمن أولوياتها تخفيض نسب الكبريت في السولار  إلى مستويات تمكننا من الحد من الانبعاثات القاتلة. 

وحسب الورقة البحثية، فمن المتوقع أن تصل نسبة الكبريت في السولار إلى ١٩٠٠ جزء في المليون بحلول ٢٠٣٠ وفقا للاستراتيجية الحالية، ما يعادل ١٩٠ مرة المعايير الأوربية (يورو ٥). حيث تستهدف الخطط تطوير جودة وقود السولار بتخفيض الكبريت إلى نسبة ١٠ أجزاء في المليون  في ٣ مصافي بترول مصرية فقط، لا تلبي أكثر من ٤٥ ٪ من احتياجات السوق، وفقا لمركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا (سيداري).

وفي هذا السياق تتناول الورقة أهمية تحسين جودة وقود السولار باعتباره من أهم منابع التلوث الأساسية في المناطق الحضرية، وتحديدا تخفيض نسب الكبريت ﻷنه العامل الحاسم للتحكم في الملوثات المنبعثة من المركبات. وتسلط الورقة الضوء على مدى تأثير هذا التلوث على صحة الإنسان والبيئة المحيطة، والتكلفة الاقتصادية الناتجة عنه، كما تستعرض السياسات المصرية المتعلقة بتنظيم جودة الوقود. وتطرح الورقة توصيات لتحسين جودة الوقود وتخفيف ملوثات الهواء بهدف حماية صحة المواطنين والحفاظ على الموارد الطبيعية.

هوامش:

 الاصدار الأول : ورقة حقائق ومعلومات عن تلوث الهواء في مصر.

الإصدار الثاني : تلوث الهواء.. عبء صحي متزايد على المصريين.