تتناول الورقة نماذج من أنظمة انتخابية مختلفة من حيث معايير تقسيم الدوائر وقارنته بالوضع في القانون المقضي بعدم دستوريته، وعرضت أيضًا المعايير الدولية ذات الصلة. وخلصت الورقة إلى عدة توصيات موجهة إلى اللجنة المعنية بتعديل القانون وإلى الأحزاب والسياسيين المشاركين في الحوار المجتمعي الذي يرعاه رئيس مجلس الوزراء.

وتدرك المبادرة المصرية مدى معاناة الحياة النيابية في مصر من التخبط الشديد في إدارة الانتخابات وصياغة التشريعات الحاكمة لتلك العملية، منذ عودة الانتخابات التعددية في منتصف سبعينيات القرن الماضي. وجاء حكم المحكمة الدستورية العليا ليؤكد هذا التخبط، وليكشف بشكل واضح فشل منظومة إدارة الانتخابات في مصر على مدى ما يقرب من 40 عامًا (1976-2015).

ولعل تاريخ البرلمانات المتعاقبة من برلمان 1976 وحتى برلمان 2011 يلخص بدقة هذا الفشل: عشرة برلمانات خلال 35 عامًا، حلت المحاكم 3 برلمانات (1984، 1987، 2011)، حُلَّ برلمانان سياسيان (1976، 2010)، وقضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون الانتخابات المنشئ لبرلمانيين آخرين بعد انتهاء مدتهما (1990، 1995).

وتبقى مهمة إعادة بناء النظام الانتخابي المصري على أسس مهنية وتوافقية مطروحة على الساحة السياسية المصرية، ويظل نجاحها مرهونًا بألَّا يسعى من خلالها هذا الطرف أو ذاك إلى تحقيق مكاسب سياسية آنية تعصف بالعملية الديمقراطية برمتها، وتحرم الحياة السياسية المصرية من تراكم الخبرات ومن السعي نحو تجذير القيم الديمقراطية.