albedaiah.com

المبادرة المصرية: قانون تنظيم السجون يحتاج إلى تعديل شامل ليتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان

بيان صحفي

23 ديسمبر 2017

وافقت اللجنة التشريعية في مجلس النواب في يوم 17 ديسمبر على مشروع قانون مقدم من الحكومة لتعديل قانون تنظيم السجون، ليتضمن الإفراج الشرطي عن المساجين بعد قضاء نصف المدة بدلًا من ثلاثة أرباعها. وترى المبادرة المصرية أن تلك التعديلات الأخيرة والتي تحدث من حين إلى آخر على قانون تنظيم السجون ولائحته التنفيذية هي تعديلات شكلية لن تساهم في تحسين الأوضاع في السجون المصرية، إذ أننا في حاجة إلى النظر نظرة شاملة إلى قانون تنظيم السجون ولائحته التنفيذية.

ويتضمن المشروع تعديل نص المادة 52 من قانون تنظيم السجون لتنص على أن: "يجوز الإفراج تحت شرطٍ عن كل محكوم عليه نهائيًّا بعقوبة مقيِّدة للحرية إذا أمضى في السجن نصف مدة العقوبة وكان سلوكه أثناء وجوده في السجن يدعو إلى الثقة بتقويم نفسه، وذلك ما لم يكن فى الإفراج عنه خطر على الأمن العام. ولا يجوز أن تقل المدة التي تُقضَى في السجن عن تسعة أشهر على أية حال وإذا كانت العقوبة هي الأشغال الشاقة المؤبدة فلا يجوز الإفراج إلا إذا قضى المحكوم عليه في السجن عشرين سنة على الأقل".

ويُعدُّ هذا التعديل هو التعديل الثاني على نص المادة 52 من قانون تنظيم السجون، حيث كان قد أصدر الرئيس عدلي منصور تعديلًا على نص تلك المادة بموجب القانون رقم 49 لسنة 2014، الذي جعل الإفراج تحت شرطٍ عن كل المحكوم عليهم نهائيًّا بعقوبة مقيِّدة للحرية ممكنًا إذا أمضى في السجن ثلثي مدة العقوبة وكان سلوكه أثناء وجوده في السجن يدعو إلى الثقة بتقويم نفسه وذلك ما لم يكن في الإفراج عنه خطر على الأمن العام. بعد أن كان الإفراج الشرطي ممكنًا بعد قضاء المحكوم عليه نهائيًّا بعقوبة مقيِّدة للحرية إذا أمضى في السجن ثلاثة أرباع مدة العقوبة.

ورغم أن هذه التعديلات تبدو جيدة من الناحية الظاهرية فإنها في حقيقة الأمر لن تُغيِّر من واقع السجون المصرية ولن تساعد في تخفيف التكدس داخل السجون، إذ أن المشكلة تتمثل في النصف الثاني من المادة وتحديدًا في جملة: "وذلك ما لم يكن في الإفراج عنه خطر على الأمن العام". إن اشتراط ألا يكون السجين _المفرج عنه شرطيًّا_ خطرًا على الأمن العام دون النص على معايير واضحة يستبين منها توافر الخطورة على الأمن العام من عدمه، واستخدام جملة فضفاضة تستطيع جهة الإدارة أو وزارة الداخلية أن تفسرها كيفما تشاء، هو ما أدى إلى وجود العشرات _على الأقل_ من المستحقين للإفراج الشرطي بثلثي مدة العقوبة طبقًا للنص الحالي إلا أن وزارة الداخلية ترفض الإفراج عنهم، وذلك بالرغم من حصول هؤلاء المسجونين على أحكام من قضاء مجلس الدولة بإلغاء قرارات وزارة الداخلية بالامتناع عن الإفراج عنهم.

ومن أهم عيوب القانون فيما يخص الإفراج الشرطي أيضًا، التي لم تَقرُبها التعديلات، إعطاء سلطة إصدار الإفراج الشرطي لجهة الإدارة أو لمدير عام مصلحة السجون، وعدم جعل هذا الاختصاص لجهة قضائية، وفي هذا الأمر عدم احترام لمبدأ الفصل بين السلطات وعدم ضمان حقوق المحكوم عليه وحمايته من تعسف جهة الإدارة. وجدير بالذكر أنه كان قد صدر القرار رقم 2904 لسنة 2010 عن رئيس مجلس الوزراء بإنشاء مجلس المشاركة المجتمعية لدعم المسجونين والمفرج عنهم وأسرهم. وترحب المبادرة المصرية بتفعيل القرار رغم تأخره لمدة سبع سنوات، فقد تم الإعلان في أغسطس الماضي عن هذا التفعيل وتنتظر المبادرة المصرية الإعلان عن خطة عمل المجلس وأنشطته. ويضم المجلس فى عضويته وزارات (الإعلام – الصحة – التضامن الاجتماعي – القوى العاملة)، ومن المجالس القومية (حقوق الإنسان – المرأة – الأمومة والطفولة – الاتحاد العام للجمعيات الأهلية)، وعدد من الجمعيات والمؤسسات الأهلية.

وجدير بالذكر ونحن بصدد الحديث عن مشروع قانون بتعديل نص مادة بقانون تنظيم السجون، أن نتطرق إلى ما أُجري من تعديلات على ذلك القانون ولائحته التنفيذية منذ إقراره عام 1956 وحتى تاريخه، فمنذ وضع قانون تنظيم السجون عام 1956 وحتى يومنا هذا لم يُدخِل المشرِّع المصري تعديلات تمس جوهر القانون أو تجعل أوضاع السجون أفضل مما هي عليه الآن، ما يؤكد عدم وجود إرادة سياسية لتغيير النظام العقابي، إلا في بعض المواضيع المحدودة، مثل: إلغاء عقوبة الجلد عام 2001 وإلغاء عقوبة الأشغال الشاقة عام 2003. وقد بلغ عدد التعديلات المُدخَلة على قانون تنظيم السجون عشرة تعديلات، كما بلغت التعديلات التي أُدخلت على اللائحة الداخلية للسجون منذ إقرارها عام 1961 ثمانية عشر تعديلًا.

وتؤكد المبادرة المصرية أن التعديلات التي تحدث من حين إلى آخر على قانون تنظيم السجون ولائحته التنفيذية هي تعديلات شكلية لن تساهم في تحسين الأوضاع في السجون المصرية، إذ أننا في حاجة إلى النظر نظرة شاملة إلى قانون تنظيم السجون ولائحته التنفيذية لإعداد مشروع قانون شامل للسجون يتوافق مع المبادئ النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء "قواعد نيلسون مانديلا" مع وضع آليات تضمن تنفيذ القانون بالشكل الأمثل.