بيان من قوة العمل لمناهضة ختان الإناث: ماذا بعد التعديلات الأخيرة للقانون؟

بيان صحفي

27 June 2021

احتفاءًا باليوم الوطني لمناهضة ختان الإناث (14 يونيو 2021)، أطلقت قوة العمل لمناهضة ختان الإناث نقاشًا حول التعديلات الأخيرة لبعض أحكام قانون العقوبات والتي شملت المادة (٢٤٢) مكرر والمادة (٢٤٢ مكرر أ) الخاصتان بتجريم ختان الإناث. ركز النقاش على التعديلات الأخيرة، مثل: توسيع المسئولية المهنية والمجتمعية بإغلاق المنشأة الخاصة التي يجري فيها ختان الإناث، وحذف "الضرورة الطبية" من نص المادة كمبرر للختان، ودحض أي مشروعية تضاف للختان بحذف الإشارة إلى المادة 61 من قانون العقوبات، وأخيرًا، إدراج عقوبات للقائمين على الدعوة والترويج للختان حتى وإن لم يترتب عليها فعل. 

بعد عرض شامل للنواحي القانونية والبحثية والاجتماعية في التصدي لممارسة ختان الإناث في مصر عبر السنوات السابقة، تقدم المشاركون بمجموعة من التوصيات خلاصتها أن تغليظ عقوبات ختان الإناث وحده لا يكفي للقضاء على هذه الممارسة الضارة المتجذرة في الواقع المصري. وتناولت التوصيات خبرات قوة العمل المناهضة لختان الإناث فيما يخص واقع تطبيق القانون، والبيانات والمعلومات المتعلقة بختان الإناث في مصر، ودور المجتمع المدني في إنفاذ القانون، والحملات التوعوية بأضرار ختان الإناث وعواقبه القانونية والصحية. وتشارك قوة العمل المناهضة لختان الإناث التوصيات التالية لتؤخذ بعين الاعتبار عند تصميم وتنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمناهضة ختان الإناث القادمة:

تطبيق القانون: 

يعد توسيع المسئولية القانونية والمهنية والمجتمعية لتشمل المنشآت الصحية الذي ورد بالتعديلات الأخيرة ملائم لواقع ممارسة ختان الإناث في مصر والذي يطغى عليه سمة التواطؤ بين أفراد الطواقم الطبية والإداريين للمنشأت الصحية، إلا أن هذا التعديل يحمل منفذ للهرب من المسئولية الإدارية، حيث اشترط أن يكون المدير الفعلي عالمًا بارتكاب ختان الإناث داخل المنشأة، وهو ما يصعب إثباته.
 

بالرغم من التوصيات السابقة لقوة العمل المناهضة لختان الإناث، بوقف تنفيذ العقوبة على الأهل أو تبديلها بواحدة غير سالبة للحرية في حال تعاونهم أثناء التحريات والتحقيقات أو إقدامهم على طلب المساعدة في حال  تدهور الحالة الصحية للفتاة، إلا إنها لم تؤخذ بعين الإعتبار في وضع التعديلات الأخيرة. ينتج عن عدم الإلتفات للدور الذي يلعبه الأهل في إخراج القائمين على ختان الإناث من المأزق القانوني، إلى تواطئهم مع أفراد الطواقم الطبية المتهمين وتوحيد سردية لتبرير الانتهاك، على سبيل المثال بتمريره كجراحة لـ "إزالة زوائد جلدية".
 

من أجل ضمان نفاذ القانون، يجب فتح نقاش مجتمعي لإقناع الأفراد والأسر بمضار ختان الفتيات على صحة وسلامة وكرامة الفتيات والنساء، حتى يتعامل المجتمع المصري مع ختان الإناث مما من شأنه أن يتحمل المجتمع مسئولية جماعية للإبلاغ عن ختان الفتيات والحد من وقوعه. كما آن الأوان لإنشاء مفوضية منع التمييز التي نص عليها الدستور المصري في المادة 53 لسنة 2014 من أجل ضمان تصدي أكثر عميقًا للتمييز.
 

