دراسة حقوقية تطالب مجلس الشعب بإقرار قانون الصحة النفسية الجديد

بيان صحفي

26 نوفمبر 2008

أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم دراسة بعنوان "مشروع قانون الصحة النفسية: خطوة أولى على الطريق الصحيح"، أكدت فيها على أن مشروع القانون الجديد الذي تقدمت به الحكومة المصرية إلى البرلمان خلال شهر نوفمبر الجاري يمثل نقلة نوعية في حماية حقوق الأفراد المصابين باضطرابات نفسية. وشددت المبادرة المصرية في الوقت ذاته على أن القانون الجديد سيمثل في حالة إقراره خطوة إيجابية كبيرة لا بد أن تتبعها خطوات أخرى من أجل تعزيز وحماية الحق في الصحة النفسية.

وبينما طالبت الدراسة ـ التي أصدرها برنامج الصحة وحقوق الإنسان بالمبادرة المصرية في مؤتمر صحفي اليوم ـ أعضاء مجلس الشعب بتأييد وإقرار مشروع قانون الصحة النفسية الجديد، فقد تضمنت أيضاً عدداً من المقترحات التفصيلية الرامية إلى جعل القانون أكثر توافقاً مع الالتزامات القانونية الواقعة على الحكومة بشأن ضمان أعلى مستوى ممكن من الصحة النفسية والعقلية.

وقالت الدكتورة راجية الجرزاوي، محررة الدراسة ومسئولة ملف الصحة والتمييز بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "لم يعد من المنطقي أو الإنساني أن يستمر تطبيق القانون الحالي المتعلق بالمرضى النفسيين، والذي تم وضعه منذ أكثر من ستين عام تغيرت خلالها مفاهيم الصحة النفسية وأساليب العلاج والمعايير المهنية والحقوقية المتصلة بها."
وقد قامت الأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة والسكان بصياغة مشروع القانون الجديد بمشاركة عدد من أساتذة الطب النفسي والقانونيين والحقوقيين، وذلك بغرض إقراره ليحل محل القانون الحالي رقم 141 لسنة 1944 والذي يحمل اسم (قانون حجز المصابين بأمراض عقلية).

ويسعى مشروع القانون الجديد إلى الالتزام إلى حد كبير بجموعة (مبادئ الأمم المتحدة بشأن حماية المصابين بعلل نفسية وتحسين الرعاية الصحية النفسية)، والتي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع في عام 1991. ويتميز مشروع القانون في هذا الصدد بتحديد الأحوال التي تجيز الاحتجاز القسري للمصابين باضطرابات نفسية داخل المصحات، مع وضع آليات للتقييم الدوري للحالة النفسية وكفلت  مراجعة قرار الاحتجاز وحق التظلم منه. كما يؤكد المشروع على حق المريض الذي يمتلك القدرة العقلية في الموافقة المستنيرة على علاجه، مع تحديد الأحوال والكيفية التي يجوز فيها إخضاع المريض للعلاج الإجباري.

ويتضمن مشروع القانون الجديد قائمة بحقوق المريض النفسي داخل المنشآت وينص على عقوبات في حالة مخالفتها. كما يستحدث آليات مؤسسية لضمان المساعدة على تطبيق القانون ومراقبة هذا التطبيق، تتمثل في إنشاء المجلس القومي للصحة النفسية وفروعه بالمحافظات، فضلاً عن إنشاء لجان لرعاية مصالح وحقوق المرضى داخل منشآت الصحة النفسية.
ومن ناحية أخرى فقد شددت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على أهمية وجود شبكة من الخدمات المجتمعية اللازمة لتقديم العلاج والرعاية والدعم للأفراد المصابين باضطرابات نفسية، وعلى ضرورة أن ينص القانون على كفالة هذه الخدمات اللازمة لإنجاح التحول إلى أسلوب العلاج والدمج المجتمعي للمرضى النفسيين.

وأضافت الدكتورة راجية الجرزاوي: "إن الانتقال من أسلوب العزل داخل المصحات إلى أسلوب العلاج والدمج المجتمعي هو أمر حميد أثبت نجاحه في العديد من الدول وتوصي به منظمة الصحة العالمية. ولكن هذا الانتقال لا يجب أن يتم بمجرد إفراغ المصحات من المرضى، وإنما بالتنسيق الجيد والعمل التدريجي وبالتوازي مع إنشاء شبكة محكمة من الخدمات المجتمعية التي لا ينص مشروع القانون حالياً على مسئولية الدولة عن كفالتها."    

كما انتقدت المبادرة المصرية اقتصار نطاق تطبيق القانون الجديد على المرضى داخل المنشآت النفسية، وطالبت بمد مظلة الحماية القانونية لتشمل الأفراد المصابين باضطرابات نفسية في أي مكان يمكن أن يتعرضوا فيه لانتهاك حقوقهم الأساسية. وأكدت على ضرورة استكمال ضمانات الحماية القانونية التي لم يتضمنها مشروع القانون في صياغته النهائية، وخاصة فيما يتعلق ببعض معايير الإدخال الإجباري إلى منشآت الصحة النفسية، وإجراءات فرض العلاج الإلزامي، ومنع تطبيق أي علاج يسبب آثاراً لا يمكن الرجوع عنها بدون ضمانات حماية كافية، فضلاً عن خلو القانون من الحظر التام على إجراء التعقيم كعلاج لأي اضطراب نفسي. وتضمنت الدراسة أيضاً مقترحات بشأن طبيعة تشكيل مجالس الصحة النفسية، والضمانات الإجرائية المتاحة للمريض أو ممثليه في التظلم من قرارات الاحتجاز والعلاج، والحماية المكفولة لبعض الفئات الخاصة من المرضى كالأطفال والقاصرين أو المرضى المودعين في المصحات بناء على قرارات أو أحكام قضائية. 

وأكدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن التزام الدولة بكفالة الحق في الصحة النفسية واحترام حقوق المصابين باضطرابات نفسية لن يتم الوفاء به بمجرد إقرار القانون الجديد رغم كل مميزاته. فقد تضمنت الدراسة عرضاً لعدد من الدراسات والإحصائيات التي تجمع على أن مصر تعاني من قصور شديد في خدمات الرعاية الصحية النفسية والموارد المادية والبشرية المخصصة لها، خاصة خارج المدن الكبرى. وشددت المبادرة المصرية في هذا الصدد على أهمية زيادة المخصصات المالية للصحة النفسية في مصر، والتي لا تتجاوز نسبتها حالياً 2% من الإنفاق الحكومي على الصحة.