تعليق المبادرة المصرية حول القرار الجمهوري بتعديل قانون كادر المعلمين: نهج مجتزأ، ورؤية إصلاحية غائبة!

بيان صحفي

14 نوفمبر 2012

في إطار تعامل السلطة السياسية مع مطالب المعلمين الذين استهلوا العام الدراسي بإضراب لا تزال فعالياته مستمرة، أصدر السيد رئيس الجمهورية القرار الجمهوري رقم 93 في 11 نوفمبر 2012 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 155 لسنة 2007، والمعروف باسم "قانون الكادر الخاص للمعلمين". وهي تعديلات نراها في المجمل ضعيفة، ولم ترق لتلك الغاية المتوخاة منها، والتي أعلنتها الحكومة وهي تبشر بحل ناتج عن هذه التعديلات.

فيما يلي تعليق المبادرة المصرية للحقوق الشخصية المختصر حول تعديلات القانون:

معايير الكفاْءة في الوظائف التربوية القيادية توجه محمود

ينص القرار بقانون على تعديل المادتين 78 و79 وهما المادتان اللتان تنظمان تعيين الموجهين ونظار المدارس ووكلائهم. وينص التعديل على جعل التعيين عبر مسابقة، وهو ما نراه تطورا إيجابيا، يجعل الطريق لشغل هذه الوظائف أكثر شفافية، ومبنياً على معايير الكفاءة بالأساس. ونرى ضرورة تفعيل هذا التوجه في مختلف وظائف القيادة في التعليم. 

الحل الجزئي لا يمنع الدروس الخصوصية بل يفاقم منها

تنص المادة 87 المعدلة على اعتبار الدروس الخصوصية مخالفة، وعلى إحالة المعلمين الذين يقدمون هذه الدروس للتحقيق والعقاب بناءً على قرار من الوزير المختص أو المحافظ. وعلى الرغم من اتفاق المبادرة المصرية مع التوجه لوضع تشريع يسهم في محاربة ظاهرة الدروس الخصوصية بكل ما تثيره من مشكلات وما لها من عواقب، إلا أنها ترى ضرورة أن يأتي هذا التشريع كجزء من منظومة حل متكاملة، إلا أن النص الوارد في القرار الجمهوري لم يتناول من قريب أو بعيد الجذور الهيكلية لانتشار الدروس الخصوصية، ولم يطرح ما يعمل علي الحد من هذه الأسباب. ومن ثم تخشى المبادرة المصرية من تحول هذا التشريع الجديد عن هدفه، إذ سيجرم عمل الآلاف من المعلمين المنخرطين في هذه الممارسة، في وقت لم تعالج فيه الأسباب الهيكلية التي تدفعهم للاعتماد على الدروس الخصوصية لكسب عيشهم في المقام الأول.

وتنبه المبادرة المصرية إلى أنه طالما ظلت أجور ورواتب المعلمين عاجزة عن اللحاق بتكاليف المعيشة الباهظة، وطالما بقيت المناهج المدرسية تكافئ مهارات الطلاب في الحفظ والاستظهار والحشو (التي تستلزم بدورها دروسا ً خصوصية كوسيلة فعالة لتحصيل ذلك)، وطالما ظل الالتحاق بالجامعات معتمدا ً في المقام الأول على نيل أعلى الدرجات من خلال امتحانات للثانوية العامة مصممة بالكامل لمكافأة قدرات الحفظ والاستظهار عند تقييم الطلاب، وطالما بقيت بدائل التعليم الجامعي مفتقرة لأدنى معايير الكفاءة والجودة، طالما بقيت هذه العوامل جميعها دون علاج جذري، فإن تجريم الدروس الخصوصية تشريعيا ً لن يفضي إلا إلى تعميق سرية هذه الأنشطة، وسيزيد من كلفتها بالتالي، وسيزيد من الضغوط الواقعة على الطلاب وأسرهم، وعلى المؤسسة التعليمية ككل.

عدالة مطلوبة في بدلات الكادر 

نصت المادة 89 بعد تعديلها بالقرار المذكور على رفع بدل الاعتماد بنسبة 50% إضافية من الراتب الأساسي (على سبيل المثال رفع البدل من 100% إلى 150%، ومن 125% إلى 175% وهلم جرا). ولا تمتد هذه الزيادات إلى عدد كبير من المعلمين من المعينين بعقود مؤقتة، ولا للمعلمين الذين تقل خبرتهم عن سنتين، ولا يحصل عليها المعلمون بالمدارس الخاصة. كذلك لا تسري هذه الزيادات على المعلمين المتقاعدين، حيث لا تحتسب الزيادة على الأجر الأساسي الذي هو الأساس لمعاشات المعلمين عند التقاعد. ونؤكد هاهنا أن احتساب الزيادة في البدل دون زيادة الأجر الأساسي نفسه يجعل الزيادة الجديدة برمتها مكسبا ً مهتزا ً وغير مؤكد ويخضعهاً لتقدير بيروقراطي، كما يجعلها عرضة للتغير مع أي تشريع مستقبلي مغاير إذا ما سمحت الظروف بصدوره.

ويضاف إلى ما سبق أن التعديل الصادر في القرار بقانون يقتصر على الخمسين بالمائة الأولى من الزيادة التي وعد بها الرئيس محمد مرسي فيما لم يصدر أي تشريع حتى الآن ليحدد مصير الخمسين بالمائة الأخرى، وما إذا كانت ستقدم للمعلمين وبأي كيفية. وهي علامة على غلبة الحسابات قصيرة الأمد على القرار بتعديل القانون دون تبني نظرة فاحصة ومتأنية في مختلف الجوانب المالية لإصلاح هيكل أجور المعلمين، وتوفير الموارد المالية الكافية لهذا على المدى المتوسط والبعيد، خاصة في ضوء مطالب المعلمين بتوحيد هيكل الأجور على نحو لا يجعل الأجر المتغير هو النسبة الغالبة من الأجر الإجمالي.

القرار لم يقربنا بعد من الحل

واستناداً لما سبق فإن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية لا ترى في التعديلات التي صدرت بالقرار بقانون رقم 93 مقدمة حقيقية لإصلاح هيكلي جدي لقطاع التعليم، وخاصة فيما يمس بظروف المعلمين وحقوقهم. وتعتبر المبادرة المصرية التعديلات الجزئية هذه لا ترقى إلى مستوى المطالب العادلة للمعلمين بإعادة هيكلة الأجور والارتقاء بنظم الدعم المهني والفني جنباً إلى جنب مع إصلاح المناهج ونظام التقييم التربوي.