صورة أرشيفية- جريدة التحرير

بعد تخفيف حكم ضابط الشرطة (قاتل شيماء الصباغ) المبادرة المصرية: محاسبة منقوصة… يجب على الدولة ضمان ضرورة الالتزام بالقواعد الدولية لتأمين المظاهرات وبقواعد الفض.

بيان صحفي

19 June 2017

قضت اليوم محكمة جنايات وسط القاهرة (الدائرة السادسة)، في القضية رقم 805 لسنة 2015 جنايات قصر النيل، بسَجن ضابط الأمن المركزي ياسين محمد حاتم 10 سنوات لاتهامه بضرب شيماء الصباغ ضربًا أفضى إلى الموت باستخدام سلاح خرطوش، وإصابة اثنين آخرين (محمد أحمد محمد محمود الشريف، وأحمد فتحي)، رغم ما سبق من قضاء محكمة الجنايات بسَجنه 15 سنة، لكن محكمة النقض قبلت طعنه وألغت الحكم وأعادت محاكمته بذات الاتهامات. كان قد قدم طلب من دفاع المجني عليها بتعديل الاتهام من ضرب أفضى إلى موت إلى قتل عمد، إلا أن محكمة الجنايات في المحاكمة الأولى قد التفتت عنه، وبالتالي صدر الحكم المخفف اليوم بنفس الاتهام.

وتؤكد المبادرة المصرية على ضرورة محاسبة كل من سمح بوجود أسلحة نارية بمكان قتل شيماء الصباغ، وكل من أعطى الأوامر لقوات الشرطة بإطلاق الأعيرة النارية، ومنهم الضابط المحكوم عليه: ياسين محمد حاتم، والتعامل بهذا العنف غير المبرر مع مسيرة احتفالية سلمية لأفراد ومواطنين يحملون الورد.


وقالت هدى نصر الله، المحامية بالمبادرة المصرية: "إن تخفيف المحكمة العقوبةَ على الضابط المتهم عن المحاكمة اﻷولى، يساير اتجاه النيابة في تخفيف الاتهام إلى ضرب أفضى إلى موت بدلًا من قتل عمد، ويؤكد دور السلطة القضائية في حماية رجال الشرطة حتى عند إدانتهم، وبخاصة بعد قبول نقض الحكم الأول لأسبابٍ غير جدية. لكنه لم يستطع نفي ارتكاب ضابط الشرطة المتهم لجرمه تُجاه المتظاهرين السلميين أثناء إحيائهم ذكرى ثورة 25 يناير، وفضح تلاعب قطاع الأمن المركزي فى الدفاتر التي تحت يده لينفي تسليمه طلقات خرطوش (بِلي) للمتهم وكتيبته بعكس ما تم إثباته بالفعل، وأظهر تحايل رجال الشرطة عند قتل المتظاهرين باستخدام أسلحة خرطوش مزودة بكأس إطلاق لإبعاد شبهة القتل أو الإصابة عنهم".

تعود الأحداث إلى يوم 24 يناير 2015 حيث توجه عدد من أعضاء حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، من بينهم شيماء الصباغ، إلى ميدان التحرير بطاقات الورد تكريمًا لشهداء 25 يناير 2011، وقد اعترضتهم قوة من الأمن المركزي، ورفض اللواء المسئول عن القوة متابعة توجههم إلى التحرير، وأصدر أوامره إلى رجاله بالتعامل، فقام الملازم أول ياسين محمد حاتم بمخالفة كافة قواعد فض التظاهر، بإطلاق أعيرة الخرطوش من سلاح الكأس (سلاح يستخدم في إطلاق قنابل الغاز بواسطة كأس إطلاق، وفي إطلاق أعيرة خرطوشية أيضًا) صوب المتظاهرين من مسافة 8 أمتار وهو ما تسبب في مقتل شيماء الصباغ وإصابة اثنين آخرين.

وقد أكد تقرير مصلحة الطب الشرعي وفاة شيماء الصباغ نتيجة إطلاق أعيرة خرطوش نارية، فاستبعدت التحقيقات اتهام رجال الشرطة ووجهت الاتهامات إلى زهدي الشامي، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، لمجرد ظهوره يمشي خلفها حينما سقطت إثر إصابتها، ولولا تصادف وجود صحافيين لتغطية الحدث وقيامهم بتصوير الأحداث، ما كان يمكن الكشف عن قاتل شيماء، فقد بيَّنت الصور ومقاطع الفيديو قيام الملازم أول ياسين محمد حاتم من قوات الأمن المركزي بتصويب سلاح الخرطوش تُجاهها، وسقوطها نتيجة إصابتها، وقيام الضابط بتبديل السلاح مع أمين الشرطة المرافق له، واستخدام سلاح فيدرال في إطلاق قنابل الغاز، لإخفاء فعلته. وقرر خبراء الأسلحة والذخيرة في تقريرهم المودع بملف القضية إمكانية استخدام سلاح الكأس حتى وهو عليه كأس إطلاق فارغة في إطلاق أعيرة من سلاح الخرطوش، كما حدد خبير من هيئة المساحة مقدار المسافة بين الضابط المتهم والمجني عليها والتي قُدِّرت بـ 8.15 متر فثبتت الاتهامات ضد الضابط المتهم.

