لابد من وضع الحق في الخصوصية في قلب المناقشات حول مشروع قانون الاتصالات
بيان صحفي
تدعو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أعضاء مجلس الشعب إلى وضع الحق في الخصوصية في قلب مناقشاتهم حول مشروع قانون تنظيم الاتصالات، والذي ينتظر أن يبدأ مجلس الشعب في نظره قريباً بعد أن أقره مجلس الشورى في 24 نوفمبر 2002.
وتظهر قراءة أولية لمشروع القانون المكون من 92 مادة احتواءه على عدة مواد مثيرة للقلق فيما يتعلق بتأثيرها على حق الأفراد في حماية خصوصيتهم وفي سرية اتصالاتهم، وهو الحق الذي تكفله المادة 45 من الدستور التي تنص على أن: "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون. وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولفترة محددة ووفقاً لأحكام القانون."
ويأتي على رأس المواد المثيرة للقلق بمشروع القانون المادة 65، والتي لا تزال -برغم التعديل الطفيف الذي أدخلته الحكومة عليها أثناء مناقشة المشروع بمجلس الشورى- تشترط على الأفراد عدم تشفير اتصالاتهم (بما في ذلك حماية بريدهم الإلكتروني من الاقتحام مثلاً) قبل الحصول على موافقة كتابية من كل من الجهاز القومي للاتصالات والقوات المسلحة وأجهزة الأمن القومي (رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية وهيئة الأمن القومي). وينص مشروع القانون على عقوبة قد تصل إلى الحبس لمدة ثلاث سنوات ودفع غرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد عن مائة ألف جنيه لمن ينتهك تلك المادة.
كما تشعر المبادرة بالقلق حيال إشارة المادة ذاتها إلى السماح للقوات المسلحة ووزارة الداخلية وهيئة الأمن القومي بالدخول على أي من شبكات الاتصال "تحقيقاً لمتطلبات الأمن القومي"، في إشارة غامضة لا تحدد ماهية تلك الاعتبارات. وتبدو هذه الإشارة تجاوزاً للضمانات القائمة حالياً في قانون الإجراءات الجنائية الذي ينص في المادة 95 على عدم جواز انتهاك سرية الاتصالات باستثناء "متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر."
وترى المبادرة أن أخطر ما في مشروع القانون امتداد أحكامه إلى تنظيم استخدام شبكة الإنترنت، وهو ما تعارضه المبادرة بشدة، حيث أن شبكة الإنترنت وسيط متفرد لا يجب أن يخضع استخدامه لنفس القوانين المنظمة لوسائط الاتصال الأخرى، إلا فيما يتعلق بجرائم مادية واضحة المعالم. وترى المبادرة ضرورة أن تنفرد شبكة الإنترنت بأحكام خاصة في التشريع، تصون خصوصية المعلومات المتداولة على الشبكة، وتحمي حرية استخدامها، وتحيطها بسياج خاص من الحماية يتمشى مع طبيعتها الخاصة كشبكة دولية للمعلومات لا يجب أن تخضع لنطاق السيادة الوطنية بمعناها الضيق، تماماً كالمياه الدولية والفضاء الخارجي.
يذكر أن لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان كانت قد أوصت الحكومة المصرية في مطلع شهر نوفمبر الحالي بأن "تطبق بصرامة المادة 17" من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، والذي أصبح جزءاً من التشريع الداخلي بتصديق مصر عليه عام 1981. وتنص المادة على أنه:
"1. لا يحوز تعريض أي شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته، ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته.
2. من حق كل شخص أن يحميه القانون من مثل هذا التدخل أو المساس."
كان رئيس الجمهورية قد أصدر في 3 إبريل 2002 قراراً بمشروع قانون بإصدار قانون تنظيم الاتصالات، وفي اليوم التالي قام رئيس مجلس الشورى بإحالة المشروع إلى لجنة مشتركة من كل من لجنة الإنتاج الصناعي والطاقة ومكتب لجنة الشئون العربية والخارجية والأمن القومي ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية. ثم قام مجلس الشورى بمناقشة مشروع القانون وتقرير اللجنة المشتركة يومي 23 و 24 نوفمبر الجاري قبل الموافقة عليه.
وتقوم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حالياً بدراسة مشروع القانون تمهيداً لإصدار تحليل للمشروع من منظور الحق في الخصوصية، كخطوة أولى في سلسلة أنشطة تنوي المبادرة القيام بها سعياً لتنقية مشروع القانون من المواد المخالفة لقانون حقوق الإنسان الدولي.