بناءا على ملاحظات قوة العمل المناهضة لختان الإناث، تمثل المدة الزمنية التي تستغرقها التداولات القضائية المتعلقة بالختان والتي تصل في بعض الحالات إلى عامين من أهم التحديات التي تحول دون زيادة نسبة البلاغات ضد ختان الإناث. بات من الضروري تخصيص محاكم لتناول قضايا العنف ضد النساء لضمان العدالة الناجزة.

 "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم على أساس الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض".

بهدف زيادة نسبة البلاغات المقدمة على الخط الساخن للمجلس القومي للطفولة والأمومة والمجلس القومي للمرأة، يجب توفير وضمان حماية الشهود والمبلغين في وقائع ختان الإناث قبل وأثناء وبعد التحقيقات.
 

من أجل تفعيل التعديلات القانونية كأداة لمناهضة والقضاء على ختان الإناث، من الضروري تشجيع النساء البالغات للتقدم ببلاغات إعمالاً بالمادة 99 والتي ترسخ أن الحق في التقاضي في الجرائم المرتبطة بالاعتداء على حرمة الجسد لا يسقط بالتقادم. 
 

الثقافة العامة: 

ختان الإناث ليس بظاهرة جديدة، ولكنه ممارسة متجذرة في الواقع المصري تغذيها التوجهات العامة بشن مكانة النساء في المجتمع وداخل الأسرة وفي سوق العمل، التسامح مع النظرات الدونية للنساء يجعل من ختان الإناث عرض من أعراض التعنيف والعنف الذي تتعرض له النساء والفتيات على مدار عمرهن. لذا، التصدي لختان الإناث يأتي ضمن حزمة أخرى من تحسين مكانة النساء في المجتمع بشكل عام وإرساء المساواة بين أفراد المجتمع ككل على نحو خاص. 

التركيز فقط على القانون كقناة لتمرير الموقف الرسمي للدولة تجاه ختان الإناث يأتي بأثر غير ملموس. ففي ضوء تجريم الدعوة والترويج لختان الإناث التي نصت عليها التعديلات الأخيرة، ينصح بتمديد هذا التوجه العام بعدم التسامح مع الآراء الشخصية المغذية للممارسات المعنفة للنساء والفتيات في الإعلام والمنشآت التعليمية وجهات إنفاذ القانون.
 

يجب مراعاة السياق والثقافات الخاصة المرتبطة بختان الإناث في مصر عند نقل التجارب الناجحة للبلدان الأخرى، بتوطين الخبرات والدروس المستفادة بما يتناسب مع التحديات المحلية.
 

و لتوحيد الجهود المناهضة لختان الإناث، تبرز ضرورة تنويع الرسائل التوعوية على حسب المُستقبل لها  وتفصيلها بناءا على التخوفات النوعية والخاصة بهدف التأثير على مستقبلي هذه الرسائل. من الممكن الإعتماد على البلاغات الواردة على الخطوط الساخنة للمجلس القومي للطفولة والأمومة والمجلس القومي للمرأة كسياقات لخلق محتوى الحملات التوعوية ورسائلها.
 

وفقًا للنقطة السابقة، فقد آن الآوان لفصل الجهود الرامية لمناهضة ختان الإناث عن الأطر الدينية الإسلامية والمسيحية في التدليل على فجاعة الفعل نفسه.

من المهم بمكان مراعاة إختلاف الثقافات الفرعية من منطقة لأخرى، بالإضافة إلى التباينات الفردية المتمثلة في الخلفية التعليمية وغيرها من المحددات أثناء خلق الرسائل التوعوية المناهضة لختان الإناث. 

يمثل التثقيف الجنسي الشامل فرصة سياسية قوية لمناهضة ختان الإناث، فمن المتعارف عليه إستهداف الحملات الوطنية التوعوية بأضرار هذه الممارسة الضارة لفئات عمرية دون غيرها، الأفراد المتزوجين على الرغم من تدليل المسوح الأخيرة على تأييد أعداد كبيرة من الشباب لممارسة ختان الإناث. فمن خلال التثقيف الجنسي الشامل يمكن إرساء مبادئ المساواة بين الجنسين في الأجيال الأصغر والتي سيكون لها الأثر على مناحى كثيرة أخرى مثل ختان الإناث والحمل غير المرغوب فيه والتصدي للعنف الجنسي وغيره من القضايا ذات الصلة.
 

