المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تدين الحكم الصادر بحق المدون ألبير صابر وتنتقد عدم تصريح المحكمة بالدفع بعدم دستورية مادة ازدراء الأديان

بيان صحفي

12 ديسمبر 2012

أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم عن انزعاجها الشديد من الحكم الصادر من محكمة جنح المرج في القضية رقم  18377لسنة 2012 بحبس المدون ألبير صابر ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة ألف جنيه لإيقاف التنفيذ والمصروفات، مع رفض الادعاء المدني و إلزام رافعيه بالمصروفات، وذلك على خلفية اتهامات وجهت له بازدراء الأديان. كانت المبادرة المصرية قد شاركت في فريق الدفاع عن ألبير و قدمت دفعا بعدم دستورية مادة ازدراء الأديان رقم 98(و) من قانون العقوبات.

وقال اسحق إبراهيم، مسئول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية: "بالإضافة إلى كونها قضية رأي لا ينبغي أن تكون فيها فرصة للحكم بالحبس، فإن أوراق هذه القضية تحتوي على مخالفات إجرائية كثيرة لا يمكن لأي قاض ينظر فيها إلا أن يحكم بالبراءة. نأمل أن تعالج محكمة الجنح المستأنفة هذه الأخطاء وأن تحكم لألبير بالبراءة."

وأكدت المبادرة المصرية على أنها لا تستطيع قراءة مضمون الحكم  بمعزل عن المناخ العام السائد المُهدد لحريات الفكر والتعبير على إجراءات سير الدعوى لاسيما أنها حُركت عقب الضجة التي فجرها الفيلم المسيء للرسول.

وأبدت المبادرة المصرية عدة ملاحظات على سير الدعوى منذ قيام النيابة العامة بالتحقيق فيها ثم إحالتها للنظر أمام محكمة جنح المرج، ومن أبرزها:

  • انتهكت النيابة العامة نصوصا دستورية وقانونية تحمي حق المتهم في عدم تعرضه لأسئلة مباشرة عن معتقداته الدينية،  ووجه أسئلة للمتهم تتناول معتقداته وآرائه الدينية من قبيل "هل أنت مؤمن؟" و"هل تقوم بأداء الصلوات والشعائر الدينية؟"، وعندما اعترض المحامي الحاضر مع المتهم تم طرد المحامي بالمخالفة للقانون.
  • عدم إنهاء النيابة العامة التحقيقات في البلاغ المقدم من ألبير صابر ضد الملازم مينا شنودة واتخاذ قرار فيه، حيث اتهمه بتحريض بعض المحبوسين للاعتداء عليه بالضرب، ما ترتب عليه قيام أحدهم بإصابته بشفرة حادة أحدثت جرحا قطعيا برقبته أثناء احتجازه بقسم الشرطة.
  • لم تلتفت المحكمة لطلبات الدفاع بوجود أخطاء إجرائية منها القبض على المتهم في غير حالات التلبس، ودون إذن من النيابة العامة، ثم مناقشته في أدلة غير قانونية مثل اسطوانات "سي دي" أحرزت من منزله، ولم يقم بنشر محتواها وهو محل الاتهام في القضية.
  • لم تلتفت المحكمة لطلب دفاع المتهم بعدم دستورية مادة ازدراء الأديان رقم 98(و) من قانون العقوبات لكونها تخالف أصول التشريع الجنائي.

و لاحظت المبادرة المصرية قيام النيابة العامة أثناء التحقيق في قضايا ازدراء الاديان خلال الأشهر الأخيرة بتوصيف الفعل الجنائي بأكثر من وصف قانوني، وهى مخالفة قانونية صريحة هدفها رفع مدة العقوبة.هذا و كانت المبادرة المصرية قد طعنت بعدم دستورية مادة ازدراء الأديان رقم 98(و) من قانون العقوبات  التي يحاكم بها المتهم.

وقال عادل رمضان، المسؤول القانوني في المبادرة المصرية و عضو فريق الدفاع: "فوجئت برد القاضي حين طلبت التصريح بالدفع بعدم الدستورية حين خاطبني القاضي قائلا "ما تروح المحكمة الدستورية!"، وهو رد قانوني غير مفهوم لاسيما أن إجراءات رفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا تتطلب إذن محكمة الموضوع، فلا يجوز اللجوء مباشرة للمحكمة الدستورية العليا، مما يطرح سؤالا حول مدى فهم القاضي لقانوني الإجراءات الجنائية والمحكمة الدستورية العليا. نتطلع إلى قراءة حيثيات الحكم الصادر ضد ألبير."

