Photo Credit: Cycling Man Flickr via Compfight cc

القاهرة أكثر المدن تلوثًا واعتراض وزارة البيئة لن يقلل من تلوثها

خبر

9 سبتمبر 2018

القاهرة أكثر مدن العالم تلوثًا، كما جاء في خبر نشرته وكالة فوربس بتاريخ 23 أغسطس 2018، وذلك وفقًا لتصنيف أجرته إيكو إكسبرتس "Eco Experts". وقد اعتمد هذا التصنيف على تحليل بيانات تلوث الهواء المحيط والضوضاء وشدة الإضاءة الاصطناعية في 48 مدينة حول العالم ووضع ترتيب لهذه المدن يعتمد الملوثات الثلاثة مجتمعة. حصلت القاهرة على 95.8361، من أصل 100 نقطة، بفارق 9 نقاط عن مدينة دلهي التي احتلت المركز الثاني.

واحتلت القاهرة رأس قائمة التلوث بعد أن حققت المركز الثاني عالميًّا في تلوث الهواء المحيط، بواقع تركيز 284 ميكروجرام/ متر مكعب للجسيمات ذات القطر 10 ميكرون، ما يعادل 14.2 ضعف الحد الآمن طبقًا لمنظمة الصحة العالمية. والقاهرة ثالثة أكبر المدن الحضرية الصاخبة في العالم، حيث سجلت 1.7 نقطة من أصل نقطتين طبقًا لتقييم التقرير لبيانات الضوضاء. كما جاءت في المركز الثالث في تصنيف شدة الإضاءة الاصطناعية بواقع نحو (14900 μcd/m 2)، ما يعادل 85 ضعف سطوع السماء الطبيعية وفقًا للتقرير.

وذكر التقرير الذي نشرته فوربس أن طبوغرافيا القاهرة بمبانيها المرتفعة وشوارعها الضيقة التي تفيض بالمركبات تَحُول دون فرصة تحريك الهواء الراكد، كما تقل فرصة تطهير الهواء بسبب مناخها الجاف وندرة الأمطار فيها. ومن المعلوم أن الهواء الملوث يزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الرئة والأمراض القلبية وأمراض الجهاز التنفسي، وهو أحد أسباب ارتفاع معدلات الوفيات المبكرة، حيث يتسبب في تقصير أعمار المصريين بحوالي 1.85 سنة. تشير الدراسات إلى تأثيره على القدرات الذهنية وعلى الإدراك، ويكلف مصر نحو 5% من إجمالي الناتج القومي.

والضجيج مصدر إزعاج مألوف لسكان القاهرة وأحد سماتها، حيث لا تقل شدة الضوضاء فيها عن 70 ديسيبل وقد تصل إلى 90 ديسيبل وفقًا لدراسة المركز القومي للبحوث، وكأن ساكنها يعيش في أحد المصانع، وهو ما تم ربطه بحالات الإجهاد والتوتر وارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية وفقدان السمع.

وأنوار القاهرة الساطعة ليلًا، تؤثر سلبًا على الكائنات الحية والنظام البيئي، فالتعرض المفرط للإضاءة يؤثر على الوظائف الحيوية للكائنات الحية، ويتعارض مع النمط اليومي للضوء والظلام ما يسبب اضطرابات النوم التي تؤدي إلى الصداع وإجهاد العين والتوتر، وتشير دراسات إلى العلاقة بينه وبين أمراض السمنة والاكتئاب وحتى السرطان.

وقد أصدرت وزارة البيئة المصرية عقب انتشار تداول تقرير فوربس بيانًا عبر صفحتها على موقع فيسبوك بتاريخ 2 سبتمبر 2018، اعترضت فيه على التقرير وشككت في قيمته العلمية تحت عدد من الحجج.

