٥ بدل ٣٨: دور النيابة العامة في التفتيش على السجون

29 نوفمبر 2016

 

 

دور النيابة العامة في التفتيش على السجون تنقصه الشفافية

ولا يرتقي إلى عدد الزيارات المفترضة شهريًّا

كام زيارة؟

قامت النيابة العامة في خلال الـ٣٨ شهرًا الماضية بالإعلان عن ٥ زيارات مفاجئة قامت بها للتفتيش على السجون في مصر، إلا أنها لم تقم بإحاطة الرأي العام بنتائج التحقيقات التي تجرى بشأن المخالفات المكتشفة في التفتيش. جاء ببيان النيابة العامة عن تفتيش وقع في فبراير ٢٠١٤ أن أعداد المحبوسين بسجن أبو زعبل (٢) يفوق الطاقة الاستيعابية للسجن بصورة ملحوظة، حيث وصلت في بعض الغرف الملحقة بعنابر السجن إلى الضعف، كما لوحظ سوء حالة التهوية ودورات المياه ببعض العنابر. كما ذكر نفس البيان تقدم العديد من نزلاء سجن أبو زعبل (٢) بشكاوى إلى فريق المحققين بشأن قلة كميات الطعام التي تقدم إليهم، وسوء حالة المياه، وعدم تخصيص وقت كافٍ لهم للتريض، وبطء إجراءات العرض على العيادة الطبية والمستشفى. وجاءت هذه الشكاوى والمخالفات حسب البيان بسجن واحد من أصل أربعة سجون فقط قام فريق من النيابة العامة بزيارتها ، ومع هذا لم نعرف شيئًا عما إذا كان قد فتح تحقيق من عدمه ولم نعرف شيئًا عن نتائج التحقيقات ولا عما إذا تم العمل على إزالة أسباب الشكاوى من عدمه.

كان النائب العام قد أصدر بيانًا في ١٩ فبراير ٢٠١٤عن نتائج التفتيش المفاجئ الذي أجرته النيابة العامة في نفس الشهر من العام نفسه على أربعة سجون عمومية وهي: وادي النطرون، وأبو زعبل (١) و(٢)، وملحق مزرعة طرة. وعقب هذا التفتيش انتقل فريق من أعضاء نيابة جنوب القاهرة الكلية بتاريخ ٢٦ يونيو ٢٠١٤ إلى منطقة سجون طرة، وقاموا بالتفتيش المفاجئ على خمسة سجون، هي شديد الحراسة، المزرعة، عنبر المزرعة، وملحق المزرعة، وليمان طرة، و تفقدوا أحوال المسجونين بتلك السجون واطلعوا على أوراق تنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم وتأكدوا من بداية ونهاية مدد العقوبات المحكوم بها عليهم.1 أخبار اليوم، ٢٠ فبراير ٢٠١٤، "النائب العام يأمر بحملة تفتيش مفاجئة على كل السجون"، 2 الأهرام "النائب العام يتابع التفتيش المفاجئ على السجون... وأبرز شكاوى المساجين: "عدم التريض".

ثم قامت النيابة العامة في ٦ إبريل ٢٠١٥ بتفتيش عدد ٩ سجون بمختلف أنحاء الجمهورية، بالإضافة إلى أقسام الشرطة بالقاهرة والجيزة، وأصدر النائب العام بيانًا يعلن فيه عن نتائج التفتيش، وأمرَ بالتحقيق فيما ورد من ملاحظات بتقارير التفتيش، وكلف وزارة الداخلية بتلافي الملاحظات التي وردت بالتقرير. كما كلف النائب العام أعضاء النيابة بموالاة دخول السجون والأقسام بصفة دورية مفاجئة للتحقق من التطبيق الصحيح لقانون السجون واللوائح المنظمة له، والتأكد من توفر كل الضمانات والحقوق للمسجونين، وتوفير سبل الرعاية لهم.

وبتاريخ ٢٨ يوليو ٢٠١٦ قام فريق من أعضاء نيابة جنوب القاهرة الكلية بالتفتيش على منطقة سجون طرة. وآخر مرة قامت النيابة العامة بالتفتيش على السجون كانت بتاريخ ١٥ نوفمبر ٢٠١٦، ولم تكن الزيارة الأخيرة لفريق من أعضاء النيابة العامة بالإسكندرية للتفتيش الدوري ولكنها كانت لبحث شكاوى أهالي سجناء برج العرب بعد أن تقدموا ببلاغات إلى المحامي العام تعرضهم للتنكيل وتعرض ذويهم لسوء المعاملة والتعذيب داخل ذلك السجن.

القانون بيقول إيه؟

جدير بالذكر أن إجمالي عدد السجون بجمهورية مصر العربية هو اثنان وأربعون سجنًا، تم إنشاؤها من البداية كسجون بالإضافة إلى مئات الأماكن الأخرى التي تُستخدم كأماكن احتجاز بموجب قرارات صادرة من وزراء الداخلية المتعاقبين، كمعسكرات الأمن المركزي، وأماكن الحجز الملحقة بأقسام الشرطة، والنقاط الشرطية وغيرها من الأماكن الأخرى. تُخضِع المادة 55 من الدستورالمصري السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي، ويُحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان، كما أن قانون الإجراءات الجنائية في مادته رقم (٤٢) أعطى الحق "لكلٍّ من أعضاء النيابة العامة ورؤساء ووكلاء المحاكم الابتدائية والاستئنافية، في زيارة السجون العامة والمركزية الموجودة في دوائر اختصاصهم، والتأكد من عدم وجود محتجز بصفة غير قانونية، والاطلاع على سجلات السجن وعلى أوامر القبض والحبس وأن يأخذوا صورًا منها، وأن يتصلوا بأي محبوس ويسمعوا منه أي شكوى يريد أن يبديها لهم، وتُقرِر الحق للنائب العام ووكلائه في دخول جميع أماكن السجن، في أي وقتٍ بقانون السجون بمادته رقم (٨٥)، وكذلك بقانون السلطة القضائية بمادته رقم (٢٧) حيث نصَّ على أن تتولى النيابة العامة الإشراف على السجون وغيرها من الأماكن التي تُنَفَّذُ فيها الأحكام الجنائية، ويحيط النائبُ العام وزيرَ العدل بما يبدو للنيابة العامة من ملاحظات في هذا الشأن. هذا فضلًا عن مراقبة ومراعاة ما تقضي به القوانين واللوائح، واتخاذ ما يرونه لازمًا بشأن ما يقع من مخالفات، وقبول شكاوى المسجونين وفحص السجلات والأوراق القضائية الخاصة، للتحقق من مطابقتها للنماذج المقررة".

وجاءت التعليمات العامة للنيابات بمادتها رقم ١٧٤٧ لتقرر وجوب قيام المحامين العامين أو رؤساء النيابات الكلية أو من يقوم مقامهم بتفتيش السجون العمومية التي تقع في دائرة اختصاص كل منهم، ووجوب أن يقوم رؤساء النيابات الجزئية أو مديروها بتفتيش السجون المركزية وأماكن الحجز التابعة لهم، مرة على الأقل في كل شهر وعلى نحو مفاجئ. لذلك كان من الضروري الاستمرار في التفتيش المفاجئ علي السجون شهريًّا، وبشكل دوري والإعلان عن نتائج هذا التفتيش للرأي العام في صورة تقرير شهري يصدر عن النيابة العامة عن أوضاع السجون في مصر تفعيلًا لدور وواجب النيابة العامة والجهات القضائية الدستوري والقانوني بالإشراف الكامل على السجون.