وطالبت المبادرة المصرية بضمان إجراءات المحاكمة العادلة للمتهم ألبير صابر في درجة الاستئناف، وقبول الدفع بعدم دستورية المادة 98(و) من أجل إزالة اللبس عن حقوق المواطنين في الاعتقاد والفكر والتعبير، كما طالبت بتحريك النيابة العامة لبلاغ المتهم ضد ضابط الشرطة المتهم بتحريض المحتجزين بقسم الشرطة على إيذاء المتهم وتعريض حياته للخطر.

ودعت المبادرة المصرية الحكومة لضمان حريات المواطنين وعدم تعرضهم للملاحقة والمضايقة من نظرائهم المواطنين أو من أية مؤسسات رسمية أو أهلية بشكل يمس بحريتهم في التعبير والاعتقاد، وأن تكفل لهم المحاكمة العادلة.

 

لمزيد من المعلومات، يمكن الاتصال باسحق إبراهيم، مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على هاتف رقم 01001749594 وبريد إلكتروني ishak@eipr.org

 

خلفية الأحداث

في 13 سبتمبر 2012، تجمع عشرات من مسلمي منطقة المرج بالقاهرة أسفل العمارة التي يسكن ألبير صابر عياد في إحدى شققها، ، ورددوا هتافات عدائية، ودينية وطالبوا بخروج ألبير إليهم، واتهموه بالإساءة إلى الإسلام والرسول بأن قام بنشر "الفيلم المسيء للرسول" على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. وهجم عدد من المحتشدين على الشقة وحاولوا كسر بابها والدخول عنوة،  وقد اتصلت السيدة كريمان مسيحة والدة ألبير بشرطة النجدة لأكثر من ساعة، ولم تستجب الشرطة إلا بعدما أبلغتهم بأن هناك تهديدات من المحتجين في الشارع بحرق كنيسة العذراء والملاك ميخائيل القريبة من منزلها. حضرت إثر ذلك قوة من قسم شرطة المرج في الثانية عشر صباحا، وأخبر ضابط الشرطة السيدة كريمان بأنه لن يستطيع حماية ابنها في منزله، وسوف يأخذه إلى قسم الشرطة لحمايته.

اصطحبت القوة الأمنية ألبير صابر إلى قسم شرطة المرج، وحرر له محضرا حمل رقم 6099 لسنة 2012 إداري المرج. ورد في المحضر أن عددا من الأهالي قاموا بتقديم بلاغ للقسم ضده، وتم اتهامه بنشر محتويات على بعض مواقع التواصل الاجتماعي تتضمن ازدراء للأديان، دون أن يذكر المحضر من هم مقدمو هذا البلاغ. وأثناء احتجاز ألبير صابر عياد بقسم شرطة المرج قام ملازم يدعى مينا شنودة بتحريض بعض المحبوسين بالاعتداء عليه بالضرب مما أدى إلى قيام أحدهم بإصابته بشفرة حادة أحدثت جرحاً قطعياً برقبته.

وكان عدد من شباب منطقة عزبة النخل قد تحدثوا مع ألبير قبل ساعات من التجمهر أمام منزله، وسألوه: هل قام بإعادة نشر رابط فيديو الفيلم المسيء للرسول على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة به، وهو ما نفاه ألبير، حيث قام بعرض محتوى مدونته وحساباته على تويتر وفيس بوك، وبعد تركه لهم بدأ التجمهر أمام منزله.

وفي صباح الجمعة الموافق 14 سبتمبر 2012 فوجئت السيدة كريمان مسيحة بثلاثة شباب يقتحمون منزلها مرة أخرى مطالبين بإخلاء المنزل، وعدم العودة إليه سوى بعد ثلاثة أو أربعة أيام، ومهددين باعتزام العشرات إهدار دمها وحرق المنزل بعد صلاة الجمعة. وخوفا على حياتها قررت مغادرة منزلها.

تم عرض ألبير صابر عياد على نيابة حوادث شرق القاهرة يوم الجمعة 14 سبتمبر 2012، التي وجهت إليه اتهاما بازدراء الأديان وسب الرسول، وقد قررت النيابة العامة حبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق، انتهت يوم الأحد الموافق 16 سبتمبر 2012، ليتم عرضه على محكمة جنح مستأنف مصر الجديدة التي قررت تمديد حبسه لمدة 15 يوما أخرى.