أول هذه الحجج كان عدم وضوح مصدر المعلومات، رغم أن مصدرها بحسب التقرير هو قاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية لتلوث الهواء وخريطة التلوث الضوئي وأيضًا مؤشر ميمي للسمع وهي مصادر عالمية معروفة. كما ادَّعى البيان أن التقرير أخطأ في تركيز الجسيمات الصلبة ذات القطر أقل من 10 ميكرومتر (284 ميكروجرام/م3)، رغم أن هذا التركيز هو أحدث تركيز منشور في تقرير منظمة الصحة العالمية، وفي نشرة البيئة الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2015.

وذكر البيان أن التركيز الصحيح هو (127 ميكروجرام/ متر مكعب) لسنة 2017 دون أن يوضح أن هذا التركيز، طبقا لبيان، يعبر عن متوسط القاهرة والدلتا وهو ما قد يخفي الرقم الحقيقي للقاهرة نفسها، كما أن الرقم يخص سنة 2017 وليس 2015، المعنية في التقرير، فضلًا عن أنه ليس متاحًا أو منشورًا على أي موقع.

كما انتقد البيان منهجية التقرير في تقييم الوضع البيئي بناءً على اختيارات بعينها لبعض الملوثات فقط وأكد أن باقي المؤشرات لا تتعدى تركيزاتها النسب المسموح بها قانونيًّا، دون أن يوضح البيان أن النسب القانونية في مصر هي للأسف أضعاف المعايير المسموح بها عالميًّا، وأيضًا دون أن يفسر كيف أن طريقة القياس والرصد التي تتبعها الوزارة لهذه المعايير سواء من ناحية توزيع محطات الرصد أو حسابات المتوسطات أو غير ذلك يخالف المتبع عالميًّا، وأن هذه الطرق تكاد تجرد هذه القياسات من مدلولها وقيمتها، ودون أيضًا أن يوضح أن هناك مؤشرات هامة لا تنشر الوزارة تفاصيلها مثل الأوزون وأول أكسيد الكربون.

أما في اعتراض البيان على تركيز الضوضاء أو شدة الضوء الاصطناعي فقد اكتفى بنفي صحة الأرقام في تقرير فوربس دون أن يورد أي أرقام مختلفة.

في المقابل ركز البيان على قيام وزارة البيئة بالدور المنوط بها في حماية البيئة، ودللت على ذلك بتقدمها 38 مركزًا في مؤشر الأداء البيئي العالمي وهو مؤشر معني بتصنيف الدول بحسب مدى تحقيق أهداف السياسات المستهدفة في الصحة البيئية وحيوية النظام الإيكولوجي، ولا يعكس نتائج التطبيق الفعلي لتحقيق هذه الأهداف.

يقر البيان في سياق سرد جهود وزارة البيئة وعرض خطة الحكومة لخفض مستويات التلوث، بمدى تدهور نوعية الهواء في مصر عمومًا والقاهرة خصوصًا، مع تقديرنا لهذه الجهود. لكن تلوث هواء مدينة القاهرة لا تكفي بيانات الوزارة البليغة أو حجب المعلومات في معالجته. وما زال سكان القاهرة يعاينون ويعانون بشدة من تدهور نوعية الهواء، ويصعب عليهم، في الأرجح، تصديق أن تلوث الهواء قد انخفض إلى النصف تقريبا خلال عام كما يذكر بيان الوزارة.

وفي هذا الإطار تعيد المبادرة المصرية نشر تقرير سابق بعنوان: "ورقة حقائق ومعلومات عن تلوث الهواء في مصر" في يونيو 2018 وذلك في أعقاب تقرير سابق صادر عن منظمة الصحة العالمية احتلت فيه القاهرة المركز الثاني على مستوى مدن العالم في تلوث الهواء. أوضحت المبادرة في تقريرها تفاصيل تلوث الهواء وأشارت إلى بعض أوجه القصور في القياس وإتاحة المعلومات كما أصدرت عددًا من التوصيات فيما يتعلق بتحسين الرصد البيئي لتلوث الهواء، وإجراءات حماية البيئة، وتقليل الانبعاثات.