أظهر تحليل كامل مخصصات موازنة 2014-2015 لمشاريع الإسكان التي تتبناها الدولة أن الحكومة غير معنية بمساندة ودعم الفقراء في تحقيق حقهم في مسكن ملائم كما نصت عليه المادة 78 من دستور مصر، طبقاً لدراسة تحليلية أصدرتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

و تظهر ورقة سياسات الإسكان رقم 3 ـ تحليل موازنة مشاريع الإسكان لعام 2014-2015 ـ أنه من المرجح أن تنحصر استفادة الفقراء من مخصصات دعم الإسكان في الموازنة بنسبة لا تتعدى الـ0.5%. تتوجه هذه النسبة الضئيلة من المخصصات لإنشاء وحدات الأولى بالرعاية بـ "مشروع الإسكان القومي"، المعروف بـ "إسكان مبارك"، وهي وحدات صغيرة ذات مساحة 42 مترًا، وهي غير ملائمة للسكن العائلي. الجدير بالذكر أن هذا المشروع كان من المفترض أن ينتهي في العام المالي 2011-2012، ولكنه لسبب ما لا يزال مستمراً.

أما باقي الاستثمارات، فطرق تخصيص الوحدات للفقراء بها مبهمة، أو مجحفة، كما أن المشاريع التي قد تخصص لهم فيها، بها أخطاء فنية تمنع الاستفادة بها. وتكمن المشكلة الحقيقية في أكبر برامج الإسكان التي تتبناها الحكومة، وهو "البرنامج القومي للإسكان الاجتماعي"، الذي تم تخصيص 9.5 مليار جنيه له لتغطية ثلاثة مشاريع به، وهي: " مشروع الإسكان الاجتماعي"، المعروف بـ"المليون وحدة"، وهو عبارة عن وحدات سكنية جاهزة وموجه إلى محدودي الدخل، و"مشروع الإسكان العائلي”، وهو عبارة عن قطع أراضٍ صغيرة لمتوسطي الدخل، ومشروع يوفر قطع أراضٍ للقادرين، وهو "مشروع بيت الوطن”. فلا يوجد تقسيم في الميزانية للإنفاق على هذه المشاريع الثلاثة، كل مشروع على حدة، مما يحجب حجم الإنفاق الفعلي على "مشروع الإسكان الاجتماعي" لمحدودي الدخل وحده، مما يثير الشك حول مزاعم الحكومة بأن مخصصاته "تسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين". فالبرنامج المخصص له هذه المليارات يخدم متوسطي الدخل وذوي الدخول فوق المتوسطة والأغنياء، وكل ذلك حسب تعريف الخطة للمشروع.

و رغم إعتزام وزارة الإسكان، وفق بروتوكول تعاون بينها و بين الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بناء 100 ألف وحدة سكنية، إلا أن 50 ألف وحدة فقط من هذا الإجمالي هي التي أدرجت في الميزانية تحت بند "مشروع الإسكان الاجتماعي". و لكن لا يوجد بند واضح أو خطة للـ50 ألفًا الأخرى، الذين سيخصصون لمتوسطي الدخل؟

كما أن نظام تخصيص وحدات "مشروع الإسكان الاجتماعي" بالتمويل العقاري يحرم نحو نصف المصريين، وهم النصف الأفقر، من حيازة هذه الوحدات. فالتمويل العقاري، مثل أي نظام للإقراض، يضع حدًّا أدنى لدخل المستفيد، الذي لا يتعدى 25% من الدخل الشهري للأسرة. فأقل قسط لوحدة المشروع ذات مساحة الـ 75 مترًا، هو 480 جنيهًا، فيجب أن يكون دخل المتقدم 1920 جنيهًا شهريًّا، أو نحو 23 ألف جنيه سنويًّا. ومع مقارنة هذا الدخل بمستويات الدخل حسب بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2012-2013، يتضح أن الأسر التي يتم وصفها بمحدودي الدخل، ما هي إلا أسر ذات دخل متوسط وليست الأسر الفقيرة، ما معناه أن ما يوصف بمتوسطي الدخل هم من أصحاب الدخول فوق المتوسطة. (للمزيد عن هذا التحليل راجع ورقة سياسات الإسكان رقم 1، شروط الإسكان الاجتماعي).

أما من حيث الدعم، فيظهر الغياب التام للاهتمام بالدعم المالي للإسكان، حيث أن إجمالي قيمة الدعم ما بين المخصص النقدي أو المخصص لقرض التمويل العقاري أو دعم فائدة القروض الميسرة، هو1.4 مليار جنيه، بما يمثل فقط 0.6% من بين جملة مخصصات الدعم بموازنة 2014-2015 والمقدرة بـ 229.6 مليار جنيه. هذا بالإضافة إلى توجيه معظم هذا الدعم الضئيل إلى فئات الدخل المتوسطة فما أعلى، مع استفادة لا تذكر للفقراء لأنه موجه إلى وحدات التمويل العقاري.

تخلص الدراسة إلى أن البيان المالي لموازنة 2014-2015 والخطة الاقتصادية يظهران بوضوح الخلل التام في سياسة كفالة الدولة لحق المواطنين في مسكن ملائم. فهناك أكثر من مشروع يتم تنفيذه، منه ما كان من المفترض أن يُنتهى منه بالفعل، ولكنه مستمر لعدم إنجازه مثل مشروع "إسكان مبارك"، ومنه ما لا يظهر له ملامح واضحة، وبخاصة مشاريع الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، ومنه ما يعد بما لا يمكن أن يوفيه، مثل مشروع "الإسكان الاجتماعي" المعروف بـ “المليون وحدة”.

للتعرف على مقترحات المبادرة المصرية بخصوص توجيه هذه الاستثمارات والدعم للفقراء، الرجاءً الاطلاع على ورقة سياسات الإسكان رقم 2، مقترح لسياسة الإسكان بمصر

 

للاطلاع: اضغط هنا