وقد ذهبت السيدة كريمان مسيحة إلى مكان احتجاز ابنها يوم 15 سبتمبر 2012 بقسم شرطة عين شمس لزيارته فأخبرها مأمور القسم بإحالته إلى جهة احتجاز غير معلومة لقضاء فترة الحبس الاحتياطي.

وفي 18 سبتمبر 2012 تقدمت ثماني منظمات حقوقية ببلاغ للنائب العام ضد وزير الداخلية وعدد من أفراد الشرطة العاملين بقسم المرج في وقائع القبض على ألبير صابر عياد واحتجازه دون إذن من النيابة، ودون وجود حالة من حالات التلبس بدعوى قيام عدد من أهالي منطقة المرج بتقديم بلاغ ضده يتهموه فيه بازدراء الأديان، وكذلك واقعة طرد والدته كريمان مسيحة من منزلها بالقوة والتهديد، وتحريض بعض الأفراد لسكان منطقة المرج ضدها هي وابنها، الذي تعرض للاعتداء بالضرب والتعذيب وجرحه بواسطة شفرة حادة أثناء احتجازه بقسم شرطة المرج لحمله على الإدلاء بأقوال منافية للحقيقة أمام النيابة العامة، وأيضاً واقعة قيام مباحث قسم المرج بكسر منزله ودخوله دون وجود أحد فيه أثناء تنفيذهم لقرار النيابة العامة بتفتيش مسكنه، وأخيراً واقعة احتجازه في مكان غير معلوم بعد قرار تمديد حبسه لمدة 15 يوم على ذمة التحقيق وعدم تمكين أسرته من زيارته والاطمئنان عليه.

وأثناء التحقيقات وجه ألبير صابر اتهاما للملازم مينا شنودة الضابط بقسم شرطة المرج بأنه مشترك بطرق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المحتجزين بالقسم بالتعدي عليه بالضرب مستخدمين سلاح أبيض عبارة عن شفرة موس، مما أحدث به الإصابات بحرج قطعي بالرقبة.

في 24 سبتمبر 2012، قيدت الأوراق برقم 408 لسنة 201 إداري الزيتون جنحة بالمواد 98(و)، 102،160/1، 161/1، 171/3، 4،5 من قانون العقوبات ضد ألبير صابر عياد "محبوس" لأنه في غضون عام 2012:

  • استغل الدين الإسلامي والمسيحي في الترويج بالقول والكتابة لأفكاره المتطرفة، وذلك بأن قام بإنشاء صفحات إلكترونية من بينها صفحات (ناكح الآلهة)، و(الديكتاتور المجنون)، و(الملحدين المصريين)، ووضع عليها كتابات وصور ومقاطع صوتية ومرئية تدعو إلى الإلحاد، وتتضمن سب الذات الإلهية، وشكا في الكتب السماوية وتهكما على الأنبياء والشعائر الدينية الإسلامية والمسيحية بأن وصف المولى عز وجل بالضعيف الذى لا يستطيع حماية مقدساته.
  • وقام بالترويج لتلك الأفكار والجهر بها بالمحافل عامة عبر مواقع صفحات المعلوماتية الدولية "فيس بوك" و"توتير" و"يوتيوب"، وكان ذلك بقصد إثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين وتحقير وازدراء الأديان السماوية والإضرار بالوحدة الوطنية.

وفي 26 سبتمبر نظرت محكمة جنح المرج واقعة اتهام ألبير صابر بازدراء الأديان من خلال موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وقررت تأجيل نظر القضية لجلسة 17 أكتوبر، للاطلاع على أوراق القضية من قبل دفاع المتهم. وفي الجلسة الثانية رفع بعض الحاضرون لافتات مكتوب عليها "أوقفوا محاكمات التفتيش في مصر" و"الحرية في مصر= السجن". وقررت المحكمة تأجيل نظر القضية لجلسة 14 نوفمبر. وحجزت المحكمة الدعوى للحكم بجلسة 28 نوفمبر 2012، وقد دفع محامو المتهم ببطلان الإجراءات وعدم دستورية نص المادة 98(و) من قانون العقوبات التي يحاكم بها المتهم. ومد المحكمة أجل النطق بالحكم لجلسة 12 ديسمبر الجاري لتعليق العمل بالمحاكم احتجاجا على الإعلان الدستوري.