تقييد المرضى والمصابين في المستشفيات جريمة تستدعي تدخلاً فورياً من النيابة العامة ونقابة الأطباء

بيان صحفي

13 أبريل 2008

صرحت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم بأن تكبيل المصاببن في أحداث المحلة بالقيود الحديدية إلى أسرتهم بالمستشفيات يعد مخالفة للدستور والقانون وأخلاقيات مهنة الطب، وطالبت النيابة العامة ونقابة الأطباء بالتدخل الفوري لإزالة القيود والتحقيق مع المسئولين عن ارتكاب هذه الجريمة.

وقالت الدكتورة راجية الجرزاوي من برنامج الصحة وحقوق الإنسان بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: " بدلا من أن يتلقى ضحايا وحشية الشرطة علاجاً يشفيهم فإن اليد الطولى لوزارة الداخلية تلاحقهم لتنتهك حقهم في الصحة والشفاء والحياة، تحت سمع وبصر النيابة العامة وأطباء المستشفيات وبالمخالفة للقانون وأخلاقيات مهنة الطب."

وأضافت المبادرة المصرية أن الصور التي نشرتها عدة صحف على مدى الأيام الماضية للمصابين المحتجزين في أعقاب مظاهرات المحلة التي جرت الأسبوع الماضي بينما تم ربط أيديهم أو أرجلهم إلى أسرتهم المعدنية بالمستشفيات الحكومية لا تمثل حالة استثنائية، وإنما تعبر عن ممارسة مستقرة لوزارة الداخلية دأبت منظمات حقوق الإنسان على توثيقها والمطالبة بإنهائها.

كما أكدت المبادرة المصرية أن تكبيل المرضى أو المصابين المحتجزين في المستشفيات ممارسة تعسفية لا تستند إلى أي نصوص قانونية. فقانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956 في المادة رقم 90 لا يسمح بتكبيل المحبوس احتياطياً ـ في السجن وليس في المستشفى ـ إلا في حالة استثنائية هي "إذا حاول الهرب أو إذا خيف هربه وكان لهذا الخوف أسباب معقولة"، وحتى في هذه الحالة يوجب القانون على المأمور أو مدير السجن أن يقوم بإبلاغ قرار التكبيل فوراً إلى النيابة العامة التي يجوز لها أن تأمر برفع التكبيل إذا لم تجد ما يقتضيه.

أما تكبيل المصابين بالقيود الحديدية أثناء خضوعهم للعلاج في المستشفيات فإنه يعد مخالفاً للمادة 42 من الدستور، والتي تنص على أن "كل مواطن يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته بأي قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ولا يجوز إيذائه بدنيا أو معنويا". كما تندرج هذه الممارسة تحت توصيف استعمال القسوة، والذي يعد جريمة تعاقب عليها المادة 129 من قانون العقوبات المصري، فضلاً عن مخالفة الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية واللا إنسانية والمهينة، التي أصبحت جزءاً من القانون المصري بعد تصديق مجلس الشعب عليها في عام 1986.  

 
من ناحية أخرى، أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن خيبة أملها حيال موقف النقابة العامة للأطباء، والتي لم يكتف مسئولوها بالامتناع عن التدخل لمحاسبة الأطباء المشرفين على تكبيل مصابي المحلة على مخالفتهم لأخلاقيات مهنة الطب، وإنما أعلن هؤلاء المسئولون ـ في تصريح نشرته جريدة البديل في عدد 12 إبريل ـ "أن النقابة ليس لها أي سلطة على المستشفيات التي تخضع لوزارة الصحة ولا تملك سوى إصدار بيانات التضامن".

ويتعارض هذا الموقف مع المسئولية القانونية لنقابة الأطباء عن التحقيق في كافة مخالفات لائحة آداب مهنة الطب الصادرة عن النقابة والمعتمدة بقرار وزير الصحة والسكان رقم 238 لسنة 2003. وتنص المادة 35 من اللائحة على أنه "على الطبيب المكلف بالرعاية الطبية للمقيدة حريتهم أن يوفر لهم رعاية  صحية من نفس النوعية والمستوى المتاحين لغير المقيدة حريتهم.  ويحظر عليه القيام بطريقة إيجابية أو سلبية بأية أفعال تشكل مشاركة فى عمليات التعذيب وغيرها  من  ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو التواطؤ أو التحريض على هذه الأفعال، ... أو المشاركة فى أى إجراء لتقييد حركة المقيد حريتهم إلا إذا تقرر ذلك وفقاً لمعايير طبية محضة لحماية الصحة البدنية أو العقلية للمقيدة حريتهم." 

وأضافت الدكتورة راجية الجرزاوي: "إن حرمان الشخص السليم من تحريك أطرافه وجسده بحرية لفترات طويلة قد يسبب أبلغ الضرر على جهازه العضلي ودورته الدموية بما قد ينجم عنه مضاعفات وأخطار جسيمة، فما بالنا حين تضاف تلك الأخطار والآلام إلي آلام الجرح والمرض؟ وكيف تسمح النقابة العامة للأطباء بأن تجري تلك الممارسة المشئومة أمام بصر الأطباء المسئولين عن سلامة وشفاء المصابين والمرضى؟"

وطالبت المبادرة المصرية سيادة المستشار النائب العام بالتدخل فوراً لرفع القيود عن مصابي المحلة المحتجزين بالمستشفيات، وإصدار تعليمات واضحة بإنهاء هذه الممارسة غير القانونية. كما دعت النقابة العامة للأطباء إلى القيام بدورها في مساندة الأطباء والتحدث باسمهم وقيادة معارضتهم لتلك الممارسة التعسفية وغير الأخلاقية. كما طالبت السيد الطبيب وزير الصحة بالقيام بواجبه كطبيب أولاً، ومسئول حكومي ثانياً، من أجل إيقاف ممارسات وزارة الداخلية ضد المرضي والتي تسيئ للأطباء وتمنعهم من ممارسة عملهم باستقلالية ونزاهة.