albedaiah.com

الصحافة ليست جريمة: أطلقوا سراح الصحفي عمر عبد المقصود ...أوقفوا العقاب الجماعي ﻷسرته

بيان صحفي

7 فبراير 2016

قضى الصحفي عمر عبد المقصود وأخواه إبراهيم و أنس 21 شهرًا حبسًا احتياطيًّا منذ القبض عليهم في أبريل ٢٠١٤ بسبب عمل عمر كصحفي. ورغم صدور قرارات بإخلاء سبيلهم وبراءة في قضية تجمهر أخرى لفقت لهم في أثناء اختفائهم قسريًّا، فإن الإخوة الثلاثة ما زالو محبوسين احتياطيًّا على ذمة قضية حرق سيارتين وستكون الجلسة القادمة فيها يوم 21 فبراير 2016. وكانت قوات الشرطة قد قبضت أيضًا على والدهم علي عبد المقصود في أثناء قيامه بزيارة ابنيه في سجن جمصة بمحافظة الدقهلية يوم ٩ يناير ولكن نيابة بلقاس أصدرت قرارًا بإخلاء سبيله يوم ١ فبراير و تم إخلاء سبيله بعدها بثلاث أيام. .

معاناة عائلة عبد المقصود تأتي ضمن سلسلة من الانتهاكات ضدهم كعقاب جماعي على عمل عمر الصحفي.

تطالب المبادرة المصرية بإطلاق سراح المصور الصحفي عمر عبد المقصود وأشقائه إبراهيم و أنس، وتطالب النيابة بالتحقيق في بلاغات ووقائع التعذيب والاختفاء القسري التي تقدمت بها اﻷسرة و نقابة الصحفيين، ومحاسبة المتورطين فيها بدلًا من التنكيل بالضحايا. كما تطالب المبادرة البرلمان بتعديل نص المادة 92 بحيث لا تسمح بالتعسف في القبض على الأهالي في أثناء الزيارة والاكتفاء بمنع إدخال الأشياء الممنوعة التي لا تمثل حيازتها جريمة.

بدأت الانتهاكات في 19 فبراير 2014 باحتجاز عمر في أثناء تغطية صحفية كان يقوم بها لصالح عمله لموقع مصر العربية، واتهامه بالعمل لدى قناة الجزيرة والبث المباشر لها. وتم إخلاء سبيله في 11 مارس بعد 20 يومًا احتجازًا. وبعدها بحوالي شهر، في فجر 14 أبريل 2014 تم مداهمة منزل اﻷسرة بمدينة ميت غمر التابعة لمحافظة الدقهلية والقبض على عمر وأخيه إبراهيم، وفي اليوم التالي تم معاودة المداهمة والقبض على الشقيق اﻷصغر أنس ذي الستة عشر عامًا.

وقالت الحاجة منال والدة عمر للمبادرة المصرية أن القوة اﻷمنية عندما داهمت المنزل كانت تسأل عن عمر شخصيًّا، وكان أنس وإبراهيم نائمين في الغرفة اﻷخرى. ودخل الضباط والجنود عليهم لكنهم تركوهم ﻷنهم كانوا يبحثون عن عمر ومع إيقاظ إبراهيم واستفساره عما يحدث قاموا بالقبض عليه أيضًا. ووفقًا لشهادة الحاجة منال فقد ضمت القوة اﻷمنية رئيس المباحث بنفسه وعندما سألت عن التصريح الرسمي أو إذن النيابة صرخ فيها قائلًا "إنت هتعرفينا شغلنا؟" واشتكت الحاجة منال من سرقة العديد من ممتلكات اﻷسرة من قبل قوة الشرطة من أجهزة كمبيوتر، وماكينة حلاقة، إضافة إلى الاستيلاء على أنابيب البوتاجاز، بدعوى كونها أحرازًا. وعادت الشرطة في اليوم التالي 15 إبريل وداهمت المنزل مرة أخرى وقاموا بالقبض على شقيقهم الثالث الطفل اﻷصغر أنس ذي الستة عشر عامًا وقتها.

تلفيق القضايا:

و أمرت النيابة بحبس الأشقاء الثلاثة بتهمة حرق سيارتين مملوكتين لمواطنين من القائمين على حملة جمع توقيعات لترشيح المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية حينها، وذلك وفقًا للقضية رقم 2989 لسنة 2014 جنايات قسم مركز ميت غمر، والمقيدة برقم 2443 لسنة 2014. كلي جنوب المنصورة وذلك بالرغم من إصدار الموقع الصحفي الذي يعمل به عمر بيانًا رسميًّا يثبت تواجد المصور الصحفي عمر في تاريخ وقوع حوادث الحرق في عمله بالقاهرة، واستمر احتجاز الثلاثة إخوة عمر وإبراهيم وأنس في قسم ميت غمر. وفي كل جلسة تجديد كان يجدد لهم الحبس الاحتياطي.

في 11 سبتمبر 2014 قررت محكمة جنايات المنصورة إخلاء سبيل الإخوة الثلاثة بكفالة خمسة آلاف جنيه لكل واحد منهم. وقد واجهت اﻷسرة تضييقات وتعجيز لمحاولتهم دفع الكفالة وفقًا لزوجة عمر، والتي أكدت رفض مأمور القسم قبول الكفالة مدعيًّا أن عمر وإخوته إرهابيون ولن يقوموا بالإفراج عنهم إلا وقتما يشاء هو. وتمكنت بعد محاولات عدة وضغط من سداد المبلغ كاملًا بخزينة النيابة العامة يوم 13 سبتمبر. ووفقًا لزوجة عمر، أمنية مجدي، فإنهم ذهبوا ليلتها بعد استكمال الإجراءات متوقعين خروجهم إلا أن القسم أبلغهم أنه لن يتم إطلاق سراحهم وقتها. وعندما ذهب والدهم إلى قسم الشرطة في صباح اليوم التالي ١٤سبتمبر قال له رئيس المباحث إن الأولاد الثلاثة كانوا قد خرجوا من القسم الليلة الماضية. حاول الوالد أن يعرف مكان أبنائه ولكن القسم رفض إعطاءه أي معلومات.

تعرض الإخوة عمر، وإبراهيم وأنس للاختفاء القسري من ليلة ١٣ سبتمبر حتى ٢١ سبتمبر عندما نقلوا إلى قسم السنبلاوين واستطاعوا الاتصال بالعائلة.

و أمرت النيابة يومها بحبسهم على ذمة قضية ثانية تم تلفيقها للإخوة الثلاثة بتهمة تظاهر وقعت أحداثها يوم 20 سبتمبر وفقًا لمحضر الشرطة، محضر 22042 لسنة 2014 جنح السنبلاوين، أي خلال فترة إختفائهم القسري من قبل وزارة الداخلية. واستمر حبسهم احتياطيًّا في قسم السنبلاوين.

وحكمت محكمة السنبلاوين في 21 فبراير 2015 بالسجن عامين لكل من عمر وإبراهيم وإحالة الطفل أنس لعدم اختصاص المحكمة. ولكن قام محامي الإخوة الثلاثة بالاستئناف على الحكم، و حكمت محكمة استئناف السنبلاوين في يوم 16 مايو 2015 بالبراءة لعمر وإبراهيم، وفي 7 يناير 2016 نال الشقيق اﻷصغر أنس البراءة في تلك القضية أيضًا.

وبالرغم من حكم البراءة في قضية التظاهر فقد استمر حبس الإخوة الثلاثة في قضية حرق السيارات اﻷولى، وبعد صدور حكم غيابي عليهم بالسجن المؤبد خمسة وعشرين عامًا من محكمة المنصورة في 19 يناير 2015، وبالرغم من عدم وجود أي دليل على كونهم وراء تلك الجنحة، ومن كونهم في الحبس أصلًا وليسوا هاربين فقد حكم عليهم غيابيًّا. وتم إعادة الإجراءات في الحكم الغيابي بالمؤبد في قضية حرق السيارات.

وكانت أولى جلسات إعادة المحاكمة في 15 مارس 2015 أمام نفس الدائرة. ومنذ 2 مايو 2015 وحتى الآن يتم تأجيل الجلسات. وكان آخر تأجيل في يوم 22 نوفمبر 2015، وتم تأجيلها إلى جلسة 21 فبراير 2016.

التعذيب وظروف الاحتجاز:

وقد تعرض اﻷشقاء الثلاثة لتعذيب قاسٍ وسوء معاملة، طيلة قرابة العامين من احتجازهم في منتصف أبريل 2014، بداية من احتجازهم اﻷول في قسم ميت غمر، إذ قام أفراد وضباط من القسم بخلع أظافر عمر وضربه في مختلف أنحاء جسمه المختلفة وكسرت ساعة يده وهي في معصمه من الضرب عليها.

ووفقًا لزوجة عمر فقد قام أفراد من الشرطة بقسم ميت سلسيل منذ نقلهم إليه واحتجازهم هناك في 2 يونيو 2014 بإجبار الإخوة الثلاثة على أن يزحفوا على بطونهم عراة، والسير على أرجلهم وظهورهم في أثناء زحفهم والتبول عليهم، وضربهم بخراطيم مياه. وعلى إثر ذلك قام عمر بالإعلان عن الإضراب الكلي عن الطعام كمحاولة لوقف التعذيب الممنهج في يوم 5 يوليو 2015. وذلك على الرغم من تعريض ذلك الإضراب صحته للخطر، مع مشاكل ضعف عضلة القلب لديه. وبعد خمسة أيام كاملة قرر كسر الإضراب بعد وعود من مأمور القسم بوقف التعذيب وصنوف سوء المعاملة وعدم تكرارها. وقد تكرر التعذيب للمرة الثالثة بعد ترحيل الإخوة من قسم جمصة إلى مركز شرطة ميت غمر في 6 سبتمبر 2015.

و في يوم 6 سبتمبر 2015 دخل ضباط من المباحث زنزانة عمر وأخذوا دواء القلب والأعصاب الخاص به. وحينما حاول عمر إبداء اعتراضه، مُنعت عنه الزيارة هو وإخوته إبراهيم وأنس. وبعدها فوجئ بـ 6 من مخبري المباحث و3 ضباط يفتحون عليهم باب الزنزانة وانهالوا عليهم ضربًا، ودهسوهم بالأحذية وبخاصة إبراهيم الذي طرحوه أرضًا ودهسوا على رقبته بأحذيتهم. وتعرض عمر للإغماء وفقد الوعي حينها، وقد تقدمت زوجة عمر -أمنية مجدي ببلاغ للنائب العام يطالب بالتحقيق في تلك الوقائع، كما تقدمت نقابة الصحفيين ببلاغ آخر طالبت فيه بالتحقيق مع رئيس مباحث قسم ميت غمر في وقائع تعذيب الصحفي عمر وإخوته.

وعانى الطفل أنس من تداعيات صحية خطرة إثر تضاعف إصابته بروماتيزم القلب وفقًا لتقرير الإدارة الصحية في دكرنس، لمأمور القسم في 17 يونيو 2015، وقد تم وصفها بأنها آثار التهابات روماتيزمية قديمة في التقرير لكن والدة عمر أبلغتنا بأنه لم يعانِ من هذه اﻷعراض من قبل، وأنها نتيجة سوء المعاملة والتعذيب في أثناء الاحتجاز. وكذلك عمر الذي كان يعاني من مشاكل في عضلة القلب من صغره، وتم إعفاؤه من فترة التجنيد الإلزامي لعدم "لياقته الطبية". وقد تعرض لمضاعفات خلال فترة احتجازه التي قاربت عامين الآن. وعلى إثرها ذكر مكتب صحة السنبلاوين في تقرير طبي عن حالة عمر بعد إجراء الكشف الطبي الظاهري عليه في 14 إبريل 2015 أن لديه أعراض ذبحة صدرية وطالب بإحالته إلى مستشفى السنبلاوين. وتؤدي ظروف الاحتجاز السيئة والتعذيب إلى مضاعفة سوء حالتهم الصحية.

وكان عمر يستعد لعمل حفل زفافه إلى زوجته أمنية، بعد أن قاما بعقد قرانهما قبل حبسه. ويتكلف السفر لعمل محاولة لزيارة كل من عمر وإبراهيم في سجن جمصة 3 ساعات سفر من منزلهم. والطفل اﻷصغر أنس قد تم إحالته إلى قسم ميت غمر لتأدية امتحاناته الثانوية مؤقتًا، ويجرى احتجازه في مركز دكرنس لرعاية اﻷحداث.

انتهاك لحق الزيارة:

وقد تم منع الزيارة عن عمر وإبراهيم من تاريخ القبض على والدهم في أثناء محاولة زيارتهم في 9 يناير، وقد حاولت أختهم مروة في اليوم التالي زيارتهم، إلا أن أحد الضباط على بوابة السجن منعها، وإزاء طلبها مجرد إدخال المأكولات والبطاطين، رفض طلبها، وهددها بالقبض عليها أيضًا.

منع الزيارة عن الابنين طوال تلك الفترة يتعارض مع ما جاء بالقاعدة رقم 43 من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد مانديلا) والتي تنص على أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تصل القيود أو الجزاءات التأديبية إلى حد التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة. ولا يجوز أبدًا أن تستخدم أدوات تقييد الحرية كعقوبة تأديبية. فلا يجوز أن تتضمن الجزاءات التأديبية أو تدابير التقييد منع السجناء من الاتصال بأسرهم ولا يجوز تقييد سبل الاتصال الأسري إلا لفترة زمنية محدودة وفي أضيق حدود لازمة لحفظ الأمن والنظام.

خلال زيارة الوالد والوالدة الحاجة منال إبراهيم الدورية لابنيها يوم ٩يناير وبعد دخولهم من بوابة السجن الخارجية ومرورهم من جهاز كشف المعادن وخضوعهم للتفتيش الذي لم يسفر عن اكتشاف وجود أية ممنوعات قام أحد الضباط بتوقيف الأب داخل المرحلة الثانية من التفتيش داخل السجن واتهمه بمحاولة إدخال موبايل داخل إحدى الحقائب التي كانوا قد أحضروها لأبنائهم. وقالت الحاجة منال أن عساكر السجن طمأنوها بأن ضبط الهواتف المحمولة يتكرر وكل ما يحدث هو مصادرة الهاتف ومنع دخوله وغالبًا لا يتم تحرير محاضر. ولكن عندما حضر الضابط سأل الوالد عمَّن يقوم بزيارتهم وهل حالتهم جنائية أم سياسية؟ ومع إجابة الوالد بأن ابنيه محتجزان سياسيًّا، أصر الضابط على استمرار حجزه. واتهمه بمحاولة إدخال هاتف محمول، وهو ما نفاه في التحقيقات. أمرت نيابة بلقاس الاثنين 11 يناير 2015 بحبسه 15 يومًا بتهمة انتمائه إلى جماعة محظورة معتمدة على تحريات الأمن الوطني التي اتهمته بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين رغم إنكار عائلته أنه ينتمي إليها أصلًا.

تعسف في تطبيق القانون:

تعاقب المادة ٩٢ (١) من قانون تنظيم السجون "كل شخص أدخل أو حاول أن يدخل في السجن أو في أحد معسكرات السجون بأية طريقة كانت شيئًا من أشياء على خلاف القوانين واللوائح المنظمة للسجون"، بالحبس من ستة أشهر لثلاث سنوات ورفع مبلغ الغرامة بحيث لا تقل عن ألف جنية ولا تزيد على خمسة آلاف جنية. وكانت المادة قد تم تعديلها في أكتوبر ٢٠١٥ بالقرار بقانون رقم 106 لسنة 2015 لترفع العقوبة من ستة أشهو إلى الحد الأقصى للعقوبة. كما نرى أنه يجب على المشرع المصري تعديل نص المادة 92 من قانون تنظيم السجون بحيث تجرم فقط الأشياء الممنوع حيازاتها في كل الأحوال مثل السلاح والمخدرات بحيث لا تسمح بالتعسف الذي يحدث.