Photo Credit: Baha'i Views / Flitzy Phoebie Flickr via Compfight cc

المبادرة المصرية تتقدم إلى الحكومة والبرلمان بمقترحات تنفيذية وتشريعية لضمان الحقوق الأساسية لأصحاب الديانات والعقائد "غير المعترف بها" في مصر

بيان صحفي

21 مايو 2019

أطلقت اليوم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ورقة سياسات بعنوان: "أوراق هوية وزواج ومدافن: الحقوق الأساسية الغائبة لأصحاب الديانات غير المعترف بها في مصر"، تتقدم فيها المبادرة إلى الحكومة والبرلمان وصناع القرار بمقترحات تنفيذية وتشريعية عاجلة، تهدف بالأساس إلى ضمان الحقوق الأساسية للمواطنين المصريين غير المنتمين إلى الديانات الثلاث، الإسلام والمسيحية واليهودية، وهي تحديدًا الحق في الحصول على بطاقة هوية بدون الاضطرار إلى كتابة بيانات غير صحيحة في خانة الديانة، والحق في الحصول على شهادات توثيق الزواج والحق في التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، والحق في تخصيص مدافن خاصة بهم.

تتضمن المقترحات التنفيذية قرارًا يصدره وزير الداخلية بتشكيل لجنة خاصة في مصلحة الأحوال المدنية تكون هي الجهة الخاصة بتسجيل "الشَرطة" (-) في ديانة المواطنين غير المنتمين إلى الديانات الثلاث، بناء على طلبهم وإقرارهم بذلك، بدلًا من الإكراه على تسجيل ديانة غير صحيحة لا يدينون بها، وقرارًا لوزير العدل بتعيين موثقين منتدبين لتوثيق زواج المواطنين الذين تحتوي خانة الديانة في أوراقهم على شَرطة (-) بدلًا من رفض أجهزة الدولة حتى الآن توثيق شهادات زواج لهم، وقرارات يصدرها المحافظون بتخصيص أراضٍ لجبانات (مدافن) للمواطنين غير المنتمين إلى الديانات الثلاث، وقد سبق للدولة المصرية في الأربعينيات والستينيات تخصيص عدة جبانات لهم في محافظات القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والشرقية، ولم يعد متاحًا منها إلا جبانة واحدة في القاهرة.

وتتضمن المقترحات التشريعية بديلًا آخر لإتاحة توثيق الزواج للمواطنين غير المنتمين إلى الديانات الثلاث، يتطلب تعديلًا للمادة 5 من قانون الأحوال المدنية (قانون رقم 143 لسنة 1994) يتيح للشهر العقاري توثيق زواج المواطنين المسجل في خانة الديانة لديهم علامة (-)، ويرتبط به تعديل في تعليمات الشهر العقاري يصدر بقرار من وزير العدل.

كما تتضمن المقترحات التشريعية تعديل المادة 3 من قانون الأحوال الشخصية (قانون رقم 1 لسنة 2000) يسمح بالحق في التقاضي في الأحوال الشخصية وفق لوائح طوائف دينية ولا يشترط أن تكون هذه الطوائف قد حظيت بالاعتراف الرسمي ولها جهات قضائية ملية قبل عام 1955 كما تنص المادة، ويسمح هذا التعديل بإصلاح جزئي مؤقت لسياسات الاعتراف بالطوائف الدينية، يفصل بين الاعتراف المتضمن الإقرار بممارسة الشعائر الدينية واتخاذ دور العبادة _وهو ما يتطلب إصلاحات أوسع_ وبين ضرورة الإقرار بوجود الطائفة الدينية وضمان الحقوق الأساسية للمواطنين المنتمين إليها ومنها الحق في توثيق الزواج والتقاضي في مسائل الأحوال الشخصية.


ويؤكد عمرو عزت، الباحث ومسئول ملف حرية الدين والمعتقد والسياسات الدينية في المبادرة المصرية، والذي أعد المقترحات: "إن هذه القرارات التنفيذية والتعديلات التشريعية تمثل الحد الأدنى لحماية بعض الحقوق الأساسية وإزالة أشكال من التمييز الصارخ التي تنتهك أبسط مفاهيم المواطنة وتتسبب في معاناة بالغة وأوضاع قانونية مضطربة لفئات من المواطنين يحاولون الحصول على بطاقة هوية مثبت بها بيانات صحيحة في خانة الديانة أو الحصول على شهادات توثيق للزواج أو طلب تخصيص جبانات لدفن موتاهم، ولذلك فهي خطوات عاجلة وضرورية، بينما الإصلاح الأوسع يجب أن يتضمن تعديلات دستورية وتغييرات أعمق في سياسات الدولة في مجال الدين، تنادي بها المبادرة المصرية في توصيات تقاريرها ودراساتها وأوراقها المفصلة عن الوضع القانوني للأزهر وسياسات إدارة المساجد والشئون الدينية الإسلامية وتنظيم اتخاذ دور العبادة والوضع الحالي لتطبيق قانون بناء الكنائس وسياسات مواجهة النزاعات الطائفية ومشكلات التنوع الديني وحرية التعبير في مجال الدين".

تأتي هذه المقترحات على خلفية المطالبات التي أطلقها مواطنون غير منتمين إلى الديانات الثلاث، في ظل الجدل العام المتصاعد منذ عام 2015 تحت عناوين: "تجديد الخطاب الديني"، و"الإصلاح الديني"، و"الثورة الدينية"، التي تحتل مساحات كبيرة في الإعلام وتتكرر في خطابات المسئولين الرسميين، من رئيس الجمهورية إلى مسئولي المؤسسات الدينية والسياسيين والأكاديميين وأصحاب الرأي، بينما لا تزال الإجراءات العملية والسياسات غائبة.

ففي نوفمبر 2018 قال عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في كلمته أثناء إحدى جلسات "منتدى شباب العالم" في شرم الشيخ، ما يمكن اعتباره تصريحات تشير إلى ضرورة كفالة الدولة حريات دينية لكافة أطياف التنوع الديني، الأوسع من الأديان الثلاثة: الإسلام، دين الدولة، والمسيحية واليهودية اللتين تحظى طوائفهما بالاعتراف الرسمي من جانب الدولة. حيث قال:

"إن الدولة المصرية لم تكن تفكر من قبل في بناء دور عبادة للمواطنين غير المساجد، ولكن الآن الدولة معنية أن تبني في كل مجتمع جديد (..) كنائس لمواطنيها لأن لهم الحق في العبادة كما يعبد الجميع، ولو عندنا في مصر ديانات أخرى نحن كنا سنبني لهم دور عبادة، لو أن لدينا يهود سنبني لهم دور عبادة، لو أن لدينا ديانات أخرى كذلك"، وأضاف أن ذلك: "حق المواطن يعبد كما يشاء، أو بالمناسبة لا يعبد، هذا موضوع لا نتدخل فيه". وقال أيضًا: "لا تمييز بين دين ودين، الكل سواء، وهذا ليس كلامًا يقال، وإنما ممارسات يجب أن تنفذ، وتتحول إلى سياسات وآليات عمل مستقرة في الدولة لها الاستدامة".

أعقبت هذه التصريحات ردود أفعال من مواطنين منتمين إلى هذه التنوعات الدينية، فكتب حاتم الهادي في موقع التحرير مقالًا بعنوان :"نعم يا سيادة الرئيس هناك ديانات أخرى في مصر"، وقال فيه إنه مواطن مصري بهائي يرحب بهذه التصريحات ولديه أمل في أن تترجم إلى سياسات تكفل الحرية الدينية للجميع، وأشار إلى أن هناك "إشكاليات تعيق حق البهائيين في المواطنة كغيرهم من المصريين، منها ما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية، ومنها عدم تخصيص أراضي قبور لدفن موتاهم، وهذه احتياجات أصبحت الآن مُلِّحة (..) قبل أن يأملوا في بناء دور عبادة لهم كما صرحت وكما هو مسموح به للبهائيين في الـ160 دولة التي جاء ممثلوها لمنتدى الشباب العالمي".
 

كما وقع عدد من المواطنين على "بيان من مصريين ملحدين ولا دينيين ولا أدرييين أو مواطنين يفضلون الاحتفاظ بخصوصية عقائدهم"، يقول البيان إن: "هذه التصريحات ليست منعكسة على أي ممارسات وسياسات تقوم بها الدولة، وننتظر هذه الممارسات والسياسات التي تؤكد على حرية العقيدة وحق كل مواطن في أن يعتقد ما يشاء بدون أن يعاني من تمييز أو تضييق أو حرمان من حق. ونحن كمواطنين وكأفراد ملحدين أو دينيين أو لا أدريين نطلب أبسط حقوقنا وهو أن لا تقوم الدولة بالكذب في خانة الديانة في أوراقنا الرسمية، حيث أنها ما زالت تحتوي على أديان آبائنا إن كانت ضمن الديانات الثلاث المتاحة فقط للتسجيل في خانة الديانة (مسلم - مسيحي - يهودي)، والمحاولات لتركها فارغة أو كتابة (-) تم رفضها من قبل مصلحة الأحوال المدنية في وزارة الداخلية".

وتؤكد المبادرة أن الحقوق والحريات التي تستهدف هذه المقترحات ضمانها، ليست مرتبطة بالانضمام إلى طائفة دينية تنتظر "الاعتراف" من أجهزة الدولة، ولكن أغلبها حقوق شخصية لصيقة بالحق في المواطنة، يجب أن تكون مكفولة للأفراد مهما كان اعتقادهم، وفي هذه الحالة يجب أن تكون سياسات الدولة وتشريعاتها ضامنة لهذه الحقوق الأساسية، بينما هي حاليًّا تتضمن العديد من العوائق أمام هذه الحقوق، وتستهدف هذه المقترحات إزالة هذه العوائق.