القضاء المصري ينتصر لحق المصريين البهائيين في الاعتراف بديانتهم

بيان صحفي

6 أبريل 2006

أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم عن بالغ ترحيبها بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في جلسة الثلاثاء 4 إبريل 2006، والذي أقر بحق المواطنين المصريين البهائيين في الاعتراف بديانتهم وإثباتها في أوراقهم الرسمية، في تأكيد لحكم قضائي مماثل صدر منذ ثلاثة وعشرين عاماً.

وقد صدر الحكم برئاسة المستشار فاروق عبد القادر نائب رئيس مجلس الدولة في الدعوى التي كان قد أقامها أحد المصريين البهائيين وزوجته ضد وزير الداخلية في عام 2004، بعد أن قام ضباط مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية بمصادرة بطاقتي إثبات الشخصية الخاصة بهما إضافة إلى شهادات الميلاد الخاصة ببناتهما الثلاثة، والتي تنص جميعاً على اعتناق الأسرة للديانة البهائية، والامتناع عن إصدار وثائق رسمية جديدة إلا في حالة تظاهر الأسرة باعتناق الإسلام.

وكانت مصلحة الأحوال المدنية قد قامت في إجراء تعسفي وعبثي بسحب شهادات ميلاد الطفلات الثلاث اللاتي لا يتجاوز عمر أكبرهن 11 عاماً من ملفاتهم بالمدرسة وإرسال خطاب لإدارة المدرسة يطالب الأب "بإحضار شهادات ميلاد حديثة مثبت بها الديانة مسلم" كما جاء بخطاب المصلحة، وهو ما هدد بطرد الطفلات من المدرسة وحرمانهن من التعليم لمجرد مولدهن لأبوين بهائيين.

وقال حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "هذا الحكم يعد انتصاراً حقيقياً لحرية الدين والمعتقد التي يكفلها الدستور المصري واتفاقيات حقوق الإنسان التي اختارت الحكومة التصديق عليها، ورسالة واضحة بأن لكل مصري ومصرية الحق في اعتناق الديانة التي يختارونها وليس التي يفرضها عليهم مسئولو وزارة الداخلية دون سند من القانون."

 وكانت وزارة الداخلية قد امتنعت في الأعوام الأخيرة عن السماح للمصريين من أتباع الديانة البهائية بإثبات ديانتهم في بطاقات الرقم القومي أو شهادات الميلاد الحديثة حتى لو كانوا مولودين لأبوين وجدين مصريين بهائيين وكانت لديهم بطاقات إثبات شخصية أو شهادات ميلاد ورقية معتمدة تثبت اعتناقهم للبهائية. ورغم الجهود التي بذلها المجلس القومي لحقوق الإنسان للتوصل لحل لهذا المشكلة مع وزارة الداخلية إلا أن جميع هذه المحاولات قد باءت بالفشل.

وكانت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان قد طالبت الحكومة المصرية في عام 2002 بإلغاء التمييز ضد البهائيين المصريين باعتباره انتهاكاً للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي أصبح ملزماً للحكومة المصرية بعد انضمامها إليه في عام 1982. كما دأب المقرر الخاص لحرية الدين والمعتقد في الأمم المتحدة على مخاطبة الحكومة المصرية في الأعوام الأخيرة بشأن عجز البهائيين في مصر عن استخراج وثائق رسمية ضرورية والصعوبات التي تنتج عن ذلك في مجالات تشمل التعامل مع أجهزة الدولة المختلفة والاعتراف بالزواج وتسجيل الأبناء والحصول على الميراث أو حتى الحصول على شهادات وفاة.

يذكر أن البهائية قد ظهرت كديانة مستقلة عن الأديان السماوية الثلاثة منذ أواسط القرن التاسع عشر. ويقدر عدد أتباعها اليوم بخمسة ملايين بهائي، بينما يقدر عدد البهائيين في مصر بحوالي ألفي مواطن مصري رغم عدم توافر إحصاءات رسمية. وقد عاش البهائيون في مصر دون مشاكل لعدة عقود حتى صدور القانون رقم 263 لسنة 1960 والذي أمر بحل المحافل والمؤسسات البهائية. ورغم أن القانون المذكور لم يجرم اعتناق الديانة البهائية إلا أن البهائيين في مصر تعرضوا منذ ذلك الوقت لمضايقات وملاحقات غير قانونية على يد الأجهزة الأمنية في مخالفة للدستور والقانونين المصري والدولي.

وكانت المحكمة الإدارية العليا قد أصدرت في عام 1983 حكماً مشابهاً في قضية مماثلة يلزم وزارة الداخلية بإصدار بطاقة شخصية لأحد المواطنين تثبت اعتناقه للديانة البهائية. ودأبت وزارة الداخلية بعدها على إثبات الديانة البهائية في بعض الأحيان، أو كتابة كلمة (أخرى) أو وضع شَرطة أمام خانة الديانة في أحيان أخرى. وفي عام 2004 عادت مصلحة الأحوال المدنية بالداخلية إلى إجبار المواطنين البهائيين على التظاهر باعتناق الإسلام أو المسيحية (وفقاً لاسم العائلة) مقابل منحهم أية وثائق رسمية.

وأضاف بهجت: "ليس من الإنسانية ولا من المنطق ولا من الجائز قانونياً أو دينياً أن يجبر مواطن مصري كامل المواطنة على الاختيار بين فقدان كافة حقوقه المدنية مقابل الاعتراف بديانته وبين التظاهر باعتناق ديانة لا يرغب بها ولا يعلم عنها شيئاً لمجرد ميلاده لأبوين بهائيين. وعلى الحكومة أن تنفذ حكم المحكمة بشكل فوري وأن تتخذ إجراءات حاسمة لإيقاف هذه الممارسات التعسفية والمخالفة للقانون."