صورة أرشيفية

محكمة النقض تؤيد أحكام نهائية بالإعدام للمرة الرابعة عشرة خلال عام واحد في قضايا تشوبها عيوب إجرائية وانتهاكات بحق المتهمين

بيان صحفي

28 نوفمبر 2018

للمرة الـرابعة عشرة في سنة واحدة، محكمة النقض تؤيد أحكامًا بالإعدام لتصبح نهائية وواجبة النفاذ. أصدرت محكمة الإعدام يوم الأحد 25 نوفمبر 2018 حكمها في القضية رقم 81 لسنة 2016 جنايات أمن الدولة العليا، والمعروفة إعلاميًّا بقضية "اغتيال النائب العام" الصادر، بتأييد حكم إعدام 9 أشخاص، وبتخفيف حكم الإعدام على 6 أشخاص إلى السجن المؤبد، كما قامت بتخفيف السجن المؤبد إلى المشدد 15 سنة لأربعة أشخاص واستبدلت المحكمة أيضًا بعقوبة السجن المؤبد السجن المشدد 3 سنوات للمتهم إبراهيم عبد المنعم علي أحمد, وأخيرًا برأت المحكمة 5 أشخاص بعد أن كانت محكمة جنايات القاهرة قد قضت بتاريخ 22 يوليو 2017 بإعدام 28 متهمًا لإدانتهم باغتيال النائب العام المستشار هشام بركات.

والمحكوم عليهم بالإعدام هم أحمد محمد طه وهدان، أبو القاسم أحمد علي يوسف، أحمد جمال أحمد محمود حجازي، محمود الأحمدي عبد الرحمن علي وهدان، أبو بكر السيد عبد المجيد علي، عبد الرحمن سليمان كحوش، أحمد محمد الدجوي، أحمد محروس سيد عبد الرحمن، وإسلام محمد أحمد مكاوي.

وتعرب المبادرة المصرية عن قلقها من الاتجاه المتزايد في محكمة النقض لتأييد أحكام الإعدام الصادرة عن محاكم الجنايات  وهي الملاذ الأخير والمحكمة التي ارتبط اسمها بالتحفظ والتريث في تأييد أحكام الإعدام خاصة في القضايا التي تشوبها عيوب إجرائية وانتهاكات بحق المتهمين من شأنها تقويض الحق في محاكمة عادلة. وقد طالبت المبادرة المصرية سابقًا بالتحقيق الجاد في ادعاءات بعض المتهمين في هذه القضية وذويهم بتعرضهم للاختفاء القسري والتعذيب، وهي الشهادات التي تم تداول أجزاءٍ منها في مقطع فيديو بتاريخ 16 أغسطس 2016 في إحدى الجلسات.

انتهاكات تشكك في سلامة التحقيقات

بحسب شهادة محمود الأحمدي، وهو من ضمن المتهمين الذين حكم عليهم بالإعدام كمثال على الانتهاكات التي شابت التحقيقات في هذه القضية، فقد تم تصوير مقاطع فيديو الاعترافات والتي تم تداولها بشكل واسع كدليل على الإدانة قبل أن تنظر المحكمة في القضية في أواخر فبراير 2016 بمقر الأمن الوطني بلاظ أوغلي تحت ضغط التعذيب الشديد على مدار 12 يومًا داخل مقر الأمن الوطني، كما ذكر المتهم أن أخاه محمد الأحمدي تعرض للتعذيب هو وآخرون من ضمن المتهمين في مقر الأمن الوطني بلاظ أوغلي. وذكر المتهم أبو القاسم أحمد أنه كان قد تم القبض عليه في 19 فبراير 2016، وتم عرضه على النيابة في يوم 5 مارس 2016، أي أنه تعرض للاختفاء القسري لمدة 15 يومًا قبل عرضه على النيابة، وهي الممارسة التي أصبحت متكررة في التحقيقات في الجرائم المتعلقة بالإرهاب.

روى المتهم تفاصيل تعرضه للتعذيب في تلك الفترة والتي لم يعرض فيها على النيابة ولم يحصل على تمثيل قانوني، من صعقٍ بالتيار الكهربائي وتعليقه على الباب لساعات، بالإضافة إلى تكبيل يديه حتى في أثناء النوم.

يظهر في مقطع الفيديو كذلك المتهم أبو بكر سيد والذي شهد أيضًا بتعرضه للاختفاء القسري لمدة أسبوع كامل، قضاه في مقر الأمن الوطني بالزقازيق، ويقوم بسرد تفاصيل تعرضه لمختلف أنواع التعذيب، ويشير في المقطع المصور إلى أنه طلب من القاضي عرض آثار التعذيب الظاهرة على جسده، ولكن القاضي رفض. وعندما روى متهم آخر ما أحدثه التعذيب من أضرار نفسية واضطرابات ضلالية، ردَّ القاضي قائلًا: "ما جايز راكبك عفريت"، مستهزئًا بشكوى المتهم، وقام بمقاطعة كلامه قبل أن تتسنى له الفرصة لاستكمال ما تعرض له من تعذيب ردًّا على مطالبته بتواجد محاميه معه أثناء التحقيقات، وبعرضه على الطب الشرعي.

ذكر أبو بكر أنه قام بعرض آثار الصعق الكهربائي بساقه على القاضي ولكنه لم يعلق أو يلتفت إليه. وهذه الانتهاكات وغيرها من التي تم توثيقها تشكك في سلامة التحقيقات والتي بنيت عليها الاتهامات, وهو ما كان يجب أن يستدعي قلق محكمة النقض خاصة وهي تنظر في أحكام بالإعدام لا يمكن الرجوع عنها.

تعود أحداث القضية إلى واقعة اغتيال النائب العام الأسبق المستشار هشام بركات يوم 29 يونيو 2015 عقب انفجار سيارة مفخخة بمنطقة النزهة، أثناء مرور ركب النائب العام بها، وأدى الانفجار إلى مقتله وإصابة طاقم حراسته وبعض المواطنين، بالإضافة إلى احتراق عدد من السيارات وحدوث تلفيات بالعقارات القريبة.

وكانت المبادرة المصرية قد سبق وأن وصفت أحكام الإعدام في هذه القضية بأنها بمثابة إهدار لمعايير المحاكمة العادلة في بيان أصدرته عقب صدور حكم الدرجة الأولى، كما دعت المبادرة المصرية في بيان مشترك سابق بتاريخ 30 يونيو 2015 إلى فتح تحقيق جاد، علني، شفاف ومستقل، لكشف ملابسات هذه القضية.

وتعيد المبادرة المصرية التأكيد على رؤيتها أن الاستمرار في إصدار أحكام الإعدام لا يضمن تحقيق العدالة، وخاصة في ظل تصاعد وتيرة أحكام الإعدام بهذه المعدلات المخيفة في القضايا المختلفة, ذات الطابع السياسي والقضايا الجنائية العادية, منذ بداية عام 2018، فقد تم إصدار 55 حكمًا نهائيًّا بالإعدام في 16 قضية في عام واحد من بينها قضيتان حكمت فيهم المحكمة العليا للطعون العسكرية وقضت بإعدام 4 متهمين من المدنيين. وتؤكد المبادرة مجددًا على أن التوسع غير المسبوق في استخدام عقوبة الإعدام في السنوات الماضية لم يَحُل دون تصاعد وتيرة التهديدات الأمنية، بل أهدرت الفرصة لإجراء حوار مجتمعي شفاف وجاد حول أبعاد تلك التهديدات وأنجع السبل لمواجهتها.