يأتي ضمن تحقيق الخطوة السابقة، تثقيف المعلمين والمعلمات وتدريبهم مهنيًا وتعزيزهم كمصدر معلومات أولي للمراهقات والمراهقين مما يشجع أجيال جديدة على تقديم البلاغات ودعم وحماية أقرانهم وكسر دائرة العنف ضد الفتيات والنساء.
 

 من المهم سد الفجوات الواسعة بين الرسائل التوعوية بالصحة الإنجابية الرسمية وغير الرسمية، فمن الملاحظ غياب خطاب موحد واضح حول مكانة المرأة في الأسرة والمجتمع. يجب أن تنحاز التوجهات الرسمية والمدنية بشكل واضح إلى تحسين مكانة المرأة في الأسرة والمجتمع بأن تأتي على قدم المساواة.
 

البيانات والمعلومات: 

تفتقر جهود مناهضة ختان الإناث الرسمية وغير الرسمية لقواعد البيانات الضخمة والتمثيلية للإحتياجات الديمغرافية والصحية في مصر. فمنذ آخر مسح ديموغرافي صحي تم إصداره في مصر في عام 2014، لم يتم تحديث قواعد البيانات التي توفر مفاتيح قراءة للتوجهات والثقافات المختلفة حول الصحة الإنجابية والجنسية وختان الإناث بشكل خاص. ويزيد من الفجوة بين التصميم والتنفيذ للتدخلات المجتمعية المناهضة لختان الإناث غياب المعلومات والدروس المستفادة من المشروعات والبرامج المناهضة لختان الإناث في السابق.
 

وبناءا على ما سبق، ونظرا للمساهمة الجوهرية للبيانات والمعلومات في وضع السياسات العامة، ينصح بأخذ التوصيات التالية بعين الإعتبار:
 

يجب وضع مؤشرات واضحة ودقيقة لكل برنامج يأتي ضمن جهود مناهضة ختان الإناث.
 

على المؤسسات الرسمية والكيانات غير الرسمية مشاركة ما تم التوصل له من مسوح استقصائية أساسية (baseline surveys) بشكل دوري لتسهيل محاكاتها وتمرير الخبرات المرتبطة بها. 

من الضروري التعاون مع كل أصحاب المصلحة والشركاء في مناهضة ختان الإناث في تصميم التدخلات والسياسات الوطنية من أجل ضمان تمرير الخبرات الميدانية.
 

لتأكيد فاعلية التنفيذ، يجب مراجعة وتقييم البرنامج الوطني لمناهضة ختان الإناث واستخلاص المداخل الناجحة وغير الناجحة بشكل دوري.  

المجتمع المدني: 

في ضوء تقلص مساحات العمل لكيانات المجتمع المدني، تبدلت أدواره من الرقيب على تحقيق الأهداف الإستراتيجية للسياسات على المستوى الوطني، إلى منفذ لأنشطة توعوية جماهيرية . وبناءا على ملاحظاتنا نوصي: 

بضرورة تعزيز أدوارنا كشركاء في وضع الإستراتيجية القادمة لختان الإناث. 

بضرورة تحويل التوجه السلبي الداعم لتمرير ختان الإناث عبر الأجيال، بتكثيف الأنشطة التوعوية  لجميع الأعمار بداية من الفتيات حتى الجدات.  

بنزع المركزية في وضع وتنفيذ الإستراتيجيات الوطنية، فالتدخلات محدودة النطاق غير فعالة. 

بالعمل على تبادل الخبرات بين المؤسسات الرسمية للدولة وكيانات المجتمع المدني، بجانب التعاون المباشر مع القائمين على الحملات التوعوية الناجحة على منصات التواصل الإجتماعي والإستفادة أيضًا من الخبرات المتراكمة من خلال الحملات المناهضة للتحرش الجنسي عبر السنوات السابقة.