سياسات الدولة بشأن إدارة المساجد تنتهك حرية العقيدة وتخدم رؤية الحركات الإسلامية على المدى الطويل
بيان صحفي
منذ قرون طويلة والدولة المصرية تحافظ على سياسات تستند إلى نموذج الخلافة بشأن إدارة المساجد. وقد استعانت سياسات الحكومات المصرية في العصر الحديث بأدوات سلطوية مختلفة في مواجهة أية جهة تتحدى تعاليم المؤسسات الدينية الرسمية، ومن ثم فقد انتقصت من حقوق المسلمين غير الراغبين في اتباع تفسير الدولة الديني.
وبعد خلع الرئيس الأسبق محمد مرسي، وعلى الرغم من التشديد المستمر، على أن خلعه كان بهدف إبعاد الدين عن السياسة، فإن الإدارة السياسية في ما بعد 30 يونيو شددت من قبضتها السلطوية على الخطاب الديني، فتم افتتاح خط ساخن كي يُبَلِّغ المواطنون عن أية مخالفة لـ"تعاليم" الدولة أو عن استخدام المنابر في أغراض سياسية ـ وهو الحظر الذي يمنح إعفاءً عمليًّا لتأييد الإدارة السياسية الحالية. وفي الأيام الأخيرة من عهد الرئيس السابق عدلي منصور، أصدر منصور قانونًاا يجرم اعتلاء المنابر دون تصريح من المؤسسات الدينية الرسمية ويعاقب عليه بالسجن لمدد تتراوح بين 3 شهور وعام، إضافة إلى غرامة كبيرة. كما تحركت الدولة لفرض سيطرتها على كافة المساجد المركزية، مما أغضب بعض رواد المساجد الذين اعترضوا على الاستبعاد التعسفي لأئمتهم المفضلين. وفي إحدى الحالات قام جمهور المصلين بحمل الإمام المعين من قبل وزارة الأوقاف لإبعاده عن المنبر، ما تطلب تدخل الشرطة لتفريق الحشد الغاضب.
قال عمرو عزت ـ مؤلف الدراسة الأخيرة التي أصدرتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بعنوان: "لمن المنابر اليوم؟" ـ : " هذه السياسات كانت تستخدم دائمًا كأداة في يد شاغلي مواقع السلطة ضد من هو خارجها رغم ادعاء السلطة الدائم أن هذه السياسات هدفها إبعاد المساجد عن السياسة ".
وتنظر الدراسة في تحولات السياسة الرسمية بشأن إدارة المساجد على مدار عهود مختلفة، بدءًا من ظهور الدولة المركزية الحديثة ومرورًا بالتحولات السريعة التي تلاحقت بعد يناير 2011، والسياسات المتبعة في عهد حكومة الإخوان المسلمين (2012-2013)، وأخيرًا تتطرق الدراسة إلى السياسات شديدة المركزية التي تتبعها الدولة، ممثلة في وزارة الأوقاف، للسيطرة على الخطب والدروس الدينية في المساجد منذ خلع الرئيس الأسبق محمد مرسي (2013-2014).
قالت الدراسة إنه على مدار السنوات الأربع المضطربة الأخيرة لم يتوقف استخدام المساجد والخطاب الإسلامي كأداة لتأسيس الشرعية السياسية، استنادًا إلى وحدة أيديولوجية ودينية متوهمة بين جميع المسلمين. وفي هذا المسعى قامت الدولة بدور الزعيم الديني أو "الإمام" الذي يقود الأمة، وسعت لمراقبة أي تعبير عن رأي ديني يهدد الوحدة السياسية-الدينية.
غير أن الدولة بهذا إنما تخدم أهداف الإسلام السياسي عينه، الذي تسعى لاستبعاده، وبذا تُرَسِّخ الدين كمصدر أول للشرعية السياسية، وتفتح الساحة الدينية العامة للصراع السياسي.
إن سياسات الدولة في إدارة المساجد لا تتفق مع مفاهيم المواطنة والحريات الدينية، وتشير مراجعة الدراسة لتلك السياسات ونتائجها إلى أن سياسات الدولة قد خلقت ساحة للصراع على تملك واستغلال افتراض الوحدة الدينية لجماعة المسلمين. كما أدت بدورها إلى أزمة مستمرة بالنظر في حقيقة التعدد والتنوع على أرض الواقع، مما يستلزم المراقبة المستمرة للنشاط الديني أو محاولة ضمان الامتثال من خلال إشراف الجهات الأمنية أو شبكة من التحالفات السياسية والدينية، لتقليص واحتواء هذا الواقع أو تنظيم الإتاحة المشروطة. ونتيجة لهذا، ترتبط هذه السياسات دائمًا بالصراع السياسي والشرعنة السياسية-الدينية للسلطة الحاكمة، رغم أن الهدف المعلن لتلك السياسات كان دائمًا إبعاد المساجد عن السياسة.
إن هذه السياسات أدوات سلطوية ترسخ سلطة النظام القائم، وتضع أجهزة الدولة في خدمة الحفاظ على سلطة القوة السياسية الحاكمة، وتخدم الاتجاهات الدينية التي تؤيدها أو تتفاوض معها. كما أنها في المقابل تضعف مجال التحرك الاجتماعي وتضع جميع الاتجاهات الدينية غير المرغوب فيها خارج نطاق القانون.
للاطلاع علي الدراسة: اضغط هنا
فيديو قصير عن الدراسة: اضغط هنا