في اليوم العالمي للصحة: الحكومة تتخلى عن مسئولياتها وتقدم مشروعات تنتهك حقوق المواطنين... المبادرة المصرية تحذر من استمرار تدني مؤشرات الحق في الصحة وتطالب الحكومة بتغيير سياساتها

بيان صحفي

7 أبريل 2010

يأتي اليوم العالمي للصحة ومصر تشهد تدهورا لم يسبق له مثيل في خدمات الرعاية الصحية، وتتوالى المظاهر المقلقة لتفاقم أزمة قطاع الصحة في مصر، فضلا عن تراجع أداء الحكومة وتخليها عن مسؤولياتها تجاه حق المواطن في الرعاية الصحية إلى الحد الذي تكاد أن تصبح فيه المسئولة عن انتهاك حقه ليس فقط في الصحة ولكن في الحياة أيضا.

ففي الوقت الذي تصر فيه الحكومة على عدم زيادة الإنفاق العام المتدني على الرعاية الصحية (والذي لا يتجاوز 5% من مصروفات الموازنة العامة)، ورغم انتقال مصر من مصاف الدول منخفضة الدخل إلى الدول متوسطة الدخل (حيث تجاوز الناتج الإجمالي المحلي تريليون جنيه مصري)، فلا تزال الحكومة تكرس مبدأ تحميل المواطنين أكثر من 60% من الإنفاق الكلي على الرعاية الصحية ما يسهم في مزيد من إفقارهم.

ورغم غياب الرؤية الشاملة التي تضمن كفالة الحق في الصحة وفي إتاحة الحماية الصحية التأمينية، وغياب الإنصاف في توزيع أعباء المرض، إلى جانب تردي مستويات المحددات الاجتماعية للصحة، فإن الحكومة تزعم أنها تستهدف الإصلاح الصحي منذ سنوات، رغم أن متابعة مؤشرات الحق في الرعاية الصحية يشير إلى تدني إتاحة الخدمات الصحية في الريف قياسا بالحضر وفي الجنوب قياسا بالشمال فضلا عن تدني الخدمات المقدمة للنساء قياسا بالذكور، إضافة إلى قصر التغطية التأمينية على حوالي نصف عدد السكان ما يحرم الفئات الأفقر والأولى بالرعاية منها.

ومازالت الحكومة تخصم من المكاسب القليلة الموجودة حاليا. حيث تقدمت في عام 2007 بقرار لتحويل هيئة التأمين الصحي إلى شركة قابضة تستهدف الربح، كما قدمت عدة مرات مشروع قانون للتأمين الصحي يقدم حزما علاجية تميز بين الأفراد وتحملهم أعباء الرسوم العالية ولا تحميهم من الأمراض الكارثية. وطرحت الحكومة أيضا قرارا جديدا لتسعير الأدوية عام 2009 في حين أن قضايا الدواء الذي يعتبر حقا لا يمكن الاستغناء عنه ما زالت بعيدة المنال بسبب سياسة الحكومة الجديدة في التسعير، حيث ربطت تلك السياسة أسعار الأدوية الجنيسة التي يعتمد عليها المريض المصري أساساً لانخفاض سعرها نسبياً، بأسعار الأدوية الأصلية الأجنبية غالية الثمن مما يؤدي إلى ارتفاع شديد في الأسعار.
 
ورغم تصديق مصر على العديد من المعاهدات والاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان الأساسية ومنها المتعلقة بالحق في الصحة، فأن الواقع يظهر أن التصديق لم يتبعه إجراءات فعلية للتنفيذ، وهو الأمر الذي يجعلنا ندق جرس الإنذار من خطورة هذا التردي الواضح. ونحذر  من استمرار انتهاكات الحق في الصحة والرعاية الصحية بسبب تلك السياسات والإجراءات العشوائية التي لا تضع في الاعتبار معايير العدالة والإنصاف. وكما أننا نجد اليوم العالمي للصحة فرصه للدعوة والتحذير، فهو فرصه للعمل الجاد والمرتكز على مبادئ حقوق الإنسان فيما يخص الكرامة البشرية والإنصاف وما يتعلق بضرورة المشاركة المجتمعية في صياغة السياسات الصحية التي تمس حقوق المواطن. ولهذا فنحن ندعو الحكومة إلى مراجعه سياستها الصحية، والنظر إلى الحق في الصحة باعتباره حق واجب الاحترام والنفاذ وإلى الرعاية الصحية باعتبارها وسيله إلى التنمية والتقدم.