المبادرة المصرية تعيد نشر مقترحها المقدم إلى الحكومة حول المجلس الأعلى للصحة –المُعد بالتعاون مع وزارة الصحة في عام 2014- وتؤكد على الشروط الأساسية لضمان تشكيل مجلس يحقق إصلاحًا جذريًا ومستدامًا في حوكمة المنظومة الصحية

بيان صحفي

10 مايو 2020

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تعيد نشر المقترح المقدم إلى مجلس الوزراء لإعادة تشكيل المجلس الأعلى للصحة والذي تم إعداده بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان في عام 2014  وتؤكد على الشروط الأساسية لضمان تشكيل مجلس يحقق إصلاحًا جذريًا ومستدامًا في حوكمة المنظومة الصحية. وذلك تعقيبًا على توجيهات رئيس الوزراء بإنشاء مجلس أعلى للصحة وكذلك التعليق المقدم من نقابة الأطباء.

" مقترح تشاركي عرض على مجلس الوزراء عام 2014"

في عام 2014 قدمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مقترحًا للحكومة لإعادة تشكيل المجلس اﻷعلى للصحة، تطويرًا وتفعيلًا للمجلس اﻷعلى للخدمات الصحية المنشأ بقرار جمهوري رقم 61 لسنة 1966 وتعديلاته برقم 81 لسنة 1978 ولسنة 1993. جاء هذا المقترح في بناء على الحاجة الملحة لإصلاح المنظومة الصحية بتأسيس كيان فعال ومستدام لحوكمة القطاع الصحي في البلاد، ويقوم ببلورة سياسات إستراتيجية تهدف إلى تحقيق العدالة والكفاءة في الرعاية الصحية لكل المصريين دون تمييز، ويحقق مشاركة المواطنين في وضع السياسات الصحية ومراقبة تنفيذها بشفافية ونزاهة.

يأتي هذا المقترح تتويجَا لعمل بدأ منذ أعوام عدة لمجموعة متنوعة من الخبراء والمتخصصين وممثلين للمجتمع المدني والتنفيذيين من قيادات القطاع الصحي، وبناءًا على اتفاقهم حول أهمية ومحورية هذا التشكيل الجديد لمجلس أعلى للصحة يحدد المدخل للإصلاح والأولويات ويرسم الخطط ويقيم ويتابع تنفيذها من خلال آليات مشاركة مجتمعية حقيقية وصلاحيات مناسبة تضمن تحقيق أهداف العدالة والكفاءة في الصحة بصورة ملموسة وشفافة.

قدم هذا المقترح في نسخته الأخيرة والمذكرة التفسيرية له بعد 22 مراجعة من وزارة الصحة والسكان تحت قيادة أ.د. مها الرباط ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات والخبراء في حوكمة المنظومة الصحية وغيرهم تم تقديمها لمجلس الوزراء وقت ذلك دون اتخاذ قرار بشأنه.

مجلس تشاركي لوضع الاستراتيجيات

يأتي هذا المقترح تحديثًا للمجلس الحالي والذي أصبح كيانًا هامشيًّا وبلا فائدة أو صلاحيات مؤثرة، كما أثبتت التجربة العملية أن المجلس الحالي، الذي اقتصرت عضويته على ممثلي الجهات التنفيذية للحكومة واقتصرت مهامه على التنسيق بينها، لم يقم بدوره ولم يحقق أي أهداف، كما أن تبعيته لوزارة الصحة جعلت دوره يقتصر على تقديم بعض التوصيات غير الملزمة للوزارة، بالإضافة إلى كونه خاضعًا لتوجهاتها.

وفي اقتراحها ترى المبادرة المصرية أن يصبح المجلس كيانًا اعتباريًّا مستقلًا يتم انتخاب رئيسه من اﻷعضاء غير العاملين بالجهاز التنفيذي للدولة، وأن يتحول الى بيت للخبرة ولتمثيل كل المعنيين بالسياسات الصحية وأن يكون دوره الرئيسي وضع السياسات الخاصة بالقطاع الصحي ككل، والإستراتيجيات لكل خمس أو عشر سنوات. وتقترح المبادرة المصرية أن يضم المجلس مجموعة متنوعة من الشخصيات بصفاتهم المهنية، يمثلون مختلف القطاعات المعنية والفاعلة، والمنتفعين من الخدمات الصحية في مصر.

