قراءة في اللغة والمقاربة: تقرير مركز دعم واتخاذ القرار حول العشوائيات (2008)... حين يصبح المواطنون عبئا على الدولة!

2 نوفمبر 2011

الوصلة* الواردة أسفل هذه التدوينة تؤدي إلى دراسة بعنوان "العشوائيات داخل محافظات جمهورية مصر العربية: دراسة تحليلة للوضع القائم والأساليب المختلفة للتعامل" والمنشورة على موقع مركز دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء. نشرت الدراسة في مايو 2008 أي قبل أربعة أشهر من حادث انهيار صخرة الدويقة على قاطني هذه المنطقة العشوائية. والدراسة هي الأولى من نوعها من حيث جمع وإحصاء كافة المناطق المصنفة "عشوائيات" في أنحاء الجمهورية. وهي في ذلك سبق ومصدر وافر للمعلومات والبيانات التي طالما افتقدها الباحثون والناشطون على حد سواء، وإن عابها أنها عكست في منهاجها وطريقة الرصد والبحث للعشوائيات رؤية الدولة التي لا تنظر إلى هذه المناطق السكنية غير المخططة-وسكانها- غير من منظور كونهم عبئا على الدولة، ولا يكون الدافع من وراء جمع المعلومات عنهم إلا إلمام البيروقراطية بأبعادها باعتبارها مشكلة يجب احتواؤها وعلاجها، ولعل لفظ "التعامل" الوارد في عنوان التقرير يشير إلى كيفية نظر البيروقراطية للعشوائيات وسكانها-والذين يشكلون نحو 15 مليون نسمة طبقا للتقرير نفسه- تماما كالتعامل مع وباء أو فيضان أو كارثة طبيعية. ولعل التصنيف ذاته للمناطق المسماة عشوائية إلى مناطق خطرة وغير خطرة، وهو تصنيف غير موجود في بلاد أخرى ويكاد يقتصر على مصر، نابع من رؤية النظام السابق لهذه المناطق باعتبارها فحسب مصدرا لإحراجه حال وقوع كوارث من عينة انهيار صخرة المقطم في 1993 أو الدويقة في 2008 أو سيول أسوان في 2010. وعلى الرغم من قيمة التقرير الإحصائية للتعريف بالظاهرة في بر مصر إلا أن ما يعوزه بشدة هو مقاربة العشوائيات وسكانها باعتبارهم بشرا وباعتبارهم مواطنين لهم حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية، والنظر إلى العشوائيات باعتبار إسهاما في حل مشكلة الإسكان للطبقات الفقيرة على مدى نصف قرن من فشل سياسات الإسكان والتي انتهت إلى وضع عجيب حيث يتوفر عدد كاف من العيون السكنية تفي بالطلب بشكل عام، ولكنها لا تفي بطلب الإسكان الرخيص للفقراء الذين يشكلون غالبية سكان مصر.

لقد كانت اللغة عاكسة لمدى عميق لطبيعة النظرة التي يوليها النظام الفقرائه، لكن أوانا-ربما حان-أن تتغير اللغة وأن تتبدل المقاربة، وأن ننطلق من هذه القاعدة المعلوماتية الثرية، لطرح رؤى تنموية إنسانية، لا تعتقد أن المواطنين مصدر "قلق محتمل" بمقدار ما ينبغي أن تنظر إليهم بوصفهم أصحاب حقوق.

*للاطلاع على الوصلة اضغط هنا.