وبالرغم من ذلك، فإن النيابة العامة لم توجه إلى الجاني تهمة القتل العمد، إنما وجهت إليه اتهامًا بجناية ضرب أفضى إلى موتٍ مع سبق الإصرار، لكونها افترضت أنه لم يكن لديه قصد خاص في إزهاق روح المتظاهرين رغم ظهوره في إحدى الصور وهو يتمم على أمين الشرطة (تابعه) وهو يقوم بتذخير السلاح، بطلقات خرطوش بل رغم أن الثابت بالدفاتر تسليمه طلقات كاوتشوك، وقيامه بمخالفة كافة قواعد فض التظاهر، وبدأ باستعمال الخرطوش. ولم تستجب محكمة الجنايات لدفاع المجنى عليهم بتعديل القيد والوصف إلى قتل عمد مع سبق الإصرار.

فى 11 يونيو 2015 قضت محكمة الجنايات بمعاقبة الضابط المتهم بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عامًا، وبعدما طعن المتهم على الحكم قبلت محكمة النقض طعنه وقضت في 14 فبراير 2016 بإلغاء الحكم وإعادة محاكمته، لأسباب واهية وهى تعويل محكمة الجنايات على شهادة أمين الشرطة المرافق للضابط الجاني، ولم تبين كيف تدينه هذه الشهادة، علمًا بأن أقوال هذا الشخص ليست من أدلة الثبوت، كما أحالت في بيان شهادتها لأحد الشهود، على مضمون ما شهد به شاهد آخر، في حين أنه لم يشهد برؤيته واقعةَ إطلاق الأعيرة النارية على المجني عليها، رغم أن هؤلاء الشهود المشار إليهم في ترتيب متأخر بقائمة أدلة الثبوت، وأن شهادتهم تكميلية أو تكرارية، وهناك من الشهود بأوائل "قائمة أدلة الثبوت" مَن شهاداتهم قاطعة الدلالة على ارتكاب المتهم الواقعة. ورأت محكمة النقض في فعل المتهم عدم توافر ظرف سبق الإصرار لأنه لا يتحقق إلا بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيدًا عن ثورة الانفعال.

جدير بالذكر أنه نادرًا ما تُقدم أجهزة الدولة أدلة تدين أحد أفراد رجال الشرطة، فكما أتلفت أجهزة التسجيل بغرفة العمليات الخاصة بالأمن المركزي في قضية قتل المتظاهرين بأحداث يناير 2011، أتلفت الكاميرا الخاصة بإدارة المرور في ميدان طلعت حرب وقت واقعة مقتل شيماء الصباغ، كما تم التلاعب بدفاتر قطاع ناصر للأمن المركزي لتثبت عدم تسلم المتهم وكتيبته أعيرة نارية (خرطوش) بالمخالفة للحقيقة.

لجأت الشرطة إلى تطوير أساليبها للإفلات من العقاب واستخدمت أسلحة خرطوش يمكنها إطلاق أعيرة خرطوش وهي مركب عليها كأس إطلاق فارغ، للفهم الخاطئ عند الغالبية من الناس بعدم إمكانية إطلاق أعيرة نارية من سلاح الخرطوش وهو مركب عليه كأس إطلاق وإلا انكسرت ماسورة السلاح ـ حتى لا يدان رجالها مثلما حدث في القضية الشهيرة بقناص العيون وأدين بسبب ثبوت أن السلاح الذي كان بحوزته لم يكن مركبًا بها كأس إطلاق عند تصويبه تُجاه المتظاهرين، وتبين كذب روايته وأنه لم يكن يطلق قنابل غاز.

وتؤكد هدى نصر الله، المحامية بالمبادرة المصرية أن "دور رجال الشرطة هو حماية الشعب وليس حماية النظام الحاكم، وبالتالي يجب عليهم اتباع الخطوات والقواعد الصحيحة المنظِّمة لفض التظاهرات وفقًا للقانون المصري والقانون الدولي لحقوق الإنسان. إن الطريقة التي تم بها فض احتفالية ذكرى ثورة 25 يناير، والتي نتج عنها مقتل شيماء الصباغ وإصابة اثنين آخرين، جاءت تكريسًا لمنهجية الشرطة خلال الأعوام السابقة في التعامل بعنف مع أي تظاهرة سلمية، وذلك بالمخالفة لقانون الشرطة وقانون التظاهر، وبما لا شك فيه من القواعد الدولية لفض التظاهرات".