وبناء على الصلاحيات الممنوحة له، يجب أن يكون لدى هذا المجلس سلطة ومسئولية المتابعة وتقييم مدى تحقيق الجهات التنفيذية، وعلى رأسها وزارة الصحة للجداول الزمنية المتفق عليها. وبهذا تصبح السياسات والإستراتيجيات الصحية للدولة بعيدة عن تغييرات الوزراء والتقلبات السياسية. ويدعو المقترح أن يعقد المجلس اجتماعاته العامة بصورة دورية لا تقل عن أربع مرات سنويًّا ويجوز له الانعقاد أكثر من ذلك بدعوة من رئيس الجمهورية، أو بطلب أغلبية اﻷعضاء، وأن يعمل المجلس من خلال لائحة داخلية يقوم بإعدادها بنفسه ويقوم بتشكيل لجان فرعية معنية بملفات بعينها على أن يقوم المجلس بتشكيله الكامل باعتماد ما تقوم به اللجان.

لقراءة المزيد عن دور هذا المجلس واهدافه، يمكنكم قراءة مقال د. علاء غنام، مدير برنامج الحق في الصحة عن هذا الصدد والصادر في عام 2014

لا يصح الخلط بين "المجلس الأعلى للصحة" "والمجلس الطبي العام"

قدمت نقابة أطباء مصر في مطلع هذا الأسبوع ردًا على المقترح المقدم لها بمشروع قانون المجلس الصحي المصري معه بعض التعليقات والمقترحات تتركز بشكل أساسي حول أهداف المجلس واختصاصاته وتشكيله.

يبدو أن هذا المقترح شابه لبس ما بين المجلس الأعلى للصحة (أو المجلس الصحي المصري) كيان آخر له دور مختلف تمامًا تحت مسمى "المجلس الطبي العام"، طالما نادى به المتخصصون وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور سامح مرقص والذي قدمًا مقترحًا تفصيليًا له وسماه "الحارس للخدمات الطبية". هذا المجلس لده دور مكمل ومختلف عن المجلس الأعلى للصحة، فهو متشابه مع المجلس الطبي البريطاني العام في المملكة المتحدة. يهدف هذا المجلس الطبي إلى حماية المرضى وتحسين التعليم الطبي والخدمات الطبية وتوفير إرشادات ومعايير واضحة لتقديمها، يحدد المعايير القياسية لمهنة الطب والسلوك المهني المناسب للأطباء،  يضع معايير التعليم الطبي والتدريب التخصصى، يقوم بإصدار تراخيص مزاولة مهنة الطب (بدلًا من النقابة) ويقوم بمحاسبة الأطباء المخالفين لقيم وأخلاقيات مهنة الطب (بدلًا عن النقابة أيضًا).

هذا المجلس له دور هام وفعال في وضع معايير منضبطة لتقديم الخدمات الطبية ويحل من أزمة تضارب الأدوار والمصالح لنقابة الأطباء من جهة تمثل الأطباء ومصالحهم لكيان يقوم بإجراءات التسجيل والمحاسبة. يمكنكم قراءة المزيد عن المقترح المقدم من أ.د. سامح مرقص هنا.

التعليقات التي قدمتها النقابة تتجه بالمجلس الأعلى للصحة في اتجاه يخلط بينه وبين المجلس الطبي العام المقترح وهو أمر غير متناسب مع الدور المرجو من الكيانين ويجب الفصل بينهما.

الشروط الأساسية لضمان تشكيل مجلسًا أعلى للصحة فعالًا، ممثلًا للمنتفعين وقادرًا على تحقيق أهدافه

يمثل المجلس الأعلى للصحة المرجو، بيتًا للخبرة و لتمثيل المعنيين يهدف إلى وضع السياسات الخاصة بالقطاع الصحي ككل والخطة الاستراتيجية الخمسية والعشرية لها واعتمادها مجتمعيًا ثم مراقبة الجهاز التنفيذي في تحقيقه لها. ويتكون هذا المجلس من مجموعة متنوعة من الشخصيات بصفاتهم المهنية يمثلون مختلف المعنيين والمؤثرين والمنتفعين من الخدمات الصحية في مصر وذلك بقصد توفير أعلى المستويات الصحية للمواطنين.

ونظرًا لتكوين المجلس الذي يضم مختلف المعنيين والمؤثرين بهذا القطاع، وبناءًا على الصلاحيات الممنوحة له، تصبح الخطط التي يعدها ويقرها المجلس ملزمة للقطاعات المختلفة في تنفيذها وعلى رأسها وزارة الصحة. فهذا المجلس كيان اعتباري مستقل يتم انتخاب رئيسه من الأعضاء الغير عاملين بالجهاز التنفيذي للدولة ولديه سلطة ومسؤولية المتابعة وتقييم مدى تحقيق الجهات التنفيذية وعلى رأسها وزارة الصحة للجداول الزمنية المتفق عليها. وبهذا، تصبح السياسات والاستراتيجيات الصحية للدولة بعيدة عن تغييرات الوزراء والتقلبات السياسية التي طالما كانت سببًا في تشتيت الرؤى وخسارة المجهودات والموارد والخبرات مما تسبب في عدم كفاءة المنظومة الصحية.

حتى يحقق المجلس المقترح هذه الأهداف، يجب أن يراعي قانون تأسيسه الشروط الأساسية الآتية:

  1. أن يكون مستقلًا في عمله، غير تابعًا لوزارة الصحة.
  2. أن يعمل من خلال لائحة داخلية يكتبها الأعضاء ولا تتدخل في عمله أي جهة تنفيذية.
  3.  أن يكون رئيسه بالانتخاب من أعضاء المجلس الغير العاملين بالجهاز التنفيذي للدول.
  4.  أن يشمل تشكيله جميع القطاعات والجهات المعنية بالصحة بمشاركة واسعة وغالبة من المجتمع المدني وممثلي المنتفعين (وليس فقط الأطباء، إنما أيضًا التمريض وجمعيات المرضى والأكاديميين وغرف تقديم الخدمات الطبية ومنتجين الأدوات والمنتجات الطبية والقطاع الأهلي والمنظمات الحقوقية وغيرها).
  5.  أن تكون مخرجاته من استراتيجيات وتوجهات ملزمة للجهات التنفيذية المختلفة.
  6.  ألا تكون عضويته مصدرًا للتربح وأن تكون أوجه الصرف لعمله محدودة ومقننة.

تشدد المبادرة المصرية على أهمية احترام تلك الشروط أثناء العمل على مقترح القانون. تتقدم المبادرة من خلال هذه الورقة مجددًا بمقترح القانون المقدم في 2014 المذكرة الشارحة له ومقترح لتشكيله وآليات عمله.

أخيرًا تتقدم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالشكر والعرفان لمجموعة كبيرة من الخبراء والزميلات والزملاء الذين ساهموا بصورة مباشرة وغير مباشرة في صياغة هذا المقترح من خلال مشاركاتهم وتعليقاتهم وعملهم الدؤوب من أجل الوصول لتصور يتفق عليه الجميع ويحقق النتائج المرجوة. نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: أعضاء لجنة حوكمة القطاع الصحي بوزارة الصحة، اعضاء منتدى الحوكمة بالقطاع الصحي، مجموعات عمل كليات طب القاهرة وعين شمس، أعضاء مجلس نقابة الأطباء، أعضاء مجموعة إصلاح القطاع الصحي، أعضاء مجموعة Reflections on Egypt’s Health، وزارة الصحة المصرية، منظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية المختلفة.