في سياق الحديث عن مشكلات المياه في مصر - المبادرة المصرية: لائحة قانون النيل الجديدة عاجزة عن مواجهة تلوث المياه

بيان صحفي

2 June 2013

أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم تعليقًا على اللائحة التنفيذية الجديدة لقانون حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث، وهو القانون الذي يمثل الإطار الحاكم لقواعد حماية نهر النيل، وقد استهدف التعليق دراسة اللائحة، التي صدرت في يناير الماضي، من منظور حقوقي، لتقييم فاعليتها في حماية المياه من التلوث، وفي تحقيق تقدم على صعيد وفاء الدولة بواجباتها تجاه حقوق سكانها في المياه وفي الصحة.

وخلُص التعليق، والذي صدر تحت عنوان: "جهد قليل في مواجهة تحديات كبرى: اللائحة الجديدة لقانون حماية النيل في ضوء التزامات مصر تجاه الحق في المياه"، إلى أن اللائحة الجديدة أتت بوجه عام، دون المطلوب لمواجهة التحديات القائمة.

وقالت د. راجية الجرزاوي الباحثة بوحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية في المبادرة المصرية: "إن إصدار القوانين واللوائح من أهم الأدوات التي تُعين الدولة على إنجاز مسئولياتها تجاه حقوق سكانها، ورغم أن اللائحة بها بعض الجوانب الإيجابية، إلا أنها لا تقدم تعديلات مؤثرة، وبعضها يمثل –للأسف- تراجعًا عن مستويات الحماية السابقة في اللائحة القديمة"، وأضافت د. راجية: "لا يمكن بهذا الأداء أن نأمل جديا في تحسين، أو حتى في وقف التدهور المستمر في نوعية المياه، وهو ما يؤثر سلبًا على حق السكان في المياه، وفي الصحة وفي الحياة نفسها".

واستعرض التعليق التحديات المائية التي تواجهها مصر، حيث تعاني على المستوى الكمي نقصًا متزايدًا في كميات الماء العذبة، كما تواجه تدهورًا متزايدًا في نوعية وجودة المياه. يتعرض النيل، مورد المياه الرئيسي في مصر، إلى التلوث من مصادر عديدة، مثل الصرف الصحي المحمل بمواد عضوية وكيماوية ضارة، ومن الصرف الصناعي المحمل بالمعادن والعناصر الثقيلة، ومن الصرف الزراعي المحمل بالمبيدات والملوحة.

وأثنت الورقة على الجوانب الإيجابية في اللائحة، وهي المتعلقة بحماية مجاري المياه المائية ومنافعها من تخزين وإلقاء المخلفات الصلبة والخطرة، وكذلك بحظر نقل أي مواد خطرة أو سامة أو مشعة عبر المجاري المائية، وأيضًا بحماية المياه الجوفية من صرف أو شحن أي مخلفات صلبة أو سائلة أو أي مواد خطرة إليها.

وأوضحت الورقة كيف أنه، في مواجهة مصادر التلوث الكبرى، لم تأت اللائحة بإجراءات ملموسة لتخفيف عبء التلوث، حيث تحظُر اللائحة الصرف الصحي إلى المياه العذبة وتسمح به إلى المياه غير العذبة، فيما يبدو أنه تحصيل للحاصل، فهذا هو ما يحدث في الأغلب عمومًا حيث يتم الصرف الصحي المعالج إلى المصارف الزراعية، ثم تعود هذه المصارف لتصب ماءها في مياه النيل مرة أخرى، أو تصب في البحيرات الشمالية، التي تعاني بدورها من نسب عالية جدًّا من التلوث. بالإضافة لذلك،  فإن الصرف الصحي المعالج لا يزيد على الثلث فقط من كمية الصرف المنزلي، وغالبية القرى غير متصلة بشبكة الصرف الصحي، وتصرف مياهها بشكل عشوائي.

واقترح التعليق اعتماد حلول أكثر فاعلية كالأنظمة قليلة التكلفة في معالجة الصرف المنزلي على المستويات المحلية، وإعادة استخدامه في ري الأراضي.

وأوضح التعليق أن الأمر مشابه فيما يتعلق بالصرف الصناعي، حيث منعت اللائحة الصرف الصناعي المباشر في النيل، وسمحت به على المسطحات غير العذبة، مثل المصارف الزراعية، وأكد أنه كان من الأجدر تقنين إجراءات لوقف كافة صور الصرف الصناعي على المياه، نظرا لأن درجة تلوث النيل بالعناصر الثقيلة قد صارت خطرة بالفعل.

وربما أخطر ما جاءت به اللائحة، هو الارتفاع الكبير في بعض النسب المسموح بها في صرف المخلفات السائلة في المجاري المائية، خصوصُا نسب المعادن الثقيلة ومتبقيات المبيدات الزراعية، وتراوح هذا الارتفاع بين عشرة أضعاف إلى مائة ضعف تلك النسب أحيانا، وذلك على الرغم من أن النيل يعاني بالفعل أحمالًا عالية من هذه الملوثات، ورغم أن العديد من الدراسات قد أثبتت وجود نسب غير آمنة من هذه العناصر في الأسماك. وهو ما يعد تراجعًا غير مقبول من قبل الدولة تجاه حماية حق السكان في المياه والغذاء الآمنين.

واختتم التعليق بأن صدور اللائحة الجديدة بهذا الشكل أضاع فرصة إحراز تحسن ملموس في قضية تلوث المياه، وأنه يجدر بالدول التي قد تتعلل بافتقاد الموارد للاستثمار في المياه والصرف الصحي أن تتذكر أن مقابل كل دولار يستثمر في المياه والصرف الصحي، يتوفر ثمانية دولارات كانت ستهدر في الإنفاق على العلاج و خصمًا من الإنتاجية.