استمرار اختفاء سبعة صيادين قسرياً بالمخالفة للقانون

بيان صحفي

25 نوفمبر 2014

طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بفتح تحقيق عاجل ومستقل عن واقعة الهجوم على 4 مراكب صيد بدمياط، في يوم الثلاثاء الموافق11 من نوفمبر، في ظل غموض الظروف التي أحاطت بالواقعة وغياب معلومات عن مصير سبعة من الـ32 صيادًا، الذين تم اعتقالهم في أثناء الواقعة. كما طالبت المبادرة المصرية السلطات المختصة بالإفصاح عن أماكن احتجاز الصيادين السبعة، وعن التهم الموجهة إليهم، أو عن الإفراج عنهم إذا لم تُثبِت التحقيقاتُ وقوع أية جريمة يعاقِب عليها القانون. كما ينبغي السماح للمحتجزين السبعة بالتواصل مع عائلاتهم ومحامييهم، بموجب قانون الإجراءات الجنائية.

وعلى حسب التقارير الإعلامية، فقد كان 32 من صيادي عزبة البرج قد اختفوا في أعقاب اعتداء على لنش بحري في المنطقة، قرب منتصف ليلة 11 من نوفمبر. وقام باحث من المبادرة المصرية بزيارة المنطقة للتحقيق في الواقعة وإجراء المقابلات مع عائلات المحتجزين وزملائهم وقادة المجتمع المحلي. ووفق تحقيق المبادرة، تم آخر اتصال بين الصيادين وعائلاتهم قبل الاختفاء الساعة 11:30 من مساء الثلاثاء الموافق11 من نوفمبر، حينما اتصل قبطان أحد زوارق الصيد التي كانت على بعد 40 ميلًا بحريًّا (74 كيلو متر) من الشاطئ آنذاك بشقيقته، وأبلغها بهجوم قوة بحرية على الزوارق الأربعة. ومنذ ذلك الحين لم تتمكن العائلات من التواصل مع الصيادين، فيما عدا مكالمة هاتفية بعد أربعة أيام من الاختفاء.

وفي الصباح التالي للواقعة، أوحت تصريحات رسمية أدلى بها المتحدث العسكري بأن المداهمة ترتبط بـ"عمل إرهابي". كما كشفت التصريحات عن تغلب القوة البحرية على جماعة مسلحة على متن أربعة زوارق تم "تدميرها"، واعتقال 32 من "الإرهابيين". وجدير بالذكر أن تصريحات المتحدث العسكري لم تتطرق إلى مصادرة أية أسلحة.

وقد تم الإفراج عن 15 من الصيادين المحتجزين في اليوم الخامس بعد اعتقالهم، في يوم الأحد الموافق16 من نوفمبر، بدون اتهامات. وبعد 4 أيام أخرى تم الإفراج عن 10 إضافيين بدون اتهامات أيضًا. وما زال السبعة الباقون محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي دون وجه حق - فلم تتم إحالة أي من الصيادين إلى النيابة، في مخالفة لقانون الإجراءات الجنائية الذي ينص على إحالة أي محتجز إلى النيابة خلال 24 ساعة من اعتقاله. وباستثناء مكالمة واحدة أتيحت لبعض المحتجزين في اليوم الرابع من اختفائهم (السبت، 15 نوفمبر)، لم يتواصل أي من الصيادين مع عائلته أو محاميه. اتصلت العائلات بالعديد من مسؤولي الأمن الذين طمأنوهم. كما قام عدد من أقارب الصيادين بالتجمع بشكل يومي أمام مقر حرس السواحل في رأس البر حيث يتم تفتيش زوارق الصيادين قبل خروجها للبحر. ولم يتسنَ لباحثي المبادرة التواصل مع الصيادين المفرج عنهم لإجراء مقابلات، كما أفادت عائلاتهم بأنهم رفضوا مناقشة تفاصيل فترة الاحتجاز، حتى مع أقرب الأقارب، مخافة التنكيل بهم.

وتطالب المبادرة المصرية باتساع نطاق التحقيق ليشمل مزاعم سوء المعاملة التي تلقَّاها الصيادون المحتجزون، والإتلافات التي لحقت بعض زوارق الصيد. فعلى حسب الشهادات التي جمعتها المبادرة المصرية، تم أخذ مجموعة الصيادين من زوارقهم على أيدي القوات البحرية، وتمت تغطية رؤوسهم وتعصيب أعينهم وتعريضهم للضرب المبرح. وبعد ذلك نقلوا إلى قاعدة بورسعيد البحرية ثم وضعوا في طائرة عسكرية نقلتهم إلى جهة غير معلومة. وهناك تم استجوابهم بالمخالفة للقانون في غياب المحامين. ولم تتم إحالة الصيادين إلى النيابة العامة أو العسكرية، بحسب شهادات من أفراد عائلات الصيادين المفرج عنهم، وأصدقائهم الذين التقوا بهم بعد الإفراج. تم إطلاق سراح الصيادين الـ25 قرب ميدان رمسيس بالقاهرة، وقيل لهم إن بوسعهم العودة إلى دمياط (على بعد 200 كيلومتر من القاهرة) . ويقول العديد من أقارب الصيادين المفرج عنهم وأصدقائهم الذين التقوا بهم، إنه كانت تبدو عليهم آثار ظاهرة للإساءة البدنية الشديدة.

وادعى بعض من أدلوا بشهاداتهم للمبادرة المصرية أن قوات البحرية أحرقت اثنين من زوارق الصيد، وأغرقت الثالث، بينما تم نقل الرابع إلى قاعدة بورسعيد البحرية، بحسب زملاء الصيادين الذين استكشفوا المنطقة بعد الواقعة.

وتطالب عائلات الصيادين بالإفراج الفوري عن المحتجزين السبعة الباقين، وكذلك بجبر ما لحق بذويهم من أضرار، وبتعويض كافٍ عمَّا تم تدميره من ممتلكات الصيادين. وتُحمِّل المبادرة السلطات مسؤولية سلامة الصيادين السبعة المختفين من التعذيب وغيره من أشكال إساءة المعاملة ـ وهي الممارسة التي شاع توثيقها بحق المحتجزين، وبخاصة في حالات الإخفاء القسري.

وبينما تدرك المبادرة خطورة التهديد المتمثل في الاعتداءات الإرهابية المستمرة، على قوات الأمن ـ في أغلب الحالات ـ إلا أنها تشدد على مسؤولية الحكومة عن صيانة الحق الأساسي في الحياة وفي السلامة البدنية، لرجال الأمن وللمواطنين المشتبه في تورطهم في تلك الأعمال على السواء. وتدعو المبادرة الحكومة إلى إجراء تحقيقات مدققة ومحايدة ومستقلة في الواقعة، بغية محاسبة المسؤولين وتقديم تعويضات كافية، تشمل التعويض المالي لضحايا الاعتقال التعسفي والتعذيب وتدمير الممتلكات.

كما تأتي الواقعة وسط نمط متصاعد من الاختفاء القسري بأيدي قوات الأمن في حالات تتعلق بالإرهاب، ويصحبها معدل مثير للانزعاج من استخدام التعذيب وغيره من وسائل الإكراه بحق المحتجزين وفقًا لشهادات المحتجزين. وبإضافة ما سبق إلى التدهور المثير للانزعاج فيما يتعلق بسلامة الإجراءات، يصبح لزامًا على الحكومة أن تتخذ موقفًا يستعيد الثقة في نظام العدالة الجنائية المصري بما يضمن احترام الحقوق الدستورية لجميع المواطنين في الحياة، وفي السلامة البدنية من الأذى، وفي سلامة الإجراءات وعدالة المحاكمات.