في تحليل تنشره المبادرة المصرية: مسودة الدستور خطوة إلى الخلف في حماية حقوق العمال
بيان صحفي
أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم تحليلا للمواد الخاصة بحقوق العمال في مسودة الدستور المعروض للاستفتاء يوم السبت القادم الموافق 15 ديسمبر. ووفقاً للتحليل الذي صدر بعنوان "الانتقاص بدلا من الحماية: مسودة الدستور وحقوق العمال" فإن الدستور الجديد يهدر حقوق العمال في نيل حياة كريمة أو تحقيق العدالة الاجتماعية التي من أجلها قامت ثورة يناير في المقام الأول.
وقالت فاطمة رمضان مسئولة ملف حقوق العمال بالمبادرة المصرية: "لا يعكس مشروع الدستور ضعف ضمانات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وفي القلب منها حقوق العمال فحسب، بل يظهر كذلك تفريطاً واسعاً في حقوق كانت مكفولة بالفعل للعمال في دستور 1971."
ويكشف تحليل المبادرة المصرية للمواد المقترحة في مسودة الدستور عن اعتداء واضح علي حق العمال في تأسيس نقاباتهم بحرية، وكذلك حق غيرهم من الفلاحين والصيادين والحرفيين والمهنيين، وذلك بقصر التعددية على الأحزاب والجمعيات واستبعاد النقابات بما يناقض نص المادة 52 من المسودة نفسها التي تنص على حرية إنشاء النقابات والاتحادات والتعاونيات. كما تجيز المادة نفسها حل النقابات بحكم قضائي، وهو ما يهدد الحرية النقابية، ويمثل تعدياً واضحاً علي معناها، بما يمثل ردة عما كان في دستور 1971 الذي قصر الحل فقط على مجالس الإدارات دون النقابات نفسها، إذ أن الحق في حل النقابة يخص أصحابها من العمال وجمعيتهم العمومية، وليس لأي سلطة أو جهة أخري أياً كانت.
كما لم يرد في المسودة علي الإطلاق ذكر الالتزام بالحق في تأسيس النقابات بحرية بموجب الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر، والتي تلزم الحكومة بعدم إعاقة ذلك الحق.
وتضيف فاطمة رمضان: "من الواضح أن الدولة والقائمين على صياغة المسودة كانوا حريصين على الإبقاء على اتحاد عمال مصر كما هو ببنيته النقابية الهرمية والتي تعاني الكثير من المشاكل، والي أدت إلى أن تحول هذا الاتحاد لأن يصبح ممثلاً للدولة وليس العمال، وجعلت مهمته أن ينفذ سياساتها العمالية وليس العكس."
كما يشير التحليل إلى تقييد مسودة الدستور لحق العمال في ممارسة الإضراب السلمي، فضلا عن إجازة عمل الأطفال حتى في سن التعليم الإلزامي طبقاً لما ورد في المادة 70. وفي الوقت الذي لم تضمن مسودة الدستور حق العمل، ولا حق الحفاظ عليه، نجدها من ناحية آخري تفتح الباب واسعاً أمام تقنين العمل الجبري، رغم محاولات القضاء عليه في العالم كله، وبالمخالفة للاتفاقيات الدولية التي تجرمه، ومنها الاتفاقية رقم 105 لسنة 1957 الخاصة بإلغاء العمل الجبري، والتي تنص في مادتها الثانية علي حظر العمل الجبري كأسلوب لحشد الأيدي العاملة لاستخدامها لأغراض التنمية الصناعية.
وانتقدت المبادرة المصرية غياب أي ضمانات حقيقية في مسودة الدستور لوضع حد أدنى للأجور على الرغم من المطالبات العمالية منذ سنوات، إذ أن مشروع الدستور يتحدث في المادة 14 عن حد أدني يكفل حياة كريمة لكل مواطن، دون ذكر مقومات الحياة الكريمة التي يقصدها. كما أن المسودة قد قصرت تطبيق الحد الأقصى علي أجهزة الدولة وفقط، بينما سمحت بالاستثناء بناء علي قانون يهيئ الوضع لاستمرار منظومة الفساد القائمة، ويزيد من الفجوة في الأجور. خصوصاً وأن هذا القانون لم يضع نسبة بين الحد الأدنى والحد الأقصى، ولم يربط الأجور بالأسعار، بما يجعل الحد الأدنى عاجزاً عن تغطية الاحتياجات الأساسية للعمال وأسرهم.
إن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ترى أن مسودة الدستور المطروحة لا تقدم الحد الأدنى من الحماية للعمال والمهنيين والفلاحين والصيادين بعد ثورة يناير، بل إنها بالعكس تنتقص أكثر من حقوقهم وحرياتهم مقارنة بدستور 1971 الملغى، وهو ما يلقي بظلال من الشك حول مستقبل العدالة الاجتماعية في مصر ما بعد الثورة.