الدواء وعدالة التوزيع -مقال مترجم

11 أكتوبر 2018

اسم المؤلف Michael boylan مايكل بويلان مقال بعنوان Medical Pharmaceuticals and Distributive Justice
المصدر : مجلة جامعة كامبريدج لأخلاقيات الرعاية الصحية  ، الفصيلة الربعية  المجلد 17 العدد  1،ترجمه إلى العربية : أحمد عزب -الدواء وعدالة التوزيع

هناك صراع بين رؤيتين للرعاية الصحية . النظرة الأولى للرعاية الصحية باعتبارها تعاونية وتشاركية غرضها الأول العناية بالمرضى والنظرة الثانية تتعامل مع الرعاية الصحية كعملية تجارية بحتة و بيزنس غرضه ( تعظيم الأرباح وزيادتها ) .

الصراع بين النماذج التعاونية والتنافسية في الرعاية الصحية :

تتعامل وجهة النظر الأولى مع الرعاية الصحية وتقديم الخدمات الطبية بقيم التشارك والتعاون والتكاتف حيث حاجة المريض هنا هي الأساس والهدف الأول من مجمل الرعاية الصحية .

أما المفهوم الثاني للرعاية الصحية فهو ابن للرأسمالية بالأساس يستند على مفاهيم التنافس وتعظيم الربح وتزداد أهمية ( المبيعات ) و (التسويق ) فغرض الرعاية الصحية وفقا لهذه المبادئ زيادة الربح ونرى هذا النموذج بقوة في شركات الدواء وبعض المستشفيات .

يظهر بوضوح التعارض والصراع بين الرأيين فكل رأي عالم مستقل تماما الأول مبني على التشارك والتعاون ويضع مصلحة المريض الهدف الأول والآخر عالم البيزنس والتنافس وغرضه زيادة الربح .هيمن النموذج التنافسي على قطاع الرعاية الصحية في الولايات المتحدة حيث تم التغاضي عن ان حق الوصول للرعاية الصحية هو حق أساسي من حقوق الإنسان ، على العكس في بعض الدول الصناعية الأخرى التي تطبق مبادئ المواثيق الدولية في أن الوصول للرعاية الصحية الشاملة هو حق أصيل من حقوق الإنسان .

الخطوة الأولى في بناء أساس للنموذج التعاوني و التشاركي لصناعة المستحضرات الدوائية من خلال النظر في الأساس النظري للمفاهيم التعاونية للعدالة التوزيعية.

سنناقش بعض أساليب تخصيص وتوزيع السلع والخدمات للآخرين و سنطرح خمس نظريات عن العدالة التوزيعية :

الكرترية Kraterism ( مصطلح يوناني يشير للقوة ) : كل يأخذ ما يريد بحسب قوته في إتزاع ما يريد .

الأرستقراطية : كل شخص بحسب ميراثه الاجتماعي والمادي .

الرأسمالية : كل وفقا لعمله وطاقته الإنتاجية

الاشتراكية : كل حسب الحاجة

مذهبة المساواة

وللتبسيط سنقسمها كالاتي :

: (أ) التافسية (الكراتية والرأسمالية)

(ب) التعاونية (الاشتراكية و مذهبة المساواة)

(ج) الأرستقراطية (وهي جماعة يمكن أن تتأرجح في كلتا الحالتين) .

يقسم مايكل بويلان السلع الأساسية والخدمات إلى عدة مستويات :

السلع الأساسية

المستوى الأول: الأكثر تأصلاً (وهو اساسي ولا حياة بدونه ): الطعام ، الملابس والمسكن والحماية من الأذى الجسدي غير المبرر (بما في ذلك الرعاية الصحية).

المستوى الثاني : ما هو ضروري لاتخاذ إجراء في أي وقت في المجتمع (• محو الأمية • المهارات الأساسية الأخرى اللازمة لتكون مواطنا نافعا وصالحا على سبيل المثال ، في الولايات المتحدة محو أمية الكمبيوتر ضروري • بعض الإلمام بثقافة وتاريخ البلد الذي يعيش فيه المرء )

السلع الثانوية

المستوى 1: تعزيز قيمة الحياة • إحترام المجمتع • تكافؤ الفرص للمنافسة على السلع في المجتمع • القدرة على متابعة خطة حياة وفقا لرؤية شخصية طموحة .

المستوى 2: الاندماج المفيد ​​في المجتمع و القدرة على الاستفادة من الممتلكات بحرية .

المستوى 3: مستوى مترف فاخر و إستخدام بضائع باذخة كمالية .

يجب أن يتم التعامل مع السلع الأساسية التي تمكّن المواطنين من الرعاية الصحية على أنها من سلع المستوى الأول ، بشكل مختلف عن جميع السلع الأخرى . ولتوفير هذه الخدمات للمواطنين في أي مجتمع ، من الطبيعي أن تكون بعض التضحيات المجتمعية ضرورية على شكل ضرائب. وبالتالي ، عندما نبحث عن نموذج للعدالة التوزيعية في توزيع السلع الأساسية للمستوى 1 لدينا خيار اعتماد النظرة العالمية الرأسمالية للتوزيع من خلال قيم التنافس والقدرة على شراء الخدمة الصحية ، أو من خلال نظرة تشاركية تعاونية تعتمد على مساعدة الاخرين والتضامن المجتمعي عن طريق الضرائب . (النظرة الرأسمالية التنافسية للخدمات الصحية مبنية على أساس أناني حيث المواطن المشغول بمصلحته أولا ، يسأل نفسه "كيف يمكنني الحصول على أقصى استفادة لنفسي؟" هذا سؤال مناسب أكثر للمستوى الثاني والمستوى الثالث من السلع الثانوية ولا يلائم الخدمات الصحية .

السياسة القائمة على قواعد السوق :

في البلدان التي تمتتاز بإمكانية جيدة في الرعاية الصحية ، هناك مشكلة في التكاليف المتصاعدة والمتزايدة للأدوية . فتواجه هذه المشمكلة بطريقتين : (أ) التحكم والسيطرة الإكلينيكية عن طريق الفريق الطبي و (ب) زيادة النصيب المدفوع أو المُتحمل من قبل المريض أي الجزء الآخر من الفاتورة التي تُذكر في برنامج التأميني الصحي. في حالة السيطرة عن طريق الفريق الطبي ، الأدلة ضعيفة على نجاح حل مشكلة التكاليف المتزايدة للأدوية عندما يكون المسؤول عن تقييد الخدمة الطبية هم أطباء الرعاية الأولية. لأن معظم الأطباء يهتمون أكثر بصحة مرضاهم أكثر من إهتمام شركة التأمين الصحي بهم وحتى مع الفرض أن الأطباء سيطيعون أوامر شركات التأمين يظل زيادة النصيب المدفوع أو المُتحمل من قبل المريض أكثر فاعلية في حل مشكلة زيادة الأسعار المتزايدة للخدمة الطبية . طبعا لا تتوفر هنا عدالة التوزيع لأن الفقراء والأطفال قد يدفعهم زيادة حصة مشاركته في ثمن الفاتورة إلا عدم شراء الأدوية المكتوبة في الوصفة الطبية (=الروشتة ) كاملة .

السياسة التعاونية :

تهدف الاستراتيجيات التعاونية إلى إخراج عامل المكسب وتحقيق الربح من الطب . بدلاً من ذلك تحفز السياسة الرامية إلى : إلى (أ) تشجيع شركات الأدوية التقليدية ، الهاردفة للربح ، على قبول الإشراف الحكومي في مقابل أرباح متوسطة ومتواضعة ومقبولة ، و (ب) تشجيع إنشاء شركات الأدوية غير الربحية . في المملكة المتحدة ، بدأت هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) نحو العمل من خلال تنظيم أرباح الشركات (عن طريق عملية البيع إلى NHS) . تسعى NHS إلى تعويض الشركات إلى حد ما عن تكاليف الإنتاج مثل عملية البحث والتطوير (R & D) ، وتكاليف الإنتاج الأخرى مع هامش ربح معقول ومقبول بعيدا عن سياسات التسعير التي تهدف لفصل عملية تكلفة الإنتاج عن التسعير . يعمل هذا النموذج منذ سنوات قليلة في المملكة المتحدة ، فليس من المناسب تقييم نجاحه التجريبي . و لكي يصبح حلم تأسيس شركات دواء لا تهدف للربح حقيقة ، فإن الدعم من الحكومات و المنظمات غير الربحية والخيرية أمر ضروري . أحد النماذج لمثل هذه المنظمة هو OneWorld Health ، وهي شركة أدوية غير ربحية جديدة (منذ عام 2001 وتهدف إلى (1) صنع أدوية جديدة للأمراض التي تؤثر على البلدان الفقيرة ، (2) تقييم سلامة و فعالية وأمان الأدوية للمرضى ، (3) إحترام أخلاق البحث العلمي ، (4) إقامة تعاون مع العديد من الشركاء لإنتاج الأدوية ، (5) ضمان قدرة المرضى على تحمل سعر الدواء .

المستحضرات الصيدلية :

يتناول هذا الجزء من المقالة : ( أ )- "المسؤولية الاجتماعية لشركات الأدوية" ، و ( ب ) - "البحث والتطوير" ، و( ج ) - "براءات الاختراع" ، و ( د ) "التسعير العادل في العالم الثالث".

المسؤولية الاجتماعية لشركات الأدوية

الحق في الرعاية الصحية من أساسيات حقوق الإنسان في أي مكان . لكل إنسان الحق الأخلاقي والشرعي في الوصول للدواء والحصول على على الرعاية الصحية . ووفقا للنموذج التعاوني ، نحتاج من الشركات المشتركة في تقديم الرعاية الصحية أن تكون محكومة بروح التعاون والتشارك . ماذا يعني هذا في العمليات اليومية للشركة وخططها الاستراتيجية ؟ من وجهة نظري أنه من الأفضل خدمة المصلحة العامة إذا قامت الولايات المتحدة والدول الصناعية الأخرى (التي لديها بالفعل تغطية صحية شاملة) بسن قوانين تشجع على إنشاء شركات أدوية غير ربحية وتشجع وتحفز تحويل السياسة الحالية التنافسية للشركات إلى شركات تخضع للتنظيم العام ، عن طريق سن لوائح وقوانين جديدة ، مع توفير ربح متواضع للشركات. ويعتمد نجاح هذا النموذج على تغيير مهمة شركات الأدوية من المنافسة إلى النظرة التعاونية (والتشاركية ) للعالم . سيكون على الشركات إذن التزامًا بالحفاظ على عقد اجتماعي مع المرضى اﻟﺗزاﻣًﺎ بمعايير عالية من الجودة والأمان في المصانع والمعامل . و ﯾﺗطﻟب أن ﻻ تتوقف اﻟﺷرﮐﺔ أﺑدًا عن اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﺳرﯾرﯾﺔ أو ﺗﺣﺎول دﻓﻌﮭﺎ إﻟﯽ الناحية التجارية ، اي إنتاج أدوية لأمراض شائعة مضمون بيعها وإغفال التجارب على أدوية الأمراض النادرة ، أو العبث بقواعد البيانات إن كانت التجارب في غير صالح أدوية الشركة . إحترام أخلاق البحث العلمي ، بإختصار يعني هذا أن ترى الشركة نفسها كعضو تعاوني في المجتمع . كجزء من نظام صحي شامل غرضه خدمة المجتمع والمريض أولا .

ب- البحث والتطوير

كما أوضحنا ، مع وضع هدف عدم الربح للخدمة الطبية مع هامش ربح معقول للشركات والراقبة العامة النظام الصحي ، وانخفاض توقعات الربح ، وزيادة التعاون بين المجتمع الطبي والعلمي سيتحقق دمج بين جميع المزايا . فبدلا من المقاييس الرأسمالية والتي تشجع الإستثمار في الأبحاث على أدوية مضمونة البيع ، ولها سوق بيع قوي ( مثل أدوية علاج ضعف الإنتصاب ) ، وعن طريق التدخل الحكومي ، والقوانين الحامية لحقوق المرضى ، سيتوجب على الشركات الإهتمام وتوجيه البحوث تجاه الأمراض اليتيمة والتي قد لا تحقق مبيعات كثيرة وعالية .

ج- براءات الاختراع

في معايير السوق الحالية والمعاصرة براءة الاختراع هي شيء مهم وأساسي لشركات الدواء ، فهي الضامنة لحماية اكتشافها من التقليد أو المنافسة عن طريق دواء مثيل . براءات الاختراع أيضا ستساهم في تمويل تكاليف البحث والتطوير التي ستُصرف على أبحاث وتطوير وتصنيع أدوية أُخرى .هذه هي حجة المدافعين عن هذا النظام سيكون لدى الشركات حافز تطوير منتجات جديدة.

في إطار المنظومة التعاونية ، كل شيء مختلف عن طريق المنظمات غير الربحية وشركات الدواء التي تضع أمام أعينها هامش متوسط ومقبول للربح . ستتحول من الرأسمالية المغامرة الاحتكارية إلى التعاون في سبيل وصول الدواء للمريض بسعر مناسب. مع تبادل براءات الاختراع وفقا لبروتوكولات بحثية معتمدة ، وتبادل المعلومات العلمية والبحوث الدوائية بين أقسام البحث والتطوير .. سينتج عنه زيادة البحث في الأدوية المتخصصة للأمراض شديدة الندرة ، وقد لا تكون مربحة للشركات niche in the healthcare delivery system ، ولكن ستساعد وتحفز تقديم الرعاية الصحية للمرضى. عن طريق التخطيط والتنظيم يمكن لشركات الأدوية أن تتحول إلى شركاء يخدمون الصالح العام .

د- التسعير العادل في العالم الثالث

في إطار نموذج الرؤية التعاونية . فإن شركات الأدوية الجديدة هي شركات غير هادفة للربح أو مٌربحة بشكل متواضع (وفي المقابل ستتم حمايتها من صعود وهبوط السوق العالمي التنافسي). بسبب هذه الحماية المحلية والدولية ، سوف تكون شركات الأدوية العالمية قادرة على منح الدول النامية الحق في إنشاء أدوية مثيلة أكثر بأسعار معقولة. و سيتم تحجيم السوق السوداء بسبب التعاون الحكومي. إن القوى الصناعية الرئيسية ، التي لها رصيد و تاريخ في النموذج التعاوني من خلال التغطية الصحية الشاملة ، قد تلجأ إلى تنظيم توزيع دولي للمستحضرات الدوائية تحت رعاية هيئة دولية (مثل منظمة الصحة العالمية) حتى يمكنها أن تخدم الجمهور بشكل أفضل - سواء في بلدانها (الغنية) أو في البلدان النامية الفقيرة . مع هذا التنسيق والتخطيط الدوليين ، قد يكون من الممكن مكافحة أمراض مثل الملاريا للقضاء عليها للأبد . مع كثرة السفر والتنقل بين دول العالم ، لن يكون هناك ما يُسمى "هم" و "نحن". نحن جميعا كبشر مشتكرون في